منطق الغنيمة يعيق جهود توحيد الفصائل في شمال سوريا

حلب (سوريا) - تشكك أوساط سورية في نجاح الحكومة المؤقتة في مساعي توحيد الفصائل الناشطة في الشمال السوري، والتي قيل إنها تحظى بدعم من تركيا.
وتقول الأوساط إن الصراع على النفوذ بين فصائل المعارضة السورية والتنافس على الموارد وممرات التهريب يجعلان من الصعوبة بمكان توحيدها، وهو ما يخدم العديد من الأطراف في مقدمتها هيئة تحرير الشام.
وبرزت أنباء عن جهود تجري منذ أشهر من أجل ضم جميع الفصائل تحت إمرة ما يسمى بالجيش الوطني في مسعى يهدف إلى كسر هيمنة هيئة تحرير الشام التي تمر بأزمة داخلية عميقة، وخلق جسم عسكري مضاد قادر على لعب دور في شمال سوريا خلال الفترة المقبلة.
لكن الاشتباكات التي تندلع من حين لآخر بين الفصائل يجعل عملية توحيدها أمرا في غاية الصعوبة، لاسيما أن تلك الفصائل تسيرها عقلية الغنيمة.
الصراع على النفوذ بين فصائل المعارضة السورية والتنافس على الموارد وممرات التهريب يجعلان من الصعب توحيدها
ولا تنحصر تلك الصراعات فقط في من هم من خارج ما يسمى الجيش الوطني بل وأيضا بين فصائله، التي حادت عن الهدف التي أنشأت من أجله وهو مواجهة الحكومة السورية، إلى السعي للحفاظ على مقاطعاتها وتعظيم إيراداتها المالية.
واندلعت مؤخرا خلافات بين فصائل محلية في مدينة مارع شمالي حلب، بسبب واردات ممرات التهريب التي تنتشر على خطوط التماس مع مناطق سيطرة الجيش السوري ووحدات حماية الشعب في منطقة تل رفعت.
وكشفت مصادر عسكرية لموقع تلفزيون سوريا، عن مطالبة كتلة الجبهة الشامية واللواء 51 التابعين للفيلق الثالث، ضمن مكونات الجيش الوطني، الحصول على نسبة من مردود ممر تهريب يقع على خطوط التماس مع القوات الحكومية شرقي مدينة مارع شمالي حلب.
وأبدت فرقة المعتصم المنضوية في صفوف الفيلق الثاني عدم رضاها عن النسبة المالية التي تحصل عليها من ممر التهريب ذاته الذي يقع بين قريتي تويس والغوز شرق مارع، ضمن قطاع لواء الوقاص في الفيلق الأول.
وتدور مفاوضات بين قادة فصائل مدينة مارع، بهدف توزيع نسبة الواردات المالية على الجميع، بعدما هددت فصائل عسكرية بقطع الطريق أمام عمليات التهريب وإعاقتها في حال عدم حساب حصتها من الممرات التي تعود بألاف الدولارات بشكل شبه يومي.
ووفق تلفزيون سوريا توزع عائدات ممرات التهريب حسب توزع القطاعات جغرافيا، ويحصل الفصيل الذي يكون ممر التهريب من قطاع الرباط التابع له على الحصة الأكبر، فيما يحصل الفصيل الذي يكون أمام مرمى النيران وقطاعه يرصد عمليات التهريب على حصة جيدة، بينما تحصل باقي قادة فصائل مارع على مبلغ ترضية صغير.
لكن ما حرك الخلافات الفصائلية مؤخراً، يعود إلى تفرد لواء الوقاص بقيادة سعد عباس في إدارة ممر التهريب بالاشتراك مع القيادي في الجبهة الشامية (بشير. ح)، وتخصيص جزء من واردات الممر لبعض قادة الفصائل، وحرمان قادة كتائب وكتل عسكرية في المدينة.
الاشتباكات التي تندلع من حين لآخر بين الفصائل يجعل عملية توحيدها أمرا في غاية الصعوبة، لاسيما أن تلك الفصائل تسيرها عقلية الغنيمة
ويقع ممر تهريب معروف باسم تويس بين قرتي تويس والغوز، الواقعتان بين مدينتي مارع والباب شمالي حلب، على خطوط التماس مع القوات الحكومية، ضمن قطاع لواء الوقاص التابع للفيلق الأول.
وبحسب مصدر عسكري في مارع، يشرف على عمليات التهريب التي تجري بشكل دوري، قائد لواء الوقاص وعدد من قادة الكتائب التابعة له، والقيادي في فرقة الحمزة (علي .ن)، فيما يدير عمليات التنسيق المباشر مع ضباط جيش النظام السوري لتيسير عمليات التهريب المدعو (بشير .ح).
وأضاف المصدر لموقع تلفزيون سوريا أن معبر تويس افتتح قبل شهر تقريباً، بعد مضي ستة أشهر على إغلاق معبر السيد علي (قرية تقع على خطوط التماس تبعد ثلاث كيلومترات عن مركز مدينة مارع)”.
وأغلق ممر تهريب السيد علي بعد خلافات حول سماسرة التجار، وأجور النقل وأجور الآليات والعمال ورشاوي ضباط النظام السوري.
وكان ممر تهريب السيد علي، بإدارة كل من القيادي في الجبهة الشامية (بشير .ح) والقيادي في فرقة الحمزة (علي .ن)، ووصل إلى مرحلة الإغلاق إثر خلافات بين قادة الفصائل على الحصص المالية، فيما كانت واردات ممر التهريب توزع على كافة فصائل مارع، بشكل شهري.
وتعد المعابر الشرعية ومعابر التهريب أحد أكبر غنائم الحرب لفصائل المعارضة، دون أن تملك الحكومة المؤقتة أي قدرة على ضبط الوضع الذي لطالما تطور إلى اشتباكات واسعة.