منظمة جديدة لمعالجة ملف الرهائن تنطلق في واشنطن

نزار زكا لـ"العرب": هدفنا هو الوصول إلى فهم علمي للظاهرة.
الأربعاء 2021/03/17
بحث سبل معالجة أزمة الرهائن

ضرورة تحديث الأساليب واتباع الطرق العلمية المتطورة في تحليل البيانات والمعلومات في ما يتعلق بالرهائن وكل ما له علاقة بمسار اختطافهم كان محفزا للرهينة السابق في إيران نزار زكا ومجموعة من الرهائن السابقين وعائلاتهم والمهتمين بهذه القضية لتأسيس منظمة تحت اسم ”رعاية الرهائن في العالم“. وبين زكا خلال حوار مع ”العرب“ أن دبلوماسية الرهائن هي في الحقيقة تجارة للرهائن مبنية على أنظمة ومؤسسات وإستراتيجيات في الدول الجانية.

واشنطن – انطلقت في الأسبوع الماضي منظمة جديدة مقرها العاصمة الأميركية واشنطن هدفها العمل على الحد من ظاهرة اعتقال وخطف المدنيين من قبل الدول واستغلالهم كرهائن لأغراض سياسية.

وفي ندوة افتراضية موسعة جمعت سياسيين أميركيين بارزين وناشطين وخبراء قانونيين ورهائن سابقين، عرّفت “منظمة رعاية الرهائن في العالم  Hostage Aid Worldwide” ببرنامج عملها وأهمية دور المجتمع المدني في العمل مع الحكومات لمعالجة أزمة الرهائن.

ومع أن فكرة اختطاف الرهائن من قبل أجهزة تابعة لدول ومقايضتهم بسجناء من مواطنيها أو بمصالح سياسية واقتصادية ليست بجديدة، إلا أن هذه الظاهرة انتشرت بكثرة في الأعوام الماضية. وتعد الدول الاستبدادية كإيران والصين وروسيا وكوريا الشمالية وسوريا أكبر الجناة الفاعلين في هذا المجال.

واكتسبت هذه العملية في الفترة الماضية اسم دبلوماسية الرهائن في إشارة واضحة إلى أنها أصبحت أداة من أدوات السياسة الخارجية لهذه الدول.

دور المجتمع المدني

المحاور حازم الغبرا حين لقائه الرهينة نزار زكا إثر تحريره في مبنى الكونغرس
المحاور حازم الغبرا حين لقائه الرهينة نزار زكا إثر تحريره في مبنى الكونغرس

في حوار خاص مع “العرب” تطرق نزار زكا أحد مؤسسي المنظمة الجديدة إلى الضرورة الملحة لدور المجتمع المدني في هذا المجال، حيث أوضح أن “تعريف الرهائن والمختطفين يختلف بشكل واسع بين دولة وأخرى، والقوانين أيضا تختلف في ما يتعلق بالدور الحكومي. وبالرغم من وجود وثيقة شاملة وقعتها كافة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بما فيها إيران لمنع خطف واستغلال الرهائن المدنيين إلا أن هذه الوثيقة غير مفعلة كما ينبغي”.

وكان زكا اللبناني الجنسية والمقيم في العاصمة الأميركية قد اُختطف في إيران أثناء زيارة لطهران بعد دعوته رسميا من قبل مكتب الرئاسة الإيرانية لعقد ندوات تدريبية حول حرية الإنترنت بعد توقيع الاتفاق النووي. واتهم زكا بالتجسس ليحكم عليه بالسجن عشر سنوات في محاكمة صورية قضى منها أربعا في سجن إيفين سيء الصيت.

ويؤكد زكا على أهمية اتباع الطرق العلمية الحديثة في تحليل المعلومات والبيانات للوصول إلى إدراك أعمق للأساليب التي تتبعها الدول في اختطاف الرهائن واستغلالهم، قائلا “وجدنا أن المعلومات حول الرهائن غير موثقة بشكل جيد ولا يوجد استخدام للتقنيات الحديثة في تحليل المعطيات والوصول إلى معلومات واضحة حول ما يميز الأشخاص الذين تستهدفهم هذه الدول وكيف تتعامل مؤسسات هذه الدول المختلفة لاستغلال المختطف إعلاميا وسياسيا”.

وقال لـ”العرب” إن “خطوتنا الأولى في هذه المنظمة الجديدة هي ترتيب المعطيات وتحديد القواسم المشتركة والوصول إلى فهم علمي لهذه الظاهرة (…) سنقوم بإطلاق منصة افتراضية مفتوحة للمساعدة على التبليغ عن حوادث الاختطاف ومشاركة المعلومات عن الحوادث الجديدة والسابقة بين الجهات المختصة الحكومية وغير الحكومية في العالم”.

الولايات المتحدة كانت قد أصدرت قوانين جديدة في الأعوام الماضية تتعلق بقضية الرهائن أهمها قانون ليفنسون

وباعتباره قد خاض التجربة المريرة بنفسه يرى زكا أن دبلوماسية الرهائن هي في الحقيقة تجارة للرهائن مبنية على أنظمة ومؤسسات وإستراتيجيات في الدول الجانية. وقال “حددنا في المنظمة أربع مراحل أساسية تمر بها الرهينة حسب الجهات المسؤولة عنها. فبداية يتم التخطيط وعملية الخطف الفعلية من قبل جهة أمنية، تتبعها محكمة صورية نتيجتها معروفة مسبقا تحت رعاية جهة قضائية، ثم يأتي دور الجهات الإعلامية لتسويق الرهينة داخليا وخارجيا حتى يأتي دور الجهة الرابعة وهي جهة دبلوماسية تقوم بالتفاوض على السعر ومقايضة الرهينة بفائدة معينة. هدفنا فهم التفاصيل الدقيقة لسير هذه العملية ومحاولة تعطيلها عبر العمل مع الحكومات والشركات”.

ويعد الأشخاص الحاملون للجنسية الأميركية أو جنسيات أوروبية من أبرز المعرضين لخطر الاختطاف وتحويلهم إلى رهائن في العالم، ويعاني هؤلاء الذين يحملون جنسيتين إحداهما تعود للدولة التي تقوم بالاختطاف من خطر مضاعف لأن المختطف يعامل عادة حسب القوانين السارية على مواطني الدولة ولا تراعى جنسيته الأخرى إلا حين يتم ترويج الرهينة والمقايضة عليها.

وتتبع الولايات المتحدة سياسة صارمة تمنع مقايضة الرهائن والحوار مع الجهات التي تقوم باختطاف مدنيين خصوصا الإرهابية منها. وهذه السياسة التي بدأت في عهد الرئيس رونالد ريغان وتم توثيقها بشكل رسمي في عهد الرئيس جورج بوش الابن تعتمد على فكرة أن مقايضة الرهائن والتفاوض حول ثمن للإفراج عنهم ستحفز الدول غير الصديقة والمنظمات الإرهابية على خطف أميركيين مما سيعرض حياة المدنيين وأمنهم الشخصي للخطر.

ومع أن الرئيس السابق دونالد ترامب نجح في استعادة العديد من الرهائن الأميركيين خلال فترة حكمه، إلا أنه تعرض إلى انتقادات بعد أن استعمل هذا النجاح في حملته الانتخابية الثانية. فحتى استخدام فكرة إطلاق سراح الرهائن في السياسة الداخلية من شأنها رفع قيمة الرهينة الأميركية وقد تؤدي إلى اختطاف المزيد من الأميركيين.

تبعات معقدة

Thumbnail

لدبلوماسية الرهائن تبعات معقدة على الدولة الخاطفة ودولة المختطف. فاختطاف شخص أميركي أو أوروبي في إيران على سبيل المثال يؤدي عادة إلى حراك إعلامي وسياسي واسع في دولة المختطَف، ومع أن هذا قد يعطي الدولة الخاطفة شعورا بالنجاح في تصدر الرأي العام في دول عظمى إلا أن لهذه التغطية الإعلامية أثرا سلبيا أيضا. فحتى بعد توقيع الاتفاق النووي مع إيران ترددت الشركات الصناعية والاستثمارية الغربية في إرسال مندوبيها وخبرائها إلى إيران والسبب الأساسي كان الخوف من اختطاف هؤلاء الموظفين المدنيين ليصبحوا رهائن سياسيين.

والجدير بالذكر أن الولايات المتحدة كانت قد أصدرت قوانين جديدة في الأعوام الماضية تتعلق بقضية الرهائن أهمها قانون ليفنسون الذي سمي تيمنا بالرهينة الأميركية روبرت ليفنسون والذي اختفى في إيران عام 2007 حتى أعلن عن وفاته عام 2020 على يد السلطات الإيرانية.

منظمة رعاية الرهائن في العالم ستركز على تعطيل عمليات الاختطاف عبر العمل مع الحكومات والشركات

وخلال ندوة إطلاق منظمة “رعاية الرهائن في العالم” تحدث السيناتور الأميركي تد دوتش عن أهمية قانون ليفنسون الذي قدم المزيد من الدعم لعائلات الرهائن والمعتقلين بصفة غير قانونية وسهل عملية فرض العقوبات على الدول التي تحتجز الرهائن بصفة غير شرعية، بالإضافة إلى توفير الدعم للوكالات والمكاتب التابعة لحكومة الولايات المتحدة التي تهتم بشؤون الرهائن.

لكن المشاركين في هذه الندوة اتفقوا على أنه وبالرغم من القوانين الجديدة الصادرة والاهتمام المتزايد بهذه الظاهرة المستفحلة، إلا أن عدد الرهائن في تزايد مستمر. وتظهر اليوم ضرورة ملحة للتنسيق بين حكومات الدول بشكل مباشر وعبر المنظمات الدولية لحماية المدنيين والحد من استغلالهم كأدوات سياسية بيد الدول الاستبدادية والمارقة. وعلى المجتمع الدولي وضع عقوبات صارمة على الجناة للحد من هذه الظاهرة التي يمثل المدنيون الأبرياء ضحيتها الأولى.

لدبلوماسية الرهائن تبعات معقدة على الدولة الخاطفة ودولة المختطف. فاختطاف شخص أميركي أو أوروبي في إيران على سبيل المثال يؤدي عادة إلى حراك إعلامي وسياسي واسع في دولة المختطَف، ومع أن هذا قد يعطي الدولة الخاطفة شعورا بالنجاح في تصدر الرأي العام في دول عظمى إلا أن لهذه التغطية الإعلامية أثرا سلبيا أيضا. فحتى بعد توقيع الاتفاق النووي مع إيران ترددت الشركات الصناعية والاستثمارية الغربية في إرسال مندوبيها وخبرائها إلى إيران والسبب الأساسي كان الخوف من اختطاف هؤلاء الموظفين المدنيين ليصبحوا رهائن سياسيين.  والجدير بالذكر أن الولايات المتحدة كانت قد أصدرت قوانين جديدة في الأعوام الماضية تتعلق بقضية الرهائن أهمها قانون ليفنسون الذي سمي تيمنا بالرهينة الأميركية روبرت ليفنسون والذي اختفى في إيران عام 2007 حتى أعلن عن وفاته عام 2020 على يد السلطات الإيرانية.  وخلال ندوة إطلاق منظمة “رعاية الرهائن في العالم” تحدث السيناتور الأميركي تد دوتش عن أهمية قانون ليفنسون الذي قدم المزيد من الدعم لعائلات الرهائن والمعتقلين بصفة غير قانونية وسهل عملية فرض العقوبات على الدول التي تحتجز الرهائن بصفة غير شرعية، بالإضافة إلى توفير الدعم للوكالات والمكاتب التابعة لحكومة الولايات المتحدة التي تهتم بشؤون الرهائن.  لكن المشاركين في هذه الندوة اتفقوا على أنه وبالرغم من القوانين الجديدة الصادرة والاهتمام المتزايد بهذه الظاهرة المستفحلة، إلا أن عدد الرهائن في تزايد مستمر. وتظهر اليوم ضرورة ملحة للتنسيق بين حكومات الدول بشكل مباشر وعبر المنظمات الدولية لحماية المدنيين والحد من استغلالهم كأدوات سياسية بيد الدول الاستبدادية والمارقة. وعلى المجتمع الدولي وضع عقوبات صارمة على الجناة للحد من هذه الظاهرة التي يمثل المدنيون الأبرياء ضحيتها الأولى.
الرهينة نزار زكا محررا من معتقله في طهران يصل إلى لبنان ويصف اعتقاله بـ"الخطف"

 

7