منع التصوير دون ترخيص جدل بلا سند يثير معركة الحريات في تونس

تم تداول خبر المنع من التصوير لغير حاملي بطاقة صحافي محترف أو ترخيص في تونس كالنار في الهشيم استنادا إلى تصريحات مقتضبة لوزير الداخلية منتقدة ظاهرة تصوير المواطنين بشكل عشوائي دون مراعاة للأصول الصحافية، بينما في حقيقة الأمر لم يصدر قرار رسمي بذلك.
تونس - أثار خبر قرار منع غير حاملي بطاقة صحافي محترف أو ترخيص للتصوير، من التصوير في شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي في العاصمة تونس، جدلا واسعا بين الصحافيين وانتقادات عديدة، ورغم عدم صدور قرار رسمي بهذا الخصوص إلى نقابة الصحافيين فإنها أصدرت قرارا حوله معلنة رفضها “التضييق على الحريات”.
ويشهد شارع الحبيب بورقيبة عادة تصوير “الاستجواب الخاطف” (الميكرو تروتوار)، من قبل العديد من الصحافيين أو الأشخاص الذين ينشرون مقاطع فيديو على مقاطع التواصل الاجتماعي، وقد أثار هذا الأمر ردود فعل مختلفة، وانتقادات عديدة بين التونسيين.
والميكرو تروتوار هو طريقة تواصل مع المواطن في الأماكن العامة والهدف استطلاع وسيلة الإعلام ماذا يفكر المواطن، لكنه تحول إلى مساحة لتمرير ما لا يُمرّر في وسائل الإعلام وتصوير مظاهر منافية للآداب العامة أو تناول خصوصيات والحديث عن أمور غاية في الحساسية تتناول الحياة الشخصية وسلوكا يرقى إلى تهمة التجاهر بما ينافي الحياء في سبيل حصد نسبة عالية من المشاهدات.
نقابة الصحافيين التونسيين دخلت على خط الجدل بطريقة توحي كما لو أن هناك قرارا قد صدر بالفعل
ومن ثمة جاءت حالة الجدل التي تثار حول هذا النوع من التصوير الذي يعتبره الكثير من التونسيين مسيئا لهم ولبلادهم إضافة إلى انتهاكه لخصوصيات أشخاص بسطاء لا يملكون القدرة على مقاضاة من يقوم بتصويرهم لصناعة ترند على حسابهم على مواقع التواصل.
وتم تداول خبر المنع من التصوير بعد تسجيل حوار مع وزير الداخلية كمال الفقي قامت به إذاعة “ديوان أف.أم” الخاصة من شارع الحبيب بورقيبة بعد أن قررت وزارة الداخلية الثلاثاء رفع الحواجز الأمنية الحديدية والأسلاك الشائكة من الشارع ومن أمام وزارة الداخلية. وقام الصحافي بسؤال الوزير عن وجود قرار بمنع إجراء الحوارات العشوائية “ميكرو تروتوار” التي كانت موجودة في شارع الحبيب بورقيبة لمن لا يحمل ترخيصا أو لبطاقة صحافي محترف، غير أن وزير الداخلية تحدث فقط عن “المظاهر التي تسيء إلى وصورة المجتمع وصورة تونس بين الأمم”، وأضاف أنه “علينا أن نزيلها ونقنع كل من أراد القيام بهذه الأعمال أنها لا تنطلي على التونسيين ولا تنطلي على شباب تونس” ولم يتحدث الوزير بصفة مباشرة عن قرار بمنع إجراء الحوارات العشوائية سواء في شارع الحبيب بورقيبة أو في كامل الجمهورية.
ومع ذلك انتشر الخبر كما لو أنه قرار وأثار جدلا واسعا على منصات التواصل الاجتماعي بين الصحافيين أنفسهم وهناك من اعتبره تقييدا للحريات وعبّر عن تخوفه من هذه الخطوة رغم رفضه ما يبث من ربورتاجات وبرامج مسيئة للمهنة الصحفية ومنافية لكل أخلاقياتها وخاصة ما يبث من شارع بورقيبة بالعاصمة، بينما رحّب آخرون باتخاذ هذا القرار ومنع الميكروفونات العشوائية وترذيل صورة التونسي والإساءة لصورة البلاد.
وعلقت صحافية على حسابها في موقع فيسبوك:
وكتبت صحافية أخرى:
وردت أخرى:
Fatine Hafsia
ما يتم تداوله فتح لأبواب مخلوعة فالأصل هو الحرية والشكل هو مكافحة محتلي المهنة الصحفية ومنتحليها بنصوص قانونية واضحة ومنظمة ودقيقة وبناء مدخل موحد للمهنة الصحفية بشقيها التقليدي والرقمي ليس في شارع بورقيبة فحسب بل ملاحقتهم حيثما كانوا واقعا أو افتراضا… دون ذلك تبقى تصريحات وزير الداخلية حمالة أوجه زجرية بالأساس.
ودخلت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين على خط الجدل بطريقة توحي كما لو أن هناك قرارا قد صدر بالفعل، وأصدرت بيانا قالت فيه “لا يمكن حسب المعايير الدولية والدستور التونسي في الفصل 37 ممارسة رقابة مسبقة على الحريات العامة كحرية الرأي والفكر والتعبير والإعلام والنشر”.
وأضافت “إنه بقدر حرصها وتمسكها بتنظيم قطاع الصحافة وضمان احترام أخلاقيات المهنة وتعزيز ثقة الجمهور في وسائل الإعلام والصحافيين، إلا أنه لا يمكن الحد من الحقوق والحريات إلا بمقتضى قانون يراعي في صياغته مبادئ الضرورة والتناسب في تقييد الحقوق والحريات ويحترم الشروط المنصوص عليها بالفصل 50 من الدستور التونسي وأن أي إجراء يتخذ خارج هذا الإطار هو ضرب للحقوق والحريات”.
وتابعت في بيانها “لا يجوز إخضاع عمليات التصوير في الشارع لإنتاج محتوى لوسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي لمقاربات تستخدم حججا من قبيل الإساءة لتونس في الخارج أو المساس بالكرامة، فهذه المحددات توضع وتناقش وتقيم من جهات ذات اختصاص مهني ودور تعديلي، ولا تكون بالرقابة المسبقة” حتى إذا كان ذلك بحجة تنظيم الأنشطة في الفضاء العام.
واعتبرت النقابة أن الاستثناءات المنصوص عليها بالنصوص التشريعية الحالية كالتصوير بقاعات المحاكم والمناطق المشمولة بالاستثناءات الأمنية كالمناطق العسكرية المغلقة والتصوير داخل الموانئ والتراخيص المفروضة على التصوير السينمائي والدرامي والتصوير الجوي لا يجب أن تتوسع أكثر، ويجب مقابل ذلك مراجعتها في اتجاه الحرية لا التقييد، وفق ما ورد في البيان.