منع قاضي التحقيق لبرنامج إذاعي حول "التآمر على أمن الدولة" بتونس تغييب للهايكا

تونس - انتقدت نقابة الصحافيين التونسيين قرار قاضي التحقيق بالمكتب 36 بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب منع بث حصة من برنامج "ميدي شو" على إذاعة "موزاييك أف أم” الخاصة، الأربعاء الماضي، كانت مخصصة لقضية “التآمر على أمن الدولة” قبل انطلاقها بدقائق إثر نشر الإذاعة خبرا حول استضافة محامي الدفاع في القضية الحبيب الصيد، معتبرة الأمر "خطوة تصعيدية خطيرة".
وأكدت النقابة أن قاضي التحقيق قد استند في قراره، ضمن مراسلة وصلت إذاعة “موزاييك أف أم” عبر الفاكس دقائق قبل انطلاق الحصة الإذاعية، إلى القرار الذي صدر عنه بتاريخ 18 يونيو 2023 بحظر التداول الإعلامي في قضية "التآمر على أمن الدولة"، والتي تم فيها إيقاف العشرات من النشطاء السياسيين المعارضين. وقد برّر قاضي التحقيق قراره بأنه يندرج "ضمن حسن سير الأبحاث والحفاظ على سرية التحقيق".
واعتبرت النقابة أن قرار قاضي التحقيق "رقابة مسبقة على العمل الصحفي وتتمة لمسار تعتيم رسمي على تطورات ملف رأي عام بامتياز وفشل اتصالي واضح للقضاء التونسي في التعاطي مع هذا الملف الحساس الذي يأتي على تماس واضح مع حرية التعبير وحرية التنظّم وحرية المشاركة في الحياة العامة".
من جهة أخرى، نبهت النقابة إلى أنّ اتخاذ مثل هذا القرار هو ضرب لمبدأ الإنصاف أمام العدالة والذي يستوجب مبدأ المواجهة ومساس بجوهر حرية التعبير وحرية العمل الصحفي. واعتبرت أن القرار تجاوز خطير وتغييب للهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري (الهايكا) التي لها الولاية الكاملة على تنظيم قطاع الإعلام وتنازع صلاحيات معها.
يذكر أنه في سياق آخر، ألغى القانون القرار المشترك مع هيئة الاتصال السمعي والبصري ومنح الولاية الكاملة لهيئة الانتخابات للإشراف على العملية الانتخابية كاملة، وهو ما سحب من الهايكا صلاحيات كبيرة.
وسبق أن أكد العضو في الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري هشام السنوسي أن "الهايكا لا يزعجها إنهاء مهامها، وما يقلقها هو أن تكون موجودة ولا دور لها”. وأقر بأنه تم حذف الهايكا من الدستور وتجاهلها من الحكومة، لافتا إلى أنها قدمت أربعة مشاريع قوانين منظمة لوسائل الإعلام ولم يتم التفاعل معها. وأفاد السنوسي بأنهم يرفضون تقاضي أجور دون أي دور لهم، مضيفا أن مجلس الهايكا هو الوحيد الذي له خطاب كهذا.
وشددت النقابة على الدور المحوري الذي تلعبه وسائل الإعلام كرافد للجهد القضائي في مناهضة الإفلات من العقاب وضمان مقوّمات المحاكمة العادلة، وسعيها إلى إنارة الرأي العام في القضايا المهمة والحساسة التي يكون فيها القضاء على تماس مع حقوق أساسية وقانونية يلعب الصحافيون دور حارس البوابة فيها.
وسبق أن أعلنت هيئة الدفاع عن القادة السياسيين التونسيين المعتقلين في "قضية التآمر على أمن الدولة" أنها قرّرت الطّعن في قرار قاضي التحقيق منع التداول (حظر النشر) في الملف، مؤكدة أن القرار يتعارض مع حرية التعبير والدستور. وأشارت إلى أن القرار "يحول دون الرّقابة المجتمعيّة على الأعمال القضائيّة".