منشورات رامينا تواصل نشر أدب أكراد سوريا بكتابين جديدين

لندن – تواصل منشورات رامينا في لندن التعريف بالأدب الكردي السوري بشكل خاص، وهو الذي يزخر بالعديد من التجارب خاصة تلك التي تكتب بالعربية والتي تقدم عوالم خاصة تغني الأدب العربي بشكل لافت، بما يجول في أعماق الكتاب الكرد من تعلق بالمكان وحنين إلى الماضي وعودة إلى جذور الطفولة حيث الأدب الصافي الذي يفتح شهية الروح على التأمل والمتعة.
وصدرت أخيرا عن منشورات رامينا مجموعة شعرية هي الأولى للشاعر الكردي السوري مقداد خليل، بعنوان “ذا حقل آخر للمراوحة” وجاءت المجموعة في مئة صفحة من القطع المتوسط.
تحتوي المجموعة على نصوص وقصائد كتبت خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. تختلف النصوص في تناولها وطريقة بنائها وفي طولها وقصرها ما يجعلها تجربة حيّة متغيرة ومتبدلة في الكتاب، الذي لا يركن إلى تصور واحد ويحاول أن يرى من زوايا عديدة عالم الماضي والمكان البعيد في الزمن والمسافة والذكرى.
يتأمل الشاعر في دقائق الأشياء والأشخاص والمجريات اليومية والذاكرة والأحلام بذات مستنفرة عارية، جرى خلالها استخلاص مادة الأدب من كل شيء بلغة أرادت تجاوز المألوف، وبكسر للغة هنا وتصليد لها هناك. ربما يمكن أن توصف هذه المجموعة بأنها سيرة ذاتية للمشاعر والأشياء الظليلة.
كتبت النصوص كلها أثناء إقامة الشاعر مقداد خليل في مدينته عامودا، وحيث أتيح له الانعزال والتفرغ لمتابعة الذات والأشياء المنعزلة من تلقائها، وكان على الكتابة أن تكون مغايرة وتنطق عن محيطها.
يحضر في النصوص أقرب الأشخاص والكائنات، كالأم والأخت، وحشرات الباحة ونباتها، داخل زمن بطيء وبيئة تكون مزيجا من الأحلام واليقظة المنبهرة بالمنظورات.
ثمة تعدد في الأسلوب الكتابي، نظرا إلى امتداد زمن كتابة النصوص على مدى عقد كامل من الزمن، تخللته فراغات وتحولات على أصعدة عديدة، لكن الشاعر خير الإبقاء على تلك الفراغات لتبيان التحولات التي تطرأ على القصيدة والفكرة والأسلوب الشعري.
ويذكر أن مقداد خليل من مواليد خرزة، التابعة لمدينة عامودا سوريا (1973). درس الأدب العربي في جامعة حلب، كلية الآداب. عمل ومازال في مجال المراجعة والتدقيق اللغوي. يعيش في مدينة ماردين، تركيا.
الكتاب الثاني الصادر حديثا عن منشورات رامينا هو مجموعة نصوص تجمع بين القصص والقصائد والتأملات بعنوان “غريق نهر الخنزير” للشاعر والقاص الكردي السوري عبدالرحمن عفيف.
يحاول الشاعر عبدالرحمن عفيف في “غريق نهر الخنزير” استرجاع الأيام الماضية من حياته وحياة آخرين، استرجاع المكان والزمان والانطباعات القديمة، حتى تلك التي في أعماق النسيان العميقة، وإعادة كتابة هذه الأمور كفعل تحد يتم القيام به لأجل عيش هذه اللحظات الماضيات ثانية عن طريق اللغة، بعد أن صارت عدما كاملا.
يعيد الكاتب في هذا العمل تأثيث عالمه بحكاياته وذكرياته من مدينته عامودا ومن بساطة وجمالية الحياة والناس فيها قبل سنوات، يصنع من نفسه شخصا على وشك الغرق، يود ملء ما فيه من طاقة وقدرة بعد أن يقص حياة بتفاصيل دقيقة وعواطف وإحساسات، وهو مؤمن بأنه إن نجح في قصه وتعبيره، فإنه لن يغرق قط، بل يكتسب حياة متجددة وعيشا متبرعما، فيهتدي به آخرون كثيرون على وشك الغرق مثله.
قصائد "ذا حقل آخر للمراوحة" ونصوص "غريق نهر الخنزير" تجربتان أدبيتان مختلفتان تجمعهما ذكريات من عامودا
يقسم الكاتب عمله إلى ثلاثة أقسام، أقاصيص وإشراقات وأشعار، ويعود فيها الكاتب إلى سجل ذكرياته ومراحل مختلفة من حياته وارتحالاته بين ثنايا الأمكنة، بحيث يكون نهر الخنزير الذي كان يقطع مدينته عامودا إلى شطرين، نقطة الالتقاء وقارب الانطلاق نحو حميمية الماضي ودفء تفاصيله الجميلة. وبالإمكان مشاهدة جماليات الغرق في الذكريات الأثيرة في أبلغ سطوع ووضوح له في إشراقات الشاعر.
“غريق نهر الخنزير” كتاب جامع لأشد لحظات الحنين ومستخرج لأبلغ ما نسي وطمر، وبذلك يمتلك قابلية أن يقرأ على مستويات عديدة: كشعر وأغنية، كإشراق ومكاشفة أو حكاية ورواية. وهو كتاب الذاكرة المتجددة النابضة بالحياة.
ويشار إلى أن لوحة الغلاف للفنان الكردي السوري بشار العيسى وتصميم الغلاف للشاعر والفنان ياسين أحمدي. ويقع الكتاب في 300 صفحة من القطع المتوسط.
أما عبدالرحمن عفيف فهو شاعر وقاص ومترجم كردي سوري، ولد في عامودا – سوريا سنة 1971. درس في جامعة حلب الأدب العربي. يعيش منذ سنة 1996 في ألمانيا. له ثلاث مجموعات شعرية “نجوم مؤلمة تحت رأسي”، “رنين الفجر على الأرض” و”وادي الديازيبام”. وثلاث مجموعات قصصية “الحجحجيك”، “في سيارة ابن الصراف” و”دموع الملائكة أو السعادة المطلقة”. وله في الترجمة عن الألمانية “الثلج يهب على الألفباء: قصائد مختارة من الشعر الألماني”، و”شوقا إليك أبليت الزناجير: قصائد للشاعر أحمد عارف”.