منطقة التبادل الحر بين الجزائر وتونس تسرع وتيرة التكامل التجاري

الجزائر- ينتظر أن تدخل منطقة التبادل الحر بين الجزائر وتونس، حيز الخدمة في غضون الأشهر القليلة القادمة، الأمر الذي سيسرع وتيرة التكامل بين البلدين، ويفتح آفاق تعاون واعدة بينهما، بعدما ظلت المبادلات التجارية والاقتصادية معزولة، وتقتصر في الغالب على نشاط شبكات التهريب عبر الشريط الحدودي.
وسرّعت الجزائر من نسق التكامل الاقتصادي والتجاري مع دول الجوار الجنوبي والشرقي، بحصر انطلاق عمل مناطق التبادل الحر خلال العام الجاري، الأمر الذي يدفع بقوة لسد فراغ تركته عقود كاملة من الخيارات السياسية والدبلوماسية، ولتنظيم ودعم النشاط المشترك على الحدود المشتركة.
ولا زالت حركية المبادلات المذكورة بين الجزائر وتونس، دون مستوى العلاقات السياسية والإستراتجية بين البلدين، حيث يهمين النشاط الموازي في شكل تهريب للمواد الغذائية والاستهلاكية بين شبكات البلدين، على الحركية المذكورة، حيث تحولت المعابر الحدودية إلى شبه أسواق للتبادل من البلدين.
ورغم سعي قيادات البلدين سواء في السياق الثنائي أو المغاربي إلى تجسيد مشاريع مشتركة بما فيها حركة النقل بواسطة السكك الحديدية، إلا أنها تعطلت لأسباب مختلفة، وهو ما زاد من تعطيل وتيرة التكامل الاقتصادي والتجاري، قبل أن تعود الحكومتين منذ أسابيع إلى الإعلان عن إطلاق منطقة تبادل حر، وحزمة من المشاريع والآليات المشتركة.
وأعلن الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، في كلمته بمناسبة الاجتماع الـ 41، للجنة التوجيهية لرؤساء دول وحكومات الوكالة الإنمائية للاتحاد الأفريقي “نيباد”، أن بلاده “ستعرف في 2024 بحول الله إنشاء مناطق حرة للتبادل بينها وبين أشقائها، بداية بموريتانيا الشقيقة، ثم دول الساحل، مالي والنيجر، بالإضافة إلى دولتي تونس وليبيا”.
وظلت العلاقات الثنائية والمبادلات المشتركة مع الدول المذكورة، محور محاولات عديدة من طرف القيادات السياسية، تماشيا مع الضرورات التي تمليها الديمغرافيات الاجتماعية في المناطق الحدودية، وأهمية النهوض بالتنمية الاقتصادية والتجارية على الشريط الحدودي، بما يمكن من استقطاب النشاط الموازي ويضع حدا لنشاط التهريب والتجارة غير النظامية.
وجاءت التطورات السياسية والإستراتجية في دول الساحل، لتزيد من الضغط على الجزائر، بغية ملء الفراغ ودرء ما تصفه بـ “سيناريوهات الإيقاع بينها وبين عمقها الأفريقي”، ولذلك تم إدراج كل من النيجر ومالي ضمن مخطط مناطق التبادل الحر، إلى جانب دول أخرى تعرف استقرارا في الأوضاع الداخلية، كما هو الشأن بالنسبة لموريتانيا وتونس.
عبدالمجيد تبون:
الجزائر ستعرف في 2024 بحول الله إنشاء مناطق حرة للتبادل بينها وبين أشقائها
وتعول الجزائر على مناطق التبادل الحر، وعلى حزمة المشاريع والآليات المشتركة مع تونس، لتكون مفاتيح أساسية في إعطاء دفع للتكامل الاقتصادي والتجاري بين البلدين، خاصة وأن العلاقات المذكورة لا تعكس تماما مستوى العلاقات السياسية المعروفة بالاستقرار بينهما، على مر وتداول الحقب السياسية في البلدين.
وكان وزيرا الجزائر وتونس، قد أشادا بمناسبة انعقاد أشغال الدورة الأولى للجنة الثنائية لترقية وتنمية المناطق الحدودية الجزائرية- التونسية، بـ “حرس الحدود والجمارك والأسلاك الأمنية المرابطة على الحدود، الواقفة في وجه المتربصين بأمن واستقرار وسلامة اقتصاد البلدين”.
وذكر الوزير الجزائري إبراهيم مراد، بأن: “التنسيق الأمني بين البلدين هو أحد نقاط القوة التي نتشاركها، ولذلك ضروري أن يتم تعزيز التشاور والتنسيق الثنائي، لمجابهة التحديات الأمنية وتداعياتها، لاسيما ظاهرتي الهجرة غير الشرعية والتهريب”.
وجاءت دورة اللجنة المشتركة لتنمية المناطق الحدودية، لتؤكد نوايا توظيف الأوراق غير القابلة للمنافسة، وتم اطلاق مشاريع واعدة بإمكانها تعزيز العلاقات المميزة والنهوض بالحياة في الشريط الحدودي البالغ نحو ألف كلم بين البلدين.
◙ حركية المبادلات التجارية بين الجزائر وتونس لا زالت دون مستوى العلاقات السياسية والإستراتجية بين البلدين، حيث يهمين النشاط الموازي في شكل تهريب للمواد الغذائية والاستهلاكية بين شبكات البلدين، على الحركية المذكورة
وتم الإعلان عن “إنشاء منظومة مشتركة للوقاية والإنذار المبكر والتدخل للحد من حرائق الغابات، والتعجيل باستكمال مشروع الدراسة حول تطوير المبادلات التجارية والاقتصادية عبر الحدود بين ولايتي الطارف وجندوبة، فضلا عن دراسة مشروع إطلاق شركة تونسية-جزائرية للمعارض تسهر على تنظيم عدد من المعارض سنويا على مستوى الولايات الحدودية، بغية المساهمة في إحداث حركية تجارية على طول الشريط الحدودي، والعمل على تطوير سلاسل القيمة في مجالات النباتات الطبية والعطرية وزراعة التين الشوكي، وزراعة أشجار الزيتون، واللحوم الحمراء والبيضاء، والألبان والخضر المعدة للتجفيف والتصبير، بالإضافة الى استحداث منطقة تبادل حر مشتركة بمنطقة الطالب العربي ومنطقة حزوة بأقصى الحدود الجنوبية للبلدين”.
كما تم الاتفاق على “تكوين المتربصين الجزائريين في مجال السياحة والفندقة والصيد البحري على مستوى المدرسة السياحية بعين الدراهم والمراكز التكوينية السياحية بطبرقة، إلى جانب التبادل في مجال التكوين بين ولايتي ورقلة وتطاوين في مجالات الطاقة والبترول من الجانب الجزائري، والخدمات والفندقة والسياحة من الجانب التونسي، وإعداد دراسات حول إعادة استغلال خط النقل البري الرابط بين تبسة ومدينة القصرين، وإعادة إحياء خط النقل الحديدي بين قسنطينة وحيدرة بتونس عبر تبسة، واستحداث منطقة أنشطة اقتصادية مشتركة بين ولايتي سوق أهراس والكاف”.
وأكد الرئيس الجزائري، في كلمته، على تمسك بلاده، بـ “تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والتكامل القاري، وعلى أهمية العمل لتحسين مستوى كفاءة عمليات التكامل الاقتصادي الإفريقي، ويتعلق الأمر بتحسين البنية التحتية من خلال زيادة الشراكات بين القطاعين العام والخاص والاستفادة من الموارد الوطنية، واستخدام صناديق تطوير البنية التحتية الإقليمية والعالمية وغيرها من أدوات التمويل المبتكرة”.
ولفت إلى تحسين الشبكات الإقليمية للإنتاج والتجارة من خلال تعزيز القدرات الإنتاجية واستمرار المساعي لتعزيز دور القطاع الصناعي والانخراط في سلاسل القيمة المضافة عالميا، عبر تحفيز تنوع الصناعات الإفريقية، وأن الجزائر تولي أهمية بالغة للاستثمار في البنى التحتية والمنشآت القاعدية.