منصة رقمية موحدة لمتابعة تقدم المشاريع في تونس

رئيسة الحكومة تدعو إلى اعتماد مقاربة شاملة تدفع بالاستثمار العمومي.
الاثنين 2025/06/23
شبكة الطرقات من أبرز المشاريع المعطلة

تونس - أعلنت رئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري، بقصر الحكومة بالقصبة، عن إطلاق منصّة رقمية موّحدة للمتابعة الحينية لتقدم المشاريع العمومية من خلال لوحة قيادة تمكن من قياس نسبة تقدم الإنجاز وضبط رزنامة للتسريع في إنجازها.

وثمن مراقبون الخطوة الحكومية، معتبرين أنها ستساهم في دعم آليات الرقابة للمشاريع التي في طور الإنجاز، فضلا عن تحديد مواطن الخلل والتقصير.

ويرى هؤلاء أن هناك الكثير من المشاريع معطلة في البلاد، وهي متنوعة، لكن أكثرها يتعلق بمشاريع البنية التحتية مثل الطرق السريعة التي تربط بين الولايات (المحافظات)، فضلا عن المؤسسات الصحية.

ويرتبط التعطيل أو التقدم البطيء للمشاريع في جانب منه بالبيروقراطية وتعقيد الإجراءات الإدارية وسوء الرقابة والمتابعة وتدخل الفساد في الصفقات العمومية، إلى جانب عدم تقديم تسهيلات للمستثمرين خاصة في السنوات الأخيرة.

المنذر ثابت: المقاربة الحكومية الجديدة صائبة لإنجاز المشاريع
المنذر ثابت: المقاربة الحكومية الجديدة صائبة لإنجاز المشاريع

وأكدت رئيسة الحكومة التونسية خلال المجلس الوزاري السبت، والذي خُصّص لمتابعة تقدّم أشغال المشاريع العمومية بكافة ولايات البلاد، أنّه سيكون هناك تغيير كبير على مستوى متابعة المشاريع والمرافق العمومية.

واعتبرت الزنزري أنّ هذا الموضوع سيكون من أهم النقاط القارة للمتابعة من قبل مصالح رئاسة الحكومة اعتمادا على مقاربة جديدة تكون شاملة ووطنية وتدفع بالاستثمار العمومي ليكون قاطرة للاستثمار الخاص، وتساهم في الزيادة في نسبة النّمو الاقتصادي وتضمن العدالة الاقتصادية والاجتماعية المنشودة.

وأفادت بأنه سيتم لأول مرة في تونس إعداد مشروع مخطط التنمية للفترة 2026 – 2030 وفق مقاربة جديدة ومنهجية تشاركية تصاعدية، تنطلق من اقتراحات البرامج والمشاريع على مستوى المجالس المحلية ثم الجهوّية، ثم على مستوى مجالس الأقاليم، ثم على المستوى الوطني.

وتمّ خلال هذا المجلس، وفق بلاغ صادر عن رئاسة الحكومة، النظر في نسبة تقدّم جملة من المشاريع التنمويّة في كلّ القطاعات، على غرار الصّحة والنّقل والتربية والبنية التحتية وتكنولوجيات الاتصال والفلاحة والصّناعة والمناجم والطاقة، وخاصة منها مشاريع تهيئة المناطق الصناعية وإنشاء محطات إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسيّة.

كما تم النظر في نسبة تقدّم مشاريع تخص التنمية المندمجة والمجالات الاجتماعية والبيئية والسياحية والتجارية والتكوين المهني والتشغيل والتعليم العالي والبحث العلمي والشباب والرياضة والثقافة وغيرها من المجالات.

وأمام البطء الذي يشهده تقدّم العديد من المشاريع التنموية، شدّدت رئيسة الحكومة على وجوب تسيير دواليب الإدارة بعدد من المرافق العمومية اعتمادا على السياسة التي تضبطها الدولة.

وذكّرت الزنزري بضرورة قيام كل مسؤول بالإدارة بالدور المحمول عليه على الوجه المطلوب وأن يتابع يوميا على الميدان كلّ المشاريع المناطة بعهدته وأن يتحمل المسؤولية كاملة ويعمل على حلّ جل الإشكاليات في الإبان ودون أي تأخير، مشّددة على أنه سيتم تحميل المسؤولية لكل من يتهاون في خدمة المواطن.

وتبنّى كل رؤساء الحكومات بعد الخامس والعشرين من يوليو 2021 نفس الخطاب في علاقة بالمنجز الاجتماعي والاستثمار، لكن النتائج تظل محدودة وسط تساؤلات المتابعين عما إذا كان ذلك يعود إلى طرق تعامل الفريق الحكومي مع الملف، أم لمحدودية الأداء والإمكانيات؟

وتعتبر الإشكاليات الإجرائية أهم عائق لتقدم المشاريع، وتعود إلى ضعف التنسيق بين الأطراف المتداخلة في إنجاز المشروع سواء على المستوى الجهوي أو المركزي أو إلى بطء في اتخاذ الإجراءات اللازمة من قبل المصالح الإدارية المعنية أو نقص في المتابعة من قبل الإدارة والتنسيق بين المتدخلين العموميين.

وأفاد المحلل السياسي المنذر ثابت بأن “المشاريع العمومية المعطلة تكاد تشكل ملفا قائم الذات أمام الحكومات التي تعاقبت، والإشكاليات عديدة بالنسبة للاعتمادات المرصودة والبطء البيروقراطي.”

وأكد في تصريح لـ”العرب” أن “المقاربة الحكومية الجديدة صائبة من ناحية إنجاز المشاريع ومراقبة مواطن الخلل، وأي تعطيل أو خلل سيكون واضحا أو مساءلة من عطّل أي مرحلة من مراحل إنجاز المشاريع، فضلا عن مراجعة الاعتمادات المالية وتحيين الكلفة المالية للمشاريع.”

كل رؤساء الحكومات بعد الخامس والعشرين من يوليو 2021 تبنّى نفس الخطاب في علاقة بالمنجز الاجتماعي والاستثمار، لكن النتائج تظل محدودة

وأضاف ثابت أن “الآلية الرقابية متاحة للجميع من أجل غلق الباب أمام الإخلالات أو ربما ممارسات الفساد بهدف ضمان النجاعة، ويمكن أن تتحول إلى آلية للتعاطي مع المؤسسات العمومية المأزومة التي لا تزال تنتظر تطهيرا ماليا وإداريا لآلياتها.”

دعت رئيسة الحكومة التونسية إلى اعتماد مقاربة جديدة لمعالجة كلّ المسائل اعتمادا على الاستشراف والاستباق في معالجة الملفات، وخاصّة التي تمس مباشرة الحياة اليومية للمواطن التونسي، مشيرة إلى أنّ من غير المقبول في سنة 2025 تعطيل مشاريع تزويد العديد من المناطق في العديد من الولايات بالماء الصالح للشرب وتواصل انقطاع الماء الصالح للشرب والتيار الكهربائي في عدد من مناطق الجمهورية وخاصة عند حلول الأعياد أو المناسبات الأخرى.

وأبرزت أهمية دور الولاة والمعتمدين والعمد وكلّ المسؤولين الجهويين والمحليين في تذليل كلّ الصعوبات والعراقيل وحلّ كل الإشكاليات التي تعترض المواطنين بصفة حينية ودون تأخير حتى تكون الدولة في مستوى انتظارات التونسيين في كافة المجالات، داعية الجميع إلى مضاعفة المجهودات وانخراط كل المسؤولين في العمل على المتابعة بصفة مستمرة لكلّ المسائل ذات العلاقة بخدمة المواطنين في كلّ القطاعات والمجالات.

وتعود الصعوبات المالية إلى الإعلان عن برامج ومشاريع دون توفير التمويلات اللازمة لإنجازها، وعدم وجود التمويلات والاعتمادات اللازمة نتيجة تجاوز التكلفة المرسمة بالموازنة أو تأخر في فتح الاعتمادات، أما بقية الإشكاليات فتتوزع بين فنية أو اجتماعية وتعود الإشكاليات الاجتماعية خاصة إلى استحواذ بعض المواطنين على الأراضي المخصصة لإنجاز المشاريع أو معارضتهم لإنجاز المشروع لأسباب مختلفة.

ويؤثر تعطيل إنجاز هذه المشاريع الاستثمارية الكبرى سلبا على واقع البلاد، ما دفع بعض المستثمرين إلى تحويل استثماراتهم نحو بلدان أقل قيودا.

4