منقبو النفايات في تونس يصارعون من أجل حياة أفضل

تونس – تعمل منظمة اجتماعية غير حكومية في تونس على تنظيم نشاط نابشي النفايات بتزويدهم بأحذية وقفازات وحقن مضادة للأمراض التي يمكن أن تصيبهم، وعلى تزويدهم ببطاقة راتب في محاولة لجعل عملية النبش مهنة حقيقية.
ويصعب تحديد الطريق المؤدية إلى مقر جمعية “البرباشة” وتعني منقبي النفايات، في منطقة حي التضامن الشعبية حيث ينشط منقبو النفايات بطريقة غير رسمية وسط انتشار عشوائي للبنايات.
وتتناثر القوارير البلاستيكية داخل محل جمع القمامة المطلي بالأبيض والأخضر، ويحتوي فقط على ميزان صناعي وآلة لتدوير البلاستيك للقيام بالعمل.
وأنشئت الجمعية بمبادرة من منظمة “إنترناشيونال الرت” غير الحكومية ودشنت أولى نقاط التجميع في ديسمبر الماضي، وهي تدير نشاط نحو 75 منقبا عن القمامة ويترأسهم مدير، وهمّها الوحيد هو تحسين بيئة عمل “البرباشة” دون التفكير في تطوير الأرباح.
وتشجع الجمعية المنقبين ماديا، وذلك بشراء الكيلوغرام الواحد من البلاستيك بنحو 0.8 دينار (حوالي ربع يورو) بينما يباع في السوق بأقل من ذلك. كما تقدم دورات تدريبية وتجهيزات للوقاية من الأمراض المنقولة للمنتفعين على غرار القفزات والأحذية الواقية.
منظمة إنترناشيونال الرت كانت وراء إنشاء جمعية البرباشة لتحسين ظروف عمل نابشي النفايات
ونسبت وكالة الصحافة الفرنسية إلى محمد العلوي، الذي يعمل في جمع وفرز النفايات منذ أكثر من عقدين قوله “أكسب ما يصل إلى ربع دينار تونسي من الكيلوغرام الواحد من البلاستيك. حين أبيع 30 كيلوغراما يمكن أن أحقق 7 دنانير (2 يورو) هي رزق أبنائي”.
ويضيف العلوي الذي يبلغ نحو 60 عاما وهو ينتعل حذاء جديدا يقيه من الإصابات أثناء عمله، إنهم “يهتمون بنا يعطوننا حقنة ضرورية مضادة للأمراض. كنا نصاب أحيانا ونظل لشهرين حتى يلتئم الجرح”.
ويقول وهو يقف أمام عربته الخشبية المجهزة بعجلتين “هذا عمل مرير، نبدأ العمل الرابعة صباحا والطقس شديد البرودة ونستأنف مساء”. وترك العلوي عمله السابق كعامل في البناء بعد أن أجرى عملية جراحية ولم يعد يتحمل رفع الأجسام الثقيلة كما كان يفعل ذلك وهو شاب.
ويؤكد أن عمله “أفضل من التسول، ولكن عانيت الكثير مع هذه العربة. لا يمكنك أن تتصور على ماذا نعثر في القمامة، بلور مكسور وحقن وجراثيم ومعادن صدئة”.
ويتم تدوير البلاستيك الذي يجمعه المنقبون في النفايات في مكان قريب في ورشة حي التضامن ليباع لاحقا بحوالي ربع يورو وتوظف العائدات المالية في إدارة المجمع ودفع مستحقات العاملين وكذلك في تنفيذ مبادرات الدعم.
وحددت الجمعية هدف بلوغ طن واحد من البلاستيك أسبوعيا، لكن عمليات الجمع المتواصل تمكنت من الوصول إلى ضعف الكمية ما دفع المشرفين إلى التفكير في اقتناء آلة ثانية للتدوير وتفادي تراكم القوارير البلاستيكية والكراسي التي لم تترك مكانا شاغرا داخل المجمع.
وتقدر منظمة “إنترناشيونال الرت” أن عدد “البرباشة” في تونس يناهز 8 آلاف شخص، منهم 800 ينشطون في حي التضامن يجمعون القوارير والمعادن والنحاس والخبز وكل ما يمكن تثمينه وتدويره.
8 آلاف شخص عدد المنقبين في النفايات في تونس وهم يساهمون بثلثي ما يتم تدويره في البلاد
ويؤمن المنقبون في القمامة ومن بينهم نساء كثيرات وفي ظروف صعبة وخطرة أحيانا، ثلثي ما يتم تدويره في البلاد من هذه المواد.
وينتشرون في أغلب الأماكن التي تتواجد فيها القمامة، يجوبون الشوارع يوميا لجمع بضعة عشرات من الكيلوغرامات من البلاستيك. ويتمكنون من جمع حوالي عشرة كيلوغرامات في فصل الشتاء وتصل الكمية إلى خمسين كيلوغراما في الصيف.
ويعيش جلهم ظروفا حياتية صعبة كبقية مئات آلاف التونسيين الذين ينشطون في القطاعات الموازية ويواجهون مستقبلا غامضا ولا حلول أمامهم سوى التضامن العائلي.
وتعمل منظمة “إنترناشونال الرت” مع منظمة أخرى لجعل عمل “البرباشة” منظما ونيل اعتراف رسمي بهم من قبل البلديات ما يسمح بإعطائهم بطاقات دفع الأجر وتمكينهم من بطاقات للعلاج.
ويبيّن ماهر العمراني، منسق المشروع في المنظمة، أنه “ينقص القطاع إطار قانوني”.
وتم تقديم مشروع قانون للبرلمان التونسي منذ سنة يخص الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، ويوضح العمراني أن القانون “ينتظر إقرار البرلمان وهو سيحمي البرباشة ويمكنهم من بطاقة علاج في المستشفيات الحكومية”.