منتدى دافوس قلق من تنامي مخاطر تضخم الدين العالمي

أكثر من نصف الدول ذات الدخل المحدود تعيش ضائقة اقتصادية.
الجمعة 2022/05/27
تغيير النظرة للوضع ضروري

دافوس (سويسرا) - يشكل الدين سلاحا ضروريا لمكافحة الأزمات إلا أنه بلغ مستويات مقلقة في العالم مع ارتفاع نسب الفائدة، ما يدفع منتدى دافوس الاقتصادي إلى التفكير بالمخاطر التي قد تطرحها “أزمات ديون” مستقبلية.

وهيمنت التحذيرات من خطر تفاقم الديون السيادية وجبال الديون الرديئة المترتبة على الحكومات والشركات والأفراد على جلسات نقاش المنتدى، بينما تتسع حالة التشاؤم بسبب الحرب في شرق أوروبا التي قوضت ابتعاد الاقتصاد العالمي عن دوامة الانكماش.

وقدّرت المسؤولة الثانية في صندوق النقد الدولي جيتا غوبينات أنّ الدين العام بات قريبا من أن يشكل 120 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في البلدان المتقدّمة وقد “ارتفع بشكل ملحوظ” ضمن الأسواق الناشئة والدول النامية.

دايفد روبنشتاينن: أزمة الديون المشكلة الاقتصادية الأهم اليوم

وحذّرت خلال حلقة نقاش حول الموضوع في المنتدى الاقتصادي العالمي بمدينة دافوس السويسرية من أن “أكثر من نصف الدول ذات الدخل المحدود تعيش ضائقة اقتصادية” أو “على وشك الوقوع فيها”.

وتابعت غوبينات “يمكن حتما أن نشهد تفاقما لهذه الحالات”، مستبعدة في هذه المرحلة حصول “أزمة دين” على صعيد عالمي، بعد شهر ونصف شهر من تخلّف سريلانكا عن سداد ديونها.

وفي فصل من تقريره عن آفاق الاقتصاد العالمي، الذي نشره الشهر الماضي، قال صندوق النقد إن “عبء الديون قد يعيق النمو في البلدان المتقدّمة بنسبة 0.9 في المئة، وفي الأسواق الناشئة بنسبة 1.3 في المئة، على مدى السنوات الثلاث المقبلة”.

وتفاقمت الديون العامة مع آخر أزمتين عالميتين جسيمتين، الأزمة الماليّة والرهون العقاريّة بين عامي 2007 و2008، ثم تفشي الوباء الذي دفع بالحكومات حول العالم إلى المزيد من الإنفاق. وبات القلق يهيمن اليوم على كيفية إدارة هذه الديون.

ووصف الملياردير الأميركي دايفد روبنشتاينن مؤسس صندوق كارليل للاستثمارات، خلال طاولة مستديرة في دافوس عن مخاطر الركود وارتفاع أسعار المواد الغذائيّة، أزمة الديون بأنها “المشكلة الاقتصاديّة الأهم من بين كلّ المسائل المطروحة”.

والأمر لا يطال الديون الحكوميّة فقط. فوفقا لمعهد التمويل الدولي فإن الديون العامة والخاصة والتابعة للشركات والأسر في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، بلغت خلال الثلث الأول من العام الجاري ذروتها عند مستوى قياسي بلغ 30.5 تريليون دولار.

ولمواجهة التضخم، بدأت البنوك المركزيّة برفع نسب الفائدة، بعد سنوات من الانخفاض، ما يزيد تكلفة الاقتراض على الحكومات التي تستمرّ في الإنفاق لدعم اقتصاداتها، وكذلك بالنسبة إلى الشركات.

وقال فرنسوا فيلروي دو غالو حاكم البنك المركزي الفرنسي، خلال جلسة نقاش في دافوس الاثنين الماضي إن “الديون بات لها ثمن”، بعد أن كان الاقتراض حتى زمن قريب جدا لا يكلف شيئا تقريبا.

الديون العامة والخاصة والتابعة للشركات والأسر في الولايات المتحدة بلغت خلال الثلث الأول من العام الجاري ذروتها عند مستوى قياسي بلغ 30.5 تريليون دولار

وتابع دو غالو “إنه تغير جذري”، وشرح أنّ كلّ زيادة في الاقتراض بمعدّل نقطة مئوية واحدة مدى عشر سنوات يمكن أن تكلف نحو 40 مليار يورو إضافيّة بالنسبة إلى فرنسا وحدها.

وبات البنك الدولي الذي يخشى أن يؤدّي التسارع المحتمل في التضخّم إلى ارتفاع مفاجئ في أسعار الفائدة، يراقب القارة الأوروبية من كثب بعد أزمة ديون منطقة اليورو عام 2010.

وتبدو الاقتصادات الناشئة التي تتأثر تقليديا بارتفاع نسب الفوائد، هذه المرة أقل تعرّضا لمخاطر التخلّف عن سداد ديونها. ويسلط خبراء الضوء على تراجع مديونية هذه الدول بالعملات الأجنبيّة وزيادة احتياطاتها بالعملات الأجنبيّة.

لكن بحسب باتريك خوليكاني مدير بنك تنمية أفريقيا الجنوبية، فإن مخاطر التخلّف عن السداد أكبر بكثير بالنسبة إلى الدول الأكثر هشاشة.

وقال في إحدى جلسات المنتدى “نحن قلقون للغاية من أن يحصل ذلك”، مسلّطا الضوء على حجم ديون الأسر والشركات والارتفاع المدمّر لأسعار المواد الغذائيّة.

ولمساعدة البلدان الأكثر ضعفا يحاول المجتمع الدولي منذ أشهر تفعيل “حقوق السحب الخاصّة” وهي أصل احتياطي استحدثه صندوق النقد من شأنه تخفيف الأعباء عن هذه الدول بالتزامن مع عرض تعليق تسديد ديونها.

11