منظمة حقوقية تتهم السلطات اللبنانية بالإهمال وعرقلة تحقيقات انفجار المرفأ

بيروت - اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الثلاثاء السلطات اللبنانية بالإهمال "جنائيا" وانتهاك الحق في الحياة، بعدما أظهرت في تحقيق تقصير مسؤولين سياسيين وأمنيين في متابعة شحنة نترات الأمونيوم، التي نجم عنها انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس من العام الماضي.
وأسفر الانفجار، الذي نتج عن تخزين كمية كبيرة من نترات الأمونيوم في الميناء لأعوام دون مراعاة معايير السلامة والأمان، عن مقتل ما يتجاوز 217 شخصا وإصابة 7000 بجروح وتدمير مساحات كبيرة من العاصمة اللبنانية.
ويقع تقرير المنظمة الدولية في أكثر من 126 صفحة ويشمل نتائج ووثائق، وخلص إلى أن هناك أدلة على أن عددا من المسؤولين اللبنانيين ارتكبوا جريمة الإهمال الجنائي بموجب القانون اللبناني.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن المحقق العدلي طارق البيطار طلب إفادات من الرئيس ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب والمدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا ووزراء سابقين، لكنهم تقاعسوا في اتخاذ إجراءات لحماية الناس على الرغم من إبلاغهم بالمخاطر.
ولم يعلّق القصر الرئاسي ولا رئاسة الحكومة على التقرير، فيما قال صليبا إن إدارته بذلت كل ما في وسعها في إطار اختصاصها القانوني، وأصدرت تقارير تحذر المسؤولين وإن مكتبها فتح في المرفأ قبل شهور فقط من الانفجار.
وكان عون أبدى الجمعة استعداده للإدلاء بإفادته، وقال إن "لا أحد فوق العدالة مهما علا شأنه".
واستندت "هيومن رايتس ووتش" في تقريرها إلى وثائق رسمية ومقابلات مع مسؤولين كبار، منهم رئيس البلاد ورئيس حكومة تصريف الأعمال ومدير الأمن العام.
وتتبّع التحقيق أحداثا ترجع إلى عام 2014 وما بعده في أعقاب جلب الشحنة إلى مرفأ بيروت، كما رصد تحذيرات متعاقبة بشأن خطورة هذه الشحنة إلى عدة جهات رسمية.
وجاء في التقرير "تشير الأدلة بقوة إلى أن بعض مسؤولي الحكومة توقعوا الموت الذي قد ينجم عن وجود نترات الأمونيوم في المرفأ، وقبلوا ضمنيا خطر حدوث وفيات".
ودعت المنظمة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى إجراء تحقيق في الانفجار، وحثت الحكومات الأجنبية على فرض عقوبات تتعلق بحقوق الإنسان والفساد على بعض المسؤولين.
وأوصت مجددا مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بإجراء تحقيق مستقل في الانفجار، مشيرة إلى أن تحقيقا مستقلا قد يتمكن من تحديد الشرارة التي أدت إلى وقوع الانفجار.
ولم يجب تقرير المنظمة عن أسئلة مرتبطة بكيفية اندلاع الانفجار، لكنه شكك في ما إذا كانت شحنة نترات الأمونيوم متجهة إلى موزمبيق كما تظهر وثائق الشحن الخاصة بالسفينة، أو إن كانت بيروت هي وجهتها الفعلية.
ودعا رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق سعد الحريري الثلاثاء إلى "تحرير العدالة من المبارزات السياسية والاستثمار السياسي"، مطالبا بتحقيق دولي شفاف في انفجار مرفأ بيروت.
وقال الحريري في بيان صادر عن مكتبه الإعلامي "سنة على انفجار الرابع من أغسطس الماضي، بصمة سوداء لحالات الضياع والإنكار والتسيب والإهمال في مؤسسات الدولة السياسية والقضائية والإدارية والعسكرية".
وأضاف أن "البركان الذي عصف ببيروت وأهلها وأحيائها، ليس منصة للمزايدات والاستثمار السياسي في أحزان المواطنين المنكوبين، واتخاذها ممرا لتسجيل المواقف وإغراق المسار القضائي بتوجيهات شعبوية لتهريب الحقيقة".
وشكك الحريري في المجلس العدلي قائلا "معظم الجرائم التي أحيلت على المجلس العدلي ذهبت أدراج الرياح السياسية"، معتبرا أن "جريمة المرفأ هي أم الجرائم في تاريخ لبنان، وقد تضيع في بحر المزايدات لقاء حفنة من جوائز الترضية القضائية لتنفيس الغضب العام".
وتقف الحصانات السياسية عائقا أمام طلب القاضي البيطار استدعاء نواب شغلوا مناصب وزارية، بينهم زعيتر وخليل وفنيانوس، وقادة أجهزة أمنية، بينهم صليبا. كما ادعى البيطار على كل من دياب وقهوجي.
وشدّد الحريري على أن "لا عدالة من دون حساب ولا حساب من دون حقيقة ولا حقيقة من دون تحقيق دولي شفاف أو تعليق بعض المواد الدستورية لرفع الحصانات، كل الحصانات، من أعلى الهرم إلى أدناه".