منقوشة الزعتر اللبنانية تأسر الفرنسيين

آلان الجعم يرى أن المنقوشة بمكوناتها القليلة والطازجة والبسيطة والمحلية الصنع تحرّك مشاعر الزبون.
الأربعاء 2021/06/02
منقوشة تؤكل على الفور

باريس - تخلّت العديد من المطاعم الفرنسية الراقية خلال جائحة كورونا عن لائحة طويلة من الأطباق التي درجت على تقديمها، مفضلة الاتجاه لتوفير مأكولات بسيطة من مختلف أنحاء العالم تتناسب مع الطلبات الخارجية وشهدت إقبالا كثيفا من الفرنسيين ومنها منقوشة الزعتر اللبنانية، والسو بيريك والمانتي من أرمينيا.

ووفّر آلان الجعم، الشيف الحاصل على نجمة من “ميشلان”، للباريسيين منقوشة الزعتر اللبنانية الشهيرة مستوحيا من جذوره وذكريات طفولته، ونجح بواسطتها في استقطاب عدد كبير من الزبائن.

وقال الطاهي، المولود في ليبيريا والذي نشأ في لبنان قبل أن تدفعه الحرب الأهلية إلى مغادرته، “عند بدء تفشي جائحة كوفيد، تلقيت صفعة. تغيّرت رؤيتي للطبخ: أحيانا يتطلب الأمر أشياء بسيطة لإسعاد الناس”.

وبعث الجعم مشروعه “صاج” الذي يقدم المنقوشة بسعر 4.9 يورو، حين كان مطعمه الراقي والمصنف بنجمة مغلقا خلال فترة الحجر.

وتفوح رائحة الزعتر المسخن على الصاج، ويقدّمها الشيف مع اللبنة والمخلّلات النباتية. وما يجعل الفرنسيين يُقبلون على المنقوشة أن تركيبة مكوّنات الزعتر الممزوج بزيت الزيتون، على بساطتها، توفّر نكهة غير معروفة في فرنسا.

ويكمن سرّ إقبال الفرنسيين على المنقوشة اللبنانية أيضا في العجين، الملائم تماما لصيغة الوجبات الجاهزة، في حين أن الوصفة التقليدية مصممة لتؤكل على الفور، مثل البيتزا.

ولاحظ الشاب العصامي، الذي يرى في والدته “أول وآخر شيف” وتعلم التقنيات باستخدام كتب الطبخ الفرنسية، أن المنقوشة “بمكوناتها القليلة والطازجة والبسيطة والمحلية الصنع” تحرّك مشاعر الزبون.

واللافت أن هذا المشروع الذي كان يفترض أن يكون مؤقتا، يستقطب المزيد من سكان العاصمة الفرنسية، فيما تدفع طوابير الانتظار في عطلة نهاية الأسبوع الطاهي إلى التفكير في توسيع “المفهوم” إلى أنواع أخرى كالشاورما أو الفلافل، مع أنه يستعد لإعادة فتح مطعمه الذي يحمل اسمه والذي توجه “ميشلان” عام 2018.

وقال “عملت للحفاظ على نجمتي، لكني أريد أيضا أن أسعد الناس بطريقة مختلفة”.

واعتمد ميكاييل بتروسيان نهجا مماثلا في عالم الكافيار الفاخر، إذ أن هذا الشيف الذي يمثل الجيل الثالث من عائلة تناقلت هذا المطبخ تاريخيا، علّق في أبريل الماضي المفهوم الأصلي لمطعمه العائلي الراقي في باريس لتقديم الأطباق الروسية الأرمنية التي كانت جدته تطبخها.

ووضع بتروسيان جانبا أطباقا مثل معجنات التالياتيلي بصلصة الكافيار، وغابت عن مطعمه مفارش المائدة البيضاء والطاولات لشخصين وحلّت محلها الأطباق التي يتشارك في تناولها عدد من الأشخاص وتتقاسمها العائلات مثلا، ومنها سو بيريك (لازانيا على الطريقة الأرمنية مع جبن الغنم) والمانتي (الرافيولي بمرق لحم البقر)، وفطائر بيروجكي والملفوف الأبيض المتبل أو المحشو.

وأوضح بتروسيان “لقد وجدنا أنفسنا جميعا في قيم التشارك هذه، وفي قيم الكرم التي لا تتماشى بالضرورة مع المأكولات الراقية التي كنا نقدمها سابقا”.

ويعتزم بتروسيان المضي في توفير هذا النوع من الأطباق “لمدة عام أو عامين”، ريثما تعود الأمور إلى طبيعتها بالكامل مع عودة السياح وزبائن الفنادق الكبيرة.

أما مطعم “مانكو” القريب من برج إيفل، وهو أحد أول المطاعم التي قدمت المأكولات البيروفية في باريس، فلا تزال طاولاته مقلوبة والأكواب مغطاة.

وبعدما وفّر خلال الجائحة وجبات جاهزة تتضمن السيفيش (سمك نيئ في ماء مالح) والمقالي، يعدّ الشيف روبن إسكوديرو للافتتاح الصيفي لمطعمه في سان تروبيه ويفكر في كيفية ابتكار صيغة جديدة للمطعم الباريسي.

ويرى الطاهي الإسباني، الذي عمل في “موغاريتز” في سان سيباستيان أحد أشهر المطاعم في العالم ثم في بيرو، أن باريس تفتقر إلى “هذا المطبخ غير المكلف وذي المكوّنات البسيطة” التي يسهل العثور عليها أكثر في ليما أو مدريد.

ولاحظ أن الأزمة الصحية التي دفعت الناس إلى “الذهاب إلى السوق واكتشاف المنتجات وتجهيز الطعام بأنفسهم”، أبرزت “الافتقار إلى الصدق في ما يتعلق بالمنتجات التي تستخدم في أطباق” بعض المطاعم.

وقال صياد السمك “في بيرو، يمكنك أن تأكل السيفيش في السوق عند زاوية الشارع بتكلفة زهيدة. الجميع يستطيع تحمل تكاليفه. إنه مطبخ شامل”.

وأشار إلى أن السمك الذي يصنع منه السيفيش يجب أن يكون فائق النضارة، ولذلك لجأ إلى تعديل الوصفة بما يتناسب مع تأخر وصول الأسماك، مما يشكّل حلا يسدّ هذه الثغرة.

----

 

24