من سيربح التريليون؟

سان فرانسيسكو – أعلنت مجموعة أبل عن نتائج مفاجئة في الربع الثاني من العام الحالي، أظهرت ارتفاع أرباحها بأكثر من 30 بالمئة لتصل إلى 11.5 مليار دولار، متفوقة على جميع توقعات الأسواق، رغم أن مبيعاتها لهواتف آيفون الذكية جاءت دون توقعات المحللين.
وعززت هذه الأنباء أسعار أسهم المجموعة لتقترب القيمة السوقية لعملاق التكنولوجيا من حاجز تريليون دولار، رغم انتزاع مجموعة هواوي الصينية المرتبة الثانية من أبل في السوق العالمية للهواتف الذكية الذي يشهد تنافسا شديدا.
وسجلت عوائد المجموعة في الفصل الثاني من العام ارتفاعا بنسبة 17 بالمئة لتصل إلى 53.3 مليار دولار مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، مدفوعة ببيع هواتف آيفون اكس الأغلى ثمنا من الأجهزة الأخرى، إضافة إلى ارتفاع مبيعات خدمات الإنترنت والأجهزة التي يمكن ارتداؤها.
وقال المدير التنفيذي تيم كوك في بيان الإعلان عن النتائج المالية “يسعدنا أن نعلن أفضل نتائج للمجموعة عن فصل ينتهي في يونيو على الإطلاق، وفصل رابع على التوالي تنمو فيه العائدات بنسبة تفوق 10 بالمئة”.
وأظهرت البيانات أن الشركة باعت 41.3 مليون جهاز آيفون في الفصل المنتهي في 30 يونيو، أي أقل بقليل من الرقم الذي توقعه المحللون وهو 42 مليونا.
وارتفع سهم عملاق التكنولوجيا ومقره سيليكون فالي، في بداية تعاملات أمس بأكثر من 5 بالمئة ليتجاوز حاجز 200 دولار ويوسع فارق الأداء عن أسهم شركات التكنولوجيا المنافسة له في السباق إلى بلوغ القيمة السوقية حاجز تريليون دولار.
وقال دانيال إيفز رئيس أبحاث التكنولوجيا لدى مؤسسة جي.بي.أتش إنسايتس في مذكرة للمستثمرين إن “مجموعة أبل أعطت أخيرا لبورصة وول ستريت والمستثمرين في قطاع التكنولوجيا بعض الأخبار الجيدة متفوقة على التوقعات بشأن عوائدها مع توقعات متفائلة بأن تكون نتائج الربع الثالث من العام أقوى من ذلك”.
وتنفرد أبل بذلك بأداء جيد بين أسهم التكنولوجيا للشركات الكبرى التي تراجعت بشكل كبير في الأسبوعين الماضيين بسبب قيود تنظيمية خاصة في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وبلغت القيمة السوقية للشركة أمس نحو 966 مليار دولار. ومن أجل أن تصبح أبل أول شركة مسجلة في البورصة تتجاوز قيمتها حاجز تريليون دولار فإن أسهمها تحتاج فقط إلى الارتفاع بنسبة تقل عن 4 بالمئة فقط.
وكانت شركة أمازون للتجارة الإلكترونية قد قلصت الفجوة مع أبل قبل أسبوعين إلى أقل من 40 مليار دولار. وبدا أنها يمكن أن تنافسها في السباق إلى حاجز التريليون دولار، لكن الفجوة عادت للاتساع لتصل أمس إلى نحو 100 مليار دولار.
وفي ظل الأداء الحالي للشركتين وتوقعات المحللين، أصبح من شبه المؤكد أن تتجاوز أبل ذلك الحاجز، خاصة إذا حمل مؤتمرها السنوي في سبتمبر مفاجآت ترضي الأسواق على صعيد المنتجات الجديدة.
ويترقب المحللون معرفة إجراءات تصدي المجموعة للتوتر التجاري بين الولايات والصين، حيث تملك نشاطا كبيرا.
وتشمل الحروب التجارية التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية بقيمة 25 بالمئة على ما قيمته 34 مليار دولار من السلع الصينية، مع ترقب فرض رسوم على المزيد من السلع، ورسوم جمركية مرتفعة على واردات الصلب والألمنيوم، وهو ما دفع بكين وسواها للرد بفرض رسوم على سلع أميركية.
وقال كوك إن منتجات مجموعة أبل لم تتأثر مباشرة حتى الآن بمناوشات الحروب التجارية، وإنها تدرس إجراءات ترامب الأخيرة.
وأكد أن “موقف أبل بشأن الرسوم هو أنها تنعكس كضريبة على المستهلك وتؤدي في نهاية المطاف إلى نمو اقتصادي أضعف، وأحيانا يمكنها أن تتسبب بمخاطر كبرى لها عواقب غير مقصودة”.
وأضاف أن “أبل مع ذلك متفائلة بأن المسألة ستتم تسويتها. هناك معاملة بالمثل لا مفر منها بين الولايات المتحدة والصين تجمع بين البلدين مثل عامل مغناطيسي: لا يمكن لأحدهما أن يزدهر إلا إذا ازدهر الآخر”.
ومن المتوقع أن تكشف الشركة عن هواتف آيفون جديدة في الخريف المقبل، عملا بعادتها في إطلاق نماذجها الأحدث قبيل انطلاق فترة التسوق قبل أعياد الميلاد ورأس السنة.
وعموما شهدت مبيعات آيفون في الربع الثاني من العام استقرارا، حيث أن هواة هذه الهواتف قاموا إما بشراء أجهزة في الأشهر السابقة أو ينتظرون الموديلات الجديدة في الأشهر القادمة.
ومع ذلك فإن متوسط سعر آيفون ارتفع خلال الفصل الماضي مع اختيار المتسوقين نموذجي آيفون 8 أو آيفون اكس الأغلى ثمنا من جميع الإصدارات السابقة.
وقال كوك “إذا نظرنا إلى الأجهزة الأغلى ثمنا ككل، فإنها تنمو بشكل جيد جدا. جهاز آيفون اكس يثبت أنه سلعة جيدة، هناك عدد من الأشخاص الذين يرغبون بشرائها ويمكن أن تكون تجارة جيدة جدا”.
لكن الأخبار الجيدة شهدت انتكاسة طفيفة بعد صدور أرقام تظهر أن مجموعة هواوي الصينية انتزعت من أبل المرتبة الثانية في سوق الهواتف الذكية الذي شهد منافسة حامية في الفصل الثاني من العام الحالي.
وبقي العملاق الكوري الجنوبي سامسونغ مصنع الهواتف الذكية الأول بعد أن باع خلال تلك الفترة 71.5 مليون جهاز، فيما باعت هواوي 54.2 مليون جهاز، بحسب مؤسسة آي.دي.سي لرصد سوق الهواتف النقالة في العالم فصليا.
وسمحت الأجهزة التي باعتها أبل في الخارج والبالغة 41.3 مليون جهاز، للمجموعة بالاستحواذ على 12.1 بالمئة من السوق العالمي مقارنة مع 20.9 بالمئة لسامسونغ و15.8 بالمئة لهواوي.
وهذه المرة الأولى منذ مطلع 2010 التي لم تتربع فيها أبل في إحدى المرتبتين الأوليين في سوق الهواتف الذكية، بحسب بيانات آي.دي.سي.
وتمكنت أبل من التألق رغم الضرر الذي لحق بصورتها وخاصة مع اتهامها بالإسهام في إدمان الشبان على الهواتف الذكية وإبطاء أداء الموديلات القديمة من هواتفها بهدف التحفيز على تحديثها، وتجنب دفع الضرائب بإيداع أموال في جنات ضريبية.
ولطالما شددت أبل على تزايد عائداتها من بيع الموسيقى والتطبيقات والألعاب والاشتراكات والخدمات التي تبيعها لمستخدمي أجهزتها. وتعد عوائد الخدمات عنصرا مهما للتنويع والابتعاد عن الاعتماد بشكل كبير على بيع هواتف آيفون.
وقال كوك إن عدد مستخدمي أجهزة أبل يتزايد وأن ذلك يبشر بمواصلة تعزيز النمو القوي في قطاع خدمة الموسيقى التدفقية والمحفظة الرقمية ومتجر “آب.ستور” للتطبيقات.
وأضاف “شعورنا رائع بشأن خدماتنا الحالية ونحن في غاية التفاؤل إزاء مشاريعنا المتعلقة ببعض الخدمات الجديدة أيضا”.