منعطف جديد في التهديدات الإرهابية للكويت: مواطن خطط لتفجير معسكر أميركي بالبلاد

تهديد تنظيم داعش للكويت يعزى في جزء كبير منه إلى جوارها الجغرافي مع العراق الذي سبق وأن مثّل مسرحا رئيسيا لنشاط التنظيم ولحربه الدامية.
الخميس 2024/05/02
موقف عام تتخلله استثناءات

الكويت- أخذت التهديدات الإرهابية في الكويت منعطفا جديدا بمحاولة التنظيمات التي تقف وراءها المساس بمصالح حيوية للبلد وتحالفاته العضوية مع قوى دولية على رأسها الولايات المتحّدة الأميركية التي تساهم مع قوّاته في تأمينه ودرء التهديدات عنه.

وأصدرت النيابة العامة في الكويت قرارا بحجز مواطن لاتهامه بالانضمام إلى تنظيم محظور والتخطيط لارتكاب أعمال إرهابية داخل البلاد، إذ قام بنشر تسجيلات مرئية ومسموعة لأعمال ذلك التنظيم وأخباره على مواقع التواصل الاجتماعي دعما له.

وقالت النيابة في بيان صحفي نشرته الأربعاء عبر حسابها الرسمي في منصة إكس إنّ “المتهم تعلّم صناعة المتفجرات وحرض متهمين آخرين على تعلّمها بهدف تفجير المعسكرات التابعة للقوات الأميركية”.

وأضافت أنها استجوبت المتهم وواجهته بالتهم المنسوبة إليه فاعترف بها، كما أمرت بضبط وإحضار متهمين آخرين، مشيرة إلى مواصلة استكمال التحقيق.

وكان وصول التنظيم، الذي لم تذكر النيابة اسمه والذي يُتوقّع أن يكون تنظيم داعش ذي السوابق الكثيرة في توجيه تهديدات للكويت، إلى تنفيذ مخطّطه سيتسبب بحرج كبير للبلد إزاء الشريك الأميركي بالغ الأهمية.

ويعود التعاون العسكري بين الكويت والولايات المتحدة في شكله الحالي إلى مطلع تسعينات القرن الماضي عندما تمّ توقيع اتفاقية دفاعية بين الطرفين تمركز بمقتضاها الآلاف من الجنود الأميركيين مع معدّاتهم المتطورة على الأراضي الكويتية التي أصبحت تشكّل قاعدة لوجستية رئيسية للعمليات الأميركية وقوات التحالف الدولي التي شاركت في غزو العراق مطلع القرن الحالي، ثم استخدمت لاحقا في عملية سحب القوات الأميركية من العراق، قبل أن يستخدم المجال الكويتي في عمليات التحالف الذي قادته واشنطن ضد تنظيم داعش في سوريا والعراق.

وتعدّ قاعدة عريفجان أكبر قاعدة عسكرية للجيش الأميركي في الكويت وتعمل كمقرّ رئيسي للقوات الأميركية في البلاد، وتأتي بعدها في الترتيب من حيث الأهمية قاعدة علي السالم الجوية التي تؤوي فرقة من القوة الجوية الأميركية 386 المتخصّصة في النقل الجوي ودعم القوات المشتركة وقوات التحالف الدولي في المنطقة.

◄ داعش ذي السوابق في تهديد الكويت تمكن من تنفيذ مخططه كان سيتسبب بحرج كبير للبلد إزاء الشريك الأميركي

أما قاعدة معسكر الدوحة فتُتّخذ مقرا للقيادة المركزية المشتركة للجيش الأميركي والكويتي ولقوة المهام المشتركة وهي تؤوي أفرادا من الفرقة الثالثة الأميركية مشاة. وتوجد بقاعدة بيورينغ رادارات متطورة تُستخدم في حالات الرؤية المنخفضة عند هبوط الطائرات.

وتضمّ مجمل تلك القواعد أكثر من ثلاثة عشر ألف جندي أميركي بحسب أرقام نشرتها وزارة الخارجية الأميركية قبل نحو ثلاث سنوات.

وليست المرّة الأولى التي يتمّ الكشف فيها عن تهديد تنظيمات إرهابية للكويت، حيث لا يزال البلد يتعرّض لتحرّش تلك التنظيمات منفردا في ذلك عن دول محيطه الخليجي التي سبق أن تعرّضت بعض بلدانه لتهديدات من قبل تلك التنظيمات التي نجحت في تنفيذ بعض العمليات الدامية على غرار ما حدث في السعودية المجاورة، لكنّها تبدو اليوم وقد تحكّمت في الأمر إلى حدّ بعيد بفعل جهود أمنية وكذلك فكرية واجتماعية كبيرة.

ويقول متابعون للشأن الكويتي إنّ تهديد تنظيم داعش للكويت يعزى في جزء كبير منه إلى جوارها الجغرافي مع العراق الذي سبق وأن مثّل مسرحا رئيسيا لنشاط التنظيم ولحربه الدامية.

◄ السلطات الأمنية الكويتية تمكّنت من إحباط عمليات التنظيم بشكل استباقي
السلطات الأمنية الكويتية تمكّنت من إحباط عمليات التنظيم بشكل استباقي 

لكنّ هؤلاء يحذّرون من أن تكون التنظيمات المتشدّدة تلمس وجود مدخل إلى الكويت عبر تبني بعض قواه وشخصياته لفكر ديني أقرب إلى التشدّد مشكّلة بذلك أرضية مناسبة لنشر أفكار تلك التنظيمات وإيجاد مناصرين لها خصوصا بين اليافعين من أطفال وشبّان.

وتم مطلع مارس الماضي الكشف عن تحقيقات أجرتها السلطات الأمنية الكويتية مع طفل تواصل عبر تطبيق تليغرام مع عناصر من تنظيم داعش وبايع “أميرهم” وتلقى منهم معلومات بشأن استخدام المتفجّرات.

وجاء ذلك بعد فترة وجيزة من الكشف عن قضية أخرى تتعلق بالتنظيم ذاته وتمثّلت في تفكيك شبكة تابعة له كانت تخطّط للقيام بعملية تفجير لأحد مساجد الطائفة الشيعية في البلاد.

كما جاءت قضية الطفل بمثابة تكرار لسيناريو قضية أخرى مشابهة كان قد كُشف عنها النقاب قبل نحو أربع سنوات وتمثّلت في نجاح تنظيم داعش في تجنيد طفل هو ابن نائب سابق بالبرلمان الكويتي عن طريق لعبة إلكترونية شاركه فيها عبر شبكة الإنترنت عنصر من التنظيم واستدرجه لاحقا لتبني الفكر المتشدّد وطلب منه تجنيد أطفال آخرين بهدف استخدامهم في تنفيذ تفجيرات في دور عبادة ومجمعات تجارية.

ويشير تمكّن السلطات الأمنية الكويتية من إحباط عمليات التنظيم بشكل استباقي إلى مدى يقظة تلك الأجهزة وقدرتها على جمع المعلومات والتحرّك في الوقت المناسب، لكنّ الأسئلة تظل مطروحة حول ما إذا كانت التنظيمات المتشددة لا تزال تلمس وجود أرضية لها للتحرك في الكويت في ظلّ تواصل حضور العديد من حملة الأفكار المتزمتة في المشهد العام وتمتّعها بهامش كبير من الحرّية لنشر أفكارها في المجتمع ومحاولة فرض رؤاها في ما يتعلّق بالحرّيات العامّة، وبالمرأة وحضورها في الفضاء العمومي وعملها في العديد من القطاعات مثل القطاع العسكري والمؤسسات القضائية.

3