من القمة إلى الخلاف والآن التغيير: رينو ونيسان تعيدان تشكيل التحالف

باريس/طوكيو - اتفقت مجموعة رينو الفرنسية لصناعة السيارات وشريكتها اليابانية نيسان الاثنين بعد ماراثون طويل من المفاوضات على إعادة ضبط شاملة لتحالفهما، الذي دام عقدين من الزمن، ما سيضعهما على قدم المساواة.
ومن المتوقع الإعلان عن الاتفاق، الذي سيقره بصورة رسمية مجلسا إدارة الشركتين مطلع الأسبوع المقبل في لندن.
والشراكة، التي نمت لتشمل شركة ميتسوبيشي موتورز، تأسست في عام 1999، وسيطر عليها لفترة طويلة الرئيس التنفيذي السابق لرينو ونيسان كارلوس غصن.
ومُنحت نيسان منذ تشكيل التحالف 15 في المئة من أسهم رينو، على قدم المساواة مع الدولة الفرنسية، لكن دون حقوق تصويت.
وعلى النقيض من ذلك، استحوذت رينو، التي دخلت في سباق لإنقاذ نيسان في ذلك الوقت، على 43 في المئة من حليفها الياباني، مما أعطى الفرنسيين دورا مهيمنا لطالما كان موضع خلاف.
ودخل التحالف في حالة اضطراب بعد اعتقال غصن بتهم تتعلق بسوء السلوك المالي في أواخر عام 2018 وإقالته لاحقا من منصبه، وفراره في ما بعد إلى لبنان، ليبدأ منذ ذلك الحين صراع في الكواليس بشأن إعادة الهيكلة.
وذكر بيان مشترك أن “الهدف هو تعزيز روابط التحالف مع التزام بالمحافظة على الحصص وبتحديد سقف مساهماتهما”.
ولن تبيع رينو على الفور أسهمها في نيسان والبالغة نحو 28.4 في المئة لأن قيمتها في السوق حاليا أقل بكثير من تلك المسجّلة في حساباتها.
ولتجنب الانخفاض الهائل في قيمتها، ستوضع هذه الحزمة في صندوق ائتمان، مقره فرنسا، وسيتم “تحييد” حقوق التصويت المرتبطة بهذه الأسهم لمعظم القرارات، بحسب البيان.
ومر التحالف بفترات متقلبة بسبب تسريح الموظفين، وتقليص نفقات نيسان لخفض الخسائر، التي بلغت 20 مليار دولار، واستطاع تجاوز المشاكل. وتمكنت الشركة اليابانية من تسجيل الأرباح، ليصبح التحالف أحد أبرز المنافسين في السوق من حيث المبيعات.
وكان ملف رينو - نيسان على جدول أعمال محادثات جرت منتصف يناير الجاري في العاصمة باريس بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا.
وقبل ذلك، كشفت مصادر مطلعة على الصفقة أن بريدا أرسله وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير إلى نظرائه في وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة اليابانية، كان حاسما لاستكمال طمأنة بعض المسؤولين الإداريين المستقلين في نيسان حول نوايا باريس.
وخلال اجتماع لمجلس إدارة نيسان في السابع عشر من يناير الجاري، أعطى المدراء المستقلون للمجموعة اليابانية المصنّعة للسيارات “ضوءهم الأخضر” لإتمام الصفقة.
وشملت المفاوضات بين الشركتين المستمرّة منذ أشهر، أجزاء عديدة مترابطة، وهو ما جعل العملية معقدة بشكل خاص. وقالت مصادر مطلعة إن مشاركة التكنولوجيا ظهرت في أكتوبر الماضي كنقطة شائكة بين رينو ونيسان.
والآن، تنوي المجموعة الفرنسية التي كشفت في نوفمبر الماضي عن هيكليّتها المستقبليّة المؤلفة من خمسة أقطاب، تخفيض رأس مالها في نيسان إلى 15 في المئة.
وللمرة الأولى منذ إنشاء التحالف، ستكون المجموعتان متساويتين من حيث الحصص، إذ ستملك كل واحدة 15 في المئة من رأس مال الأخرى، إضافة إلى العدد نفسه من حقوق التصويت.
وينظر الطرفان إلى إعادة التوازن هذه كأداة لتطبيع العلاقات بينهما وجعلها أكثر فعالية، بعد أن مرّت بتوترات شديدة خلال السنوات الأخيرة.
وفي طوكيو لم يكن من السهل تقبّل طريقة إدارة غصن “الاستبدادية” للشركة وتدخل الدولة الفرنسية في شؤون رينو منذ بضع سنوات، خصوصا مع مشروعها السابق لدمج المجموعتين.
ورأى تاكيشي مياو المستشار في قطاع السيارات لدى كارنوراما جابان مؤخرا أن “التوصل إلى مساهمات متقاطعة بنسبة 15 – 15 في المئة مع شروط متساوية، سيكون أمرا مهما جدا ومفيدا للثقة بين المجموعتين”.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مياو قوله “قد يدفع ذلك نيسان إلى اتخاذ المزيد من المبادرات في التحالف”.
رينو لن تبيع على الفور أسهمها في نيسان والبالغة نحو 28.4 في المئة لأن قيمتها في السوق حاليا أقل بكثير من تلك المسجّلة في حساباتها
وسيوضع 28 في المئة من رأس مال نيسان، وهي النسبة التي تريد رينو بيعها، في صندوق ائتمان في البداية، لأن قيمتها في السوق حاليا أقلّ بكثير من تلك المسجّلة في حسابات المجموعة الفرنسية التي ستنتظر فرصا أفضل لبيعها، وبشكل تدريجي على الأرجح.
وستستحوذ نيسان أيضا على ما يصل إلى 15 في المئة من شركة أمبير، القطب الكهربائي لرينو، الذي يُفترض أن يتم إدراجه في البورصة في النصف الثاني من العام الجاري.
ولا يزال ينبغي تحديد المبلغ الذي ستستثمره نيسان والتقنيات التي ستقدّمها لأمبير، لكنّ ذلك لم يعد عائقا لعرقلة التوصل إلى الصفقة الجديدة.
وتبدو المجموعة اليابانية “متحمّسة” للانضمام إلى هذا الكيان، إذ أنها تسارع هي أيضا للخوض في مجال السيارات الكهربائية.
وقال مياو إن “نيسان تملك تقنيات كهربائية جيّدة، أفضل من رينو”، مكرّرا رأيا يتمّ تشاركه على نطاق واسع في اليابان.
لكن مع ذلك، فإن رينو لديها سوق للسيارات الكهربائية في أوروبا إحدى مناطق العالم حيث تُعتبر آفاق هذا المجال حاليا واعدة جدا، ما يشكل عامل جذب لنيسان.
وفي ما يخصّ هورس، القطب الذي يضمّ في الخارج أنشطة رينو في مجال المحرّكات الحراريّة مع مجموعة جيلي الصينية لصناعة السيارات، لم تعد لدى نيسان اعتراضات منذ أشهر.
وكانت قد فُرضت قيود على استخدام بعض تقنياتها لتجنّب أن تدخل هذه الشركة الجديدة في منافسة مباشرة مع منتجاتها الخاصة.
