منصات البودكاست ملاذا لترويج أفكار جماعة الإخوان

عمان - تسخّر جماعة الإخوان جميع الأحداث والمناسبات لاستثمارها في الدعاية والترويج لأفكارها وباتت منصات البوكسات إحدى المنابر المواتية للجماعة للتأثير على المزاج العام، في المواضيع الاجتماعية وصولا إلى الانتخابات وقد ظهر هذا واضحا في الانتخابات البرلمانية الأسبوع الماضي في الأردن.
ورصد ناشطون على الشبكات الاجتماعية عدة برامج بودكاست خصصت للترويج والدعاية الانتخابية، وقالت ناشطة:
وتسعى جماعة الإخوان إلى استخدام التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي وسيلة من أجل تحقيق أهدافها لاسيما ما يتعلق بنشر الأفكار والترويج لها واستقطاب الأعضاء والأنصار والمتعاطفين وإدارة الصراعات مع الخصوم السياسيين.
وفطن الإخوان في ظل هذه البيئة الجديدة بأهمية البودكاست وأنه بات بمقدورهم نشر أفكارهم والترويج لها بالنظر إلى الوصول إلى مختلف أرجاء العالم، وذلك من دون أن يكون في وسع الدولة منعها من ذلك.
وأوضح الباحث المتخصص في الجماعات المتطرفة عبدالله الجديع أن الملاحقات القضائية التي يتعرض لها المنتمون إلى جماعة الإخوان قد دفعتهم إلى التحايل واستغلال منصات التواصل غير الخاضعة للرقابة، وخاصة البودكاست، كوسيلة لبث أفكارهم المتطرفة.
وأشار الجديع، في حديثه خلال برنامج “سؤال مباشر” على قناة العربية، إلى أن منصات البودكاست أصبحت ملاذا جديدا للإخوان المسلمين لنشر أفكارهم الإرهابية، معلقا بأن تأثير هذه المنصات يبدو “كبيرا ومقلقا”.
وأضاف الجديع أن بعض برامج البودكاست التي يستخدمها الإخوان المسلمين تروّج لفكرة الموت من أجل المشروع الإخواني، مؤكدا أن هذه المنصات تحولت في بعض الأحيان إلى “أكاديميات تعليمية” مغلقة، هدفها الترويج للتطرف.
وذكر أن الجماعة تستغل هذه المنصات لبث ما وصفه بـ”التزهيد” في التعليم الجامعي، وهو أمر يحمل تأثيرات سلبية على الوعي ومستقبل المتلقين.
ووظفت الجماعة البودكاست العابر للحدود والبعيد عن الرقابة بقوة في الترويج لأفكارها لاجتذاب المزيد من الأتباع، فعرضت آراءها في مختلف القضايا، وبثت مواقفها إزاء مختلف ظواهر الواقع السياسي ومتغيراته. كما خصصت مواقع إخوان ناطقة بالإنجليزية للتواصل مع الشباب العربي المغترب.
وتعد منصات التواصل الاجتماعي الأداة الأهم والأكثر فاعلية لدى جماعة الإخوان وعناصرها في الداخل والخارج للتأثير على الرأي العام، إذ تمثل هذه المنصات قناة اتصال وتواصل مع فئات واسعة من الشعب المصري وخاصة فئة الشباب الأكثر تأثرا بما يتم ترويجه من قبل هذه العناصر واللجان الإلكترونية، والأكثر قابلية للاستثارة لإحداث ما يصبو إليه الإخوان من تغيير سياسي واجتماعي.
الجماعة وظفت البودكاست العابر للحدود والبعيد عن الرقابة بقوة في الترويج لأفكارها لاجتذاب المزيد من الأتباع
هذا بالإضافة إلى استغلال الجماعة لمنصات التواصل الاجتماعي في تصدير صور زائفة خارجيا توحي بأن هناك حالة من الغضب والسخط الشعبي ضد القيادة السياسية، وخصوصا في مصر.
وتعمد عناصر الجماعة من خلال تكوينها لجانا وخلايا إلكترونية عديدة إلى خلق “تريندات” وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة تويتر، إما للترويج لفكرة ما غالبا ما تكون رافضة لقرار أو لتصريح من الرئيس مثل هاشتاغ “مش من جيبك”، أو لإيهام المواطنين بأن هناك حالة من الغضب العارم التي يجب أن ينضم المواطنون إليها، وأن هناك حشدا غاضبا متحققا بالفعل، ومن ثم إذا ما قرر المواطنون النزول إلى الشوارع استجابة لهذا الحشد الإلكتروني سيمثلون كتلة شعبية كبيرة.
وتمثل السخرية أداة مهمة ومحورية من أدوات عمل الإخوان، إذ تعمد اللجان الإلكترونية التابعة لها إلى السخرية من كل شيء يتعلق بإدارة الدولة أو بأي إنجاز يتحقق، ومن ثم التسفيه منه ومن أهميته. وهو ما يصل في النهاية إلى نتيجة لدى المواطنين مفادها أن الدولة عاجزة أو مقصرة، وأن كل ما تقوم به لا يرقى إلى معالجة أوضاعهم المعيشية والاجتماعية البائسة والصعبة، بجانب هدم هيبة مؤسسات الدولة ورجالات الدولة عبر السخرية والنكات وكسر الكرامة ونشر ثقافة الإعدام المعنوي والترهيب النفسي والاغتيال الثقافي.
وعبر الصفحات والمنصات واللجان الإلكترونية التابعة لها تتعمد الجماعة دائما اقتطاع أجزاء معينة من تصريحات المسؤولين الرسميين لإيصال رسائل مضللة للمواطنين تسهم في زيادة غضبهم تجاه شخص المسؤول أو إزاء قضية معينة.
وتعمل الجماعة على استغلال الملفات التي تمس حياة المواطنين والتضخيم منها على مواقع التواصل الاجتماعي لتأليب الرأي العام وخلق حالة من الزخم الرافض لبعض القرارات أو السياسات. وهو ما يظهر في قضايا مثل ارتفاع أسعار السلع الأساسية، وكذلك ارتفاع أسعار الكهرباء والخدمات الحكومية، وخطط الحكومة لإزالة بعض العمارات، وذلك من خلال بث معلومات مغلوطة في هذه القضايا والتضخيم منها بشكل يجعل هذه المعلومات المغلوطة هي الأساس المعرفي لدى المواطنين والذي يصعب بعد ذلك تصديق عكسه بعد نفيه من قبل مجلس الوزراء أو الدولة بوجه عام.
وتركز المنصات التابعة لجماعة الإخوان على الوضع الاقتصادي بشكل كبير جدًا لكونه ملفا محوريا يمس حياة المواطنين ومعيشتهم بشكل جوهري ومباشر. وتعمد الجماعة إلى خلق رأي عام بأن الوضع الاقتصادي مترد ومتدهور إلى أقصى حد. مع التركيز بشكل ضخم على ملف الديون، والحديث عن أن النظام السياسي لا يملك أي إستراتيجية اقتصادية ولا يملك أي خطط اقتصادية سوى الاقتراض من المؤسسات الدولية والدول الصديقة والشقيقة، بما يسهم في ارتفاع الديون بشكل ضخم، وبلوغها نسبة عالية تفوق الناتج المحلي الإجمالي. وذلك للوصول إلى نتيجة مفادها أن الانهيار الاقتصادي لمصر وشيك للغاية، مع الاستشهاد ببعض الملفات المثارة مؤخرا مثل انخفاض ما تمتلكه البنوك المصرية من عملة أجنبية، واقترابها من الإفلاس.
لجأت لجان الإخوان إلى تأسيس صفحات غير سياسية أو دينية، تحمل أسماء تمس التراث الفني والأدبي والفكري للشعب المصري، مثل أم كلثوم وعبدالحليم حافظ ومحمد عبدالوهاب، أو بعض لاعبي كرة القدم المعتزلين المهمين. بالإضافة إلى الصفحات الإخبارية في مجال الرياضة، حيث لا يزال رهان تنظيم الإخوان على الحماسة الرياضية وتوظيفها في روابط رياضية تعمل وقت الحاجة ضد الدولة في إثارة الاضطرابات في الشارع كما جرى في سنوات الفوضى ما بين عامي 2011 و2013.