منع الجيش السوداني وصول المساعدات إلى دارفور يغضب واشنطن

بورتسودان (السودان) – منعت السلطات الموالية للجيش في السودان دخول المساعدات عبر الحدود إلى منطقة دارفور غربي البلاد التي مزقتها الحرب، وهي خطوة نددت بها الولايات المتحدة ومنظمات إغاثة، فيما دعت قوات الدعم السريع الإدارة الأميركية إلى اتخاذ موقف صريح بشأن قرار سلطة الأمر الواقع في بورتسودان الذي يهدد بكارثة إنسانية.
وتشكل منطقة دارفور الشاسعة، المتاخمة لتشاد، واحدة من أكثر الأجزاء تضررا في السودان منذ بدء الحرب قبل 10 أشهر بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع.
ويستخدم الجيش المساعدات الإنسانية سلاحا جديدا في حربه ضد قوات الدعم السريع بعد أن فشل منذ بداية الحرب في إحراز أي تقدم ميداني فيما تسيطر قوات الدعم السريع على الخرطوم وعلى أربع من عواصم ولايات دارفور الخمس.
وفر أكثر من 694 ألف شخص عبر الحدود إلى تشاد، وفقًا للمنظمة الدولية للهجرة، لكن العديد منهم ما زالوا محاصرين في دارفور ويحتاجون إلى مساعدة.
واضطرت الأمم المتحدة إلى تقييد عملياتها من تشاد الى دارفور عبر الحدود، لكن مدير برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في السودان إيدي رو قال للصحافيين الأسبوع الماضي إن "السلطات قيّدت" هذه العمليات.
من جهته قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر الجمعة إن الولايات المتحدة قلقة للغاية من "القرار الأخير للجيش حظر المساعدة الإنسانية عبر الحدود من تشاد والتقارير التي تفيد بأن القوات المسلحة السودانية تعيق وصول المساعدة إلى المجتمعات في مناطق تسيطر عليها قوات الدعم السريع".
وأعربت وزارة الخارجية السودانية الموالية للجيش عن "رفضها" لما وصفته بـ"الاتهامات الباطلة" التي وجهتها واشنطن. وقالت الوزارة إن الحدود السودانية التشادية "هي نقطة العبور الرئيسية للأسلحة والمعدات" المستخدمة لارتكاب "فظائع" ضد السودانيين.
ومن جانبها، ثمنت قوات الدعم السريع موقف واشنطن وقالت "نثمن كثيرا تعبير وزارة الخارجية الأميركية عن قلقها بشأن قرار سلطة الأمر الواقع في بورتسودان بمنع دخول المساعدات الإنسانية عبر الحدود من تشاد وإعاقتها وصول المساعدات إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة قوات الدعم السريع".
وأضافت في بيان عبر حسابها على منصة إكس "إننا نشاطر وزارة الخارجية الأميركية القلق إزاء هذا القرار، الذي يتعارض بجلاء مع مبادئ القانون الدولي الإنساني والتزامات القوات المسلحة السودانية الدولية والوطنية.
وأكدت أنه "بما أن الوضع الإنساني الحالي في السودان لا يكفي فيه التعبير عن القلق فحسب، فإننا ندعو الادارة الأميركية إلى اتخاذ موقف صريح ازاء تصريحات قائد نظام المؤتمر الوطني بالجيش عبدالفتاح البرهان الموثقة في مدينة الدبة بالولاية الشمالية والتي أعلن من خلالها منع وصول المساعدات إلى مناطق سيطرة الدعم السريع".
ودعت الدعم السريع الإدارة الأميركية كذلك إلى ممارسة أقصى قدر ممكن من الضغط على مجموعة بورتسودان للإيفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني وإعلان جدة لحماية المدنيين، الموقع في 11 مايو 2023، وورقة الالتزامات الموقعة في 4 نوفمبر 2023، وذلك بتقديم كافة التسهيلات اللازمة وإزالة كافة العراقيل البيروقراطية وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المتأثرين".
ونفت قوات الدعم السريع القيام بنهب مخازن المساعدات الإنسانية في مناطق سيطرتها لأن الإغاثة لم تصل في الأساس إليها، وأكدت التزام قواتها بحماية الإغاثة وإيصالها إلى المتضررين في جميع المناطق التزاماً منها بالأوامر المستديمة الصادرة إليها من القيادة في هذا الصدد.
وأضافت "لم تتعرض قواتنا كذلك لأي عامل في الحقل الإنساني في مناطقنا بالأذى لأن لديها مصلحة حقيقية في وجودها ومساعدة المدنيين فيها بل إن قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو أطلق نداءً ناشد من خلاله المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية بضرورة تكثيف عملها لتقديم المساعدات الإنسانية لمستحقيها من المدنيين".
وفي بروكسل، قال رو من برنامج الأغذية العالمي إن وكالته "تعمل مع السلطات لضمان استمرار تشغيل شريان الحياة الحيوي هذا" من تشاد.
وقال عامل إغاثة دولي طلب عدم كشف هويته لوكالة الصحافة الفرنسية الأحد إن هذا أمر ضروري.
وأضاف "الأطفال والرضّع يموتون بالفعل من الجوع وسوء التغذية. سيكون هناك تأثير بشري هائل ... ومن المحتمل جدا أن تكون معدلات الوفيات واسعة النطاق".
وتابع عامل الإغاثة "يجب على أعلى مستويات الدبلوماسية أن تحل هذا الوضع على الفور لأن ملايين الأرواح" على المحك، واصفا دارفور بأنها "منطقة ضخمة تواجه بالفعل أزمة أمن غذائي وشيكة وهائلة بالإضافة إلى الحرب الأهلية والعنف العرقي وانهيار خدمات الدولة".
وكان قائد قوات الدعم السريع أبدى تجاوبا مع مقترح الأمم المتحدة لعقد لقاء مع خصمه البرهان لبحث أزمة المساعدات، وأعرب دقلو أيضا عن استعداده للتنسيق مع المنظمات والوكالات الأممية لإدخال الإغاثة لمناطق النزاع.
ويقول مراقبون إن الجيش السوداني أظهر أنه مستعد للذهاب إلى مدى بعيد في الحرب التي يخوضها ضد الدعم السريع، متجاوزا في ذلك جميع الخطوط الحمراء، لافتين إلى المشاهد المروعة لعناصر الجيش وهم يحملون رؤوس مقطوعة، قيل إنها لعناصر من الدعم السريع.
ويشير المراقبون إلى أن هناك حاجة ماسة اليوم إلى تحرك دولي حازم حيال ما يجري، حيث أن الاكتفاء بإعلان عن حزمة عقوبات بحق أفراد أو شركات ليس كافيا. وناشد بابا الفاتيكان الأحد طرفي الصراع في السودان إلى إنهاء الحرب التي تلحق الكثير من الضرر بالشعب ومستقبل البلاد.
ولم تفلح الجهود الدبلوماسية حتى الآن في إنهاء الحرب الأهلية في السودان التي تدور رحاها بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع شبه العسكرية، منذ عشرة أشهر.
وأسفرت الحرب عن مقتل الآلاف، بما في ذلك ما يصل إلى 15 ألف شخص في مدينة الجنينة في غرب دارفور وحدها، وفقا لخبراء الأمم المتحدة.