منحة المتقاعدين في الكويت جرعة تسكينية تستهدف الترويج لمكاسب شعبية

الكويت – أعلن رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم أنه سيدعو إلى عقد جلسة لإقرار مشروع قانون منحة المتقاعدين، بعد جدل كبير صاحب النظر في المشروع في علاقة بمدى دستورية المصادقة عليه في ظل حكومة تصريف أعمال يومية.
وينص مشروع القانون على تقديم منحة لجميع المتقاعدين تقدر بثلاثة آلاف ريال كويتي، إلى جانب زيادة المعاش التقاعدي بقيمة عشرين دينارا سنويا، كما يقضي المشروع بأن تلتزم الخزانة العامة بسداد العجز الاكتواري لصندوق التأمينات الاجتماعية، من خلال دفعات سنوية لا تقل عن خمسمئة مليون دينار حتى انتهاء العجز.
ويرى خبراء اقتصاد أن المشروع خطوة استعراضية من قبل الحكومة والبرلمان، للتسويق لإنجاز للشارع الكويتي، في حين كان المفروض أن يجري طرحه ضمن سلة إصلاحات تهم معالجة العجز المتراكم للتأمينات الاجتماعية، الذي ناهز العشرين مليار دينار.
وكان من المفترض أن تجري المصادقة على المشروع منذ فترة، لكن الحكومة برئاسة الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح رفضت حضور الجلسة، بانتظار حسم القيادة الكويتية في استقالتها التي قدمتها في أبريل الماضي.
وشكل المرسوم الأميري الصادر في مايو الماضي بشأن قبول الاستقالة وتحويل الحكومة الحالية إلى حكومة تصريف أعمال يومية بانتظار تشكيل حكومة جديدة، بداية لحلحلة مسألة المنحة.
وعقدت اللجنتان المالية والتشريعية الأحد اجتماعا للتوصل إلى صيغة نهائية للمشروع. وقال رئيس اللجنة المشتركة النائب أحمد الحمد في تصريحات لوسائل إعلام محلية إن اللجنة تلقت رسالة إيجابية من الحكومة بشأن القانون.
وأوضح الحمد أن اللجنة لم تجر في اجتماعها أي تعديلات على القانون، بخلاف شرح تفصيلي للمادة الثالثة في المذكرة الإيضاحية للقانون. وبيّن أن الزيادة السنوية ستبدأ من تاريخ الأول من أغسطس 2023، مع الحفاظ على زيادة الـ30 دينارا الحالية والمستحقة في أغسطس 2022.
وقال الكاتب والمحلل الكويتي محمد البغلي إن مشروع القانون الذي أنجزته اللجنة المشتركة “المالية والاقتصادية – التشريعية والقانونية” والمتوقع أن يناقشه مجلس الأمة قريبا، فيما يبدو أنها مقايضة حكومية برلمانية على حساب المستقبل، قد خلا من أهم بندين في القانون السابق، الذي لم يستطع مجلس الأمة تمريره في جلسة مارس الماضي، بعدما تحولت الجلسة إلى مرآة لفوضى العلاقة بين السلطتين بكل ما فيها من رغبة في تسجيل النقاط والمزايدة الشعبوية، وحتى المباغتة في تقديم الاقتراحات غير المدروسة.
عبدالله الطريجي: من دون مزايدات، سأحضر الجلسة من أجل المتقاعدين
وأشار البغلي في مقال له إلى أن التقرير الجديد للجنة المشتركة خلا من بند رفع الحد الأدنى للمعاش التقاعدي البالغ حاليا 600 دينار إلى ألف دينار أي الفئات الأقل دخلا، التي يفترض أن تكون هي الفئة المشمولة بالأولوية.
ولفت البغلي إلى أن الحكومة ومجلس الأمة كان عليهما تعديل الوضع المالي للفئات الهشة من المتقاعدين مع صرف منحة مرة واحدة، بالمساواة مع متقاعدين آخرين لديهم معاشات تقاعدية عالية أو دخول إضافية أخرى، ففلسفة أي تعديل يحمل أعباء مالية أن يوجّه إلى الفئات الأقل دخلا لأنها الأكثر انكشافا على متغيرات التضخم والغلاء.
واعتبر المحلل الكويتي أن “إبرة البنج” الخاصة لم تظلم فقط الفئات الأقل دخلا، بل أيضا حرمت نظام التأمينات الكويتي من مناقشة مسألة مهمة كرفع سن التقاعد ثلاث سنوات إضافية، خصوصا مع بلوغ عجز الحسابات الاكتوارية لمؤسسة التأمينات الاجتماعية العشرين مليار دينار، في حين أن محفظة الاستثمارات الخاصة بالمؤسسة سجلت ارتفاعا استثنائيا بـ6.5 مليار دينار، مما يعني أن رصيد العجز الاكتواري المتبقي في حدود 13.5 مليارا والخزانة العامة هي الملزمة بتعويضه.
وتعتزم الحكومة الكويتية حضور الجلسة الخاصة بمنحة المتقاعدين، كما أبدى العديد من النواب توجها للمشاركة فيها، فيما تمسك البعض بقرار المقاطعة مشددا على أنه لا يمكن مناقشة مثل هذا المشروع في ظل حكومة تصريف أعمال.
ويرى مراقبون أن غياب بعض النواب لن يؤثر على المصادقة على المشروع، حيث إن المواقف المعلنة حتى الآن تشي باكتمال النصاب لتمريره.
وأعلن النائب عبدالله الطريجي قائلا “من دون مزايدات وتكسّب وشعارات، سأحضر الجلسة من أجل المتقاعدين ومن أجل الكويت واستقرارها ودستورها”، فيما رد النائب أسامة المناور على من يدعو أو يعلن مقاطعة جلسة منحة المتقاعدين، قائلا إن “حضور الجلسة له مبرره الدستوري، مع احترامنا للآراء التي ترى عدم دستورية الجلسة”.
ويستند مؤيدو عقد الجلسة إلى وجود سابقة في تمرير قوانين في ظل حكومة تصريف أعمال، على غرار مشروع قانون الرياضة الذي تمت المصادقة عليه في العام 2017.