منظمات المجتمع المدني الفلسطينية تخوض مواجهة مفتوحة مع إسرائيل

رام الله – تواجه منظمات المجتمع المدني في الأراضي الفلسطينية تضييقا متزايدا من جانب إسرائيل، التي تتهم هذه المنظمات بأنها أذرع للفصائل الفلسطينية وتعمل على توفير الدعم المالي لهذه الفصائل للقيام بأعمال تستهدف الأمن القومي الإسرائيلي.
ويرى محللون أن استهداف إسرائيل للمنظمات الأهلية الفلسطينية ليس جديدا لكنه شهد في السنوات الأخيرة نسقا تصاعديا، الأمر الذي سيؤثر على المئات من العائلات، لاسيما عائلات القتلى والأسرى الفلسطينيين إلى جانب محدودي الدخل.
واقتحمت قوة عسكرية إسرائيلية الخميس مقار سبع مؤسسات أهلية فلسطينية، في مدينتي رام الله والبيرة (وسط)، أصدرت قرارا “جديدا” يقضي بإغلاقها. وكانت السلطات الإسرائيلية قد قررت العام الماضي إغلاق ست من هذه المؤسسات، بدعوى أنها “منظّمات إرهابية”.
والمنظمات السبع التي تعرضت للمداهمة والإغلاق هي: الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، والقانون من أجل حقوق الإنسان (الحق)، ومركز بيسان للبحوث والإنماء، واتحاد لجان المرأة، ومؤسسة لجان العمل الصحي، واتحاد لجان العمل الزراعي، والحركة العالمية للدفاع عن الأطفال – فرع فلسطين.
ولم يرد اسم مؤسسة لجان العمل الصحي في القائمة الإسرائيلية التي صدرت العام الماضي. وقال شهود عيان إن القوة الإسرائيلية داهمت مقار المؤسسات السبع، وصادرت ملفات وأجهزة كمبيوتر، ودمرت محتوياتها.
وبيّن الشهود أن الجنود الإسرائيليين علّقوا أمرا عسكريا يقضي بإغلاق تلك المؤسسات. وأشار شهود العيان إلى أن مواجهات اندلعت بين العشرات من الفلسطينيين والجيش الإسرائيلي خلال عملية مداهمته للمؤسسات السبع، حيث استخدم الرصاص الحي والمعدني وقنابل الغاز المسيل للدموع.
وقالت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني (غير حكومية) في بيان إن طواقمها تعاملت مع إصابة 34 فلسطينيا في تلك المواجهات؛ إصابة واحدة بالرصاص الحي و33 إصابة بحالة اختناق جراء استنشاق الغاز المسيل للدموع.
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس أصدر أمرا في التاسع عشر من أكتوبر الماضي يقضي بإغلاق ست مؤسسات (التي تمت مداهمتها الخميس عدا مؤسسة لجان العمل الصحي) بدعوى أنها “إرهابية” وتتبع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
وسبق للجيش الإسرائيلي أن داهم في العام الماضي المؤسسات الست التي شملها القرار، واعتقل عددا من العاملين فيها، وأغلقها، غير أنها أصرت على الاستمرار في العمل.
وآنذاك أوقفت دول أوروبية العمل مع تلك المؤسسات الست المشمولة بالقرار، غير أنها عادت في الحادي عشر من يوليو الماضي، وأعلنت عن مواصلة العمل معها لعدم كفاية الأدلة على الادعاء الإسرائيلي. وهذه الدول هي بلجيكا والدنمارك وفرنسا وألمانيا وأيرلندا وإيطاليا وهولندا وإسبانيا والسويد.
واستند وزير الدفاع الإسرائيلي في قراره السابق والجديد بإعلان المنظمات الفلسطينية منظمات “إرهابية” على “قانون مكافحة الإرهاب” الذي صادق عليه الكنيست في يونيو من عام 2016، عقب موجة من العمليات الفلسطينية التي انطلقت عام 2015.
وينص القانون على تشديد الأحكام التي وردت في قوانين سابقة من بينها قانون الطوارئ البريطاني عام 1945. ويغلّظ القانون أحكام منفذي العمليات ومساعديهم، ويعزز الاعتقال الإداري، بالإضافة إلى ملاحقة المؤسسات المدنية التي يشتبه في أنها تعمل تحت مظلة فصائل فلسطينية من خلال منح وزير الدفاع صلاحية تصنيفها منظمات “إرهابية” مباشرة، بناءً على معلومات من أجهزة الأمن.
وأدانت الرئاسة الفلسطينية إغلاق إسرائيل للمؤسسات السبع. وقالت الخميس في بيان نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية “وفا” إن ما جرى “جريمة واعتداء سافر على مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني، وأيضا اعتداء على المنظومة الحقوقية الدولية جمعاء وليس فقط الفلسطينية”.
ويعود عمل المنظمات الأهلية إلى سبعينات القرن الماضي، حيث كانت تابعة للتنظيمات اليسارية ومن استثمر في هذه المؤسسات التي شهدت تحولات عميقة بعد اتفاقية أوسلو وقيام السلطة الفلسطينية؛ فقد اندمجت المنظمات التابعة لحركة فتح في مدامك السلطة، ما أثر على تلك التابعة لليسار فانحصر دورها في البعد التنموي الإنساني، لكن إسرائيل ترى أنها ليست سوى واجهة لجبهة التحرير الفلسطينية.