منصب إعلامي جديد في مصر: رئيس تحرير رؤساء التحرير

تطبيق مصري للأخبار يمثل ضرورة إعلامية وحصانة للمواقع من الاختراقات الخارجية.
الثلاثاء 2022/06/07
أخبار متشابهة

ينتظر في مصر إطلاق تطبيق إخباري مصري جديد يحمل اسم "سبوت" لتعويض تطبيق "نبض" واسع الانتشار في البلد وغلق المنافذ أمام الاختراقات ونشر الأخبار الكاذبة.

القاهرة- أحدث قرار الهيئة الوطنية للصحافة في مصر بعزمها إطلاق تطبيق إخباري يمثل وسيطا بين المواقع الإخبارية والقارئ جدلا وسط الجماعة الصحافية بحكم غياب الرؤية والدوافع وراء التحرك الجديد، وما إذا كانت الهيئة تسعى إلى أن تكون منافسة للصحف الرقمية المسؤولة عن إدارتها وتنظيمها أم بهدف ربط الجمهور بهذه المنابر.

ومن المقرر أن يتم إطلاق التطبيق الذي يحمل اسم “سبوت” نهاية يونيو الجاري بحضور مسؤولين ورموز إعلامية، حيث تحظى الخطوة بدعم من جهات رسمية عديدة في مصر لضبط وتنظيم المحتوى الصحافي الذي يصل إلى الجمهور عبر التطبيقات الرقمية والحيلولة دون بث أخبار من مواقع وقنوات معادية للدولة المصرية.

وتهدف الهيئة الوطنية للصحافة ورئيسها عبدالصادق الشوربجي من وراء إطلاق التطبيق إلى أن يصبح بديلا عن تطبيق “نبض” الشهير الذي تسبب مؤخرا في حالة من الجدل السياسي والإعلامي بعدما تعرض للاختراق ونشر خبرا مسيئا للرئاسة المصرية وصل إلى المشتركين وبعدها انتشر على منصات التواصل الاجتماعي.

جلال نصار: غياب شخصية الصحف تحد أمام تحقيق أهداف التطبيق

وحتى وقوع هذا الفعل المسيء، كان “نبض” التطبيق الأكثر جماهيرية في مصر، ويُرسل المحتوى الصحافي الذي تبثه المواقع الإخبارية وبعض البرامج التلفزيونية داخل البلاد وخارجها من خلال تنويهات تصل إلى هواتف الملايين من المشتركين دون تصفح المواقع بحثا عن الأخبار التي تمس قطاعات عريضة من الجمهور.

ولا يزال تطبيق “نبض” يعمل في مصر، لكنه لا يُرسل الأخبار التي تنشرها العديد من المواقع الإخبارية التابعة للحكومة للمشتركين كما كان يحدث من قبل بعدما اضطرت إدارات المؤسسات الصحافية لإجراء تعديلات في قواعد النشر الإلكتروني بشكل لا يتيح وصول الأخبار مباشرة إلى التطبيق.

وتخشى العديد من الصحف الإلكترونية أن يتم اختراقها ونشر أخبار مسيئة للحكومة أو أيّ من الجهات الرسمية وتصل إلى المشتركين في تطبيق “نبض”، لذلك تم تعديل قواعد النشر وبدأت الهيئة الوطنية للصحافة التفكير في تطبيق خاص بها مهمته إرسال المحتوى الصحافي إلى المشتركين في تطبيقها، وتصبح هناك رقابة صارمة.

وتعرضت مواقع إخبارية تابعة لمؤسسات صحافية كبرى في مصر للاختراق من جانب أفراد وجهات مجهولة وتم نشر أخبار حملت إساءات للحكومة، وهو نفس الأمر الذي حدث في أبريل الماضي عندما تم اختراق موقع فضائية “إكسترا نيوز” ونشر خبرا مسيئا للدولة ظهر مباشرة على تطبيق “نبض” قبل أن تتدخل جهات أمنية لحجبه ومعالجة الموقف سريعا.

وقال رئيس الهيئة الوطنية للصحافة إن “الهيئة فكّرت مع وزارة الاتصالات والحكومة في إنشاء تطبيق صحافي يتم إطلاقه نهاية يونيو المقبل بعدما فوجئنا بأن المحتوى الذي تنتجه المواقع المصرية بعد مشقة وتعب من الصحافيين العاملين فيها يتم نقله إلى تطبيقات إلكترونية أخرى بعضها غير مصري”.

وسوف يتم نشر المحتوى على التطبيق المصري وانتقاء الأخبار من المواقع القومية والحزبية والخاصة والصحف الرقمية العربية والدولية أيضا، ما يوفر للقارئ كل ما يريد معرفته، سواء ما يرتبط بالشؤون المحلية أو العربية أو الدولية، مع القيام بتطوير المحتوى الصحافي الذي تقدمه المواقع المصرية ليكون مواكبا لمتطلبات العصر.

وكشفت مصادر إعلامية لـ”العرب” أنه يجري حاليا انتقاء عناصر صحافية وإدارية من المؤسسات الصحافية للعمل في تطبيق الأخبار بعيدا عن الوساطات والمعارف ودائرة العلاقات لتكون قواعد النشر قائمة على المهنية وانتقاء المحتوى الجيد الذي يحتاجه الجمهور بلا محاباة لصحيفة على حساب الأخرى.

عبدالصادق الشوربجي: المحتوى الذي تنتجه المواقع المصرية بعد مشقة وتعب من الصحافيين العاملين فيها يتم نقله إلى تطبيقات إلكترونية أخرى بعضها غير مصري

ويخشى البعض من العاملين في المهنة أن يصبح التطبيق الجديد سببا في وجود صراعات خفية بين رؤساء تحرير الصحف المختلفة أو بين القائمين على إدارة المؤسسات الصحافية والمسؤولين بالهيئة الوطنية للصحافة لأن تحول التطبيق الرقمي إلى موقع منافس للمواقع الإخبارية الأخرى يعني أن المسؤول عن التحرير في التطبيق الجديد سيكون أشبه بـ”رئيس رؤساء التحرير”.

ولا يزال مشروع التطبيق البديل مثيرا لحيرة بعض رؤساء تحرير الصحف والمواقع الإخبارية في ظل رفض البعض منهم أن تكون الجهة المنوط بها رقابة المنابر الصحافية منافسة لهم في جذب القراء، وهناك ضبابية حول المحتوى الذي ينشره التطبيق، وهل سيكون مأخوذا كله من المواقع أم التطبيق نفسه سينتج أخبارا خاصة به؟

وأكدت المصادر ذاتها لـ”العرب” أن إطلاق تطبيق جديد لبث الأخبار بشكل سهل وسريع إلى الجمهور يستهدف التسويق للمواقع الإخبارية لا منافستها، لأن الهيئة من مصلحتها نجاح المؤسسات الصحافية وتحقيق أعلى نسب مشاهدة، وهذا يعزز دورها بعيدا عن تحول منصات التواصل إلى منافس لها.

ويحمل التخطيط لإطلاق التطبيق الرقمي إشارات بأنه سيكون غير تقليدي مع الشراكة التي تم إبرامها بين الهيئة الوطنية للصحافة ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لرفع كفاءة الأداء الإعلامي وخلق مضمون رقمي جذاب يواكب تكنولوجيا الإعلام، بحيث يتم توفير المادة التحريرية التي تبحث عنها كل الفئات معا.

ورأى جلال نصار الخبير الإعلامي أن كل ما من شأنه زيادة جماهيرية الصحف ووصول محتواها إلى الجمهور هو تحرك إيجابي، لكن يظل التحدي أمام تحقيق أهداف فكرة التطبيق غياب شخصية الصحيفة بعدما تحولت الإصدارات إلى نسخ متشابهة وكان لكل مؤسسة شخصية تميزها في التناول والأفكار والقضايا محل النقاش.

وأوضح لـ”العرب” أن وصول المحتوى الإخباري إلى الجمهور عبر تطبيق عصري ضرورة حتمية وسط تغير ثقافة القراء وبحثهم عن الأخبار بأقل جهد، إنما هذا يتطلب تنوعا وعمقا، لأن التعويل على التطبيق فقط لن يحل المشكلة، لكن قد يصبح جزءا من عودة الناس إلى الصحف مرة أخرى.

وفق الشراكة المبرمة بين الهيئة ووزارة الاتصالات سوف يتيح تطبيق الهاتف المحمول نشر الأخبار المحلية والعالمية على مدار الساعة، ووضع نسخ رقمية من صحف وإصدارات المؤسسات الصحافية الحكومية وغيرها، وتطوير خدمات التحرير الصحافي للأخبار لتوسيع القاعدة الجماهيرية لمختلف المنابر.

البعض من العاملين في المهنة يخشى أن يصبح التطبيق الجديد سببا في وجود صراعات خفية بين رؤساء تحرير الصحف المختلفة

ومن بين أهداف التطبيق أن يصل إلى أكبر شريحة من الجمهور، خاصة سكان المناطق الريفية والشعبية والحدودية، حتى البسطاء ممن لا يسمح لهم مستواهم التعليمي بالقراءة الخبرية، حيث سيضم التطبيق خاصية قراءة الخبر للمتصفح مع التركيز على الخدمات وانتقاء أخبار تلامس احتياجات الناس بعمق ومهنية.

ويرى مراقبون أن أهم ميزة في تبعية التطبيق الجديد أن هيئة الصحافة المشرفة عليه تستطيع الحكم على جماهيرية كل موقع وصحيفة ونسب الإقبال، وهذا من شأنه أن يخلق نوعا من المنافسة بين العديد من الصحف في مصر لنشرها محتويات تقليدية.

ويرتبط التنافس المتوقع بأن كل صحيفة أو موقع سيكون لديه الحافز لتصل أكبر نسبة من أخباره إلى الجمهور، وسيصبح المسؤولون عن التطبيق لهم حق اختيار وانتقاء المحتوى الذي سيتم نشره ليصل إلى الناس شريطة أن يكون هاما، وهو ما من شأنه تشجيع الصحف على تطوير محتواها.

16