منتدى أبوظبي للسلم يبحث في الفاتيكان الاستعدادات لقمة هيروشيما

الشيخ المحفوظ بن بيه يؤكد أن اختيار الإمارات لعضوية "عملية هيروشيما للذكاء الاصطناعي" هو ثمرة اعتراف عالمي بنجاح رؤيتها للاستئناف الحضاري.
السبت 2024/05/18
المباحثات تناولت أهمية توسيع منتدى نداء روما بانخراط جميع الأديان

أبوظبي - أجرى الشيخ المحفوظ بن بيه، الأمين العام لمنتدى أبوظبي للسلم، سلسلة لقاءات رفيعة المستوى مع مسؤولين في الفاتيكان، في 13 مايو الجاري، في إطار استعراض جهود الإعداد لمؤتمر هيروشيما للذكاء الاصطناعي والأديان الذي يجري التحضير لعقده في شهر يوليو القادم ضمن أعمال "عملية هيروشيما" التي أطلقها قادة السبع مؤخّرا.

وقد عرفت الزيارة مباحثات ثنائية بين الشيخ المحفوظ بن بيه، ونيافة المطران فيشنزو باليا، رئيس الأكاديمية البابوية للحياة، حيث تناولت المباحثات أهمية توسيع منتدى نداء روما بانخراط جميع الأديان، والفلسفات الإنسانية في كافة أقطار المعمورة، لتعزيز دور النداء في بناء القوة الأخلاقية التي تدعو إلى الخير، وترشيد التطوّر الهائل الذي يعرفه الذكاء الاصطناعي.

وأكد الأمين العام، أن مبادرة المنتدى إلى الانخراط في نداء روما لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، وفي الإعداد لمؤتمر هيروشيما، يجسّد رُؤية الإمارات في الريادة، في مجال التكنولوجيا، تطويرا بثمرات الإبداع البشري وتأطيرا بمبادئ القيم الإنسانية التي تضمن أن يكون العلم خادما للسلم، ورافدا من روافد التعايش السعيد والأخوة الإنسانية.

وفي هذا السياق أشادَ الأمين العام الشيخ المحفوظ بن بيه باختيار دولة الإمارات كإحدى الدول الأعضاء، والدَّولة الوحيدة عربيًا وإقليميًا في مجموعة "عملية هيروشيما للذكاء الاصطناعي" معتبرا أن هذا الاختيار إنما هو ثمرة اعتراف العالم أجمعه بنجاح رؤية الاستئناف الحضاري التي تنتهجها الإمارات بقيادة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة.

ويعد منتدى أبوظبي للسلم أول منظمة إسلامية تنضم لـ"نداء روما لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي"، الذي وُقع في العاصمة الإيطالية روما بداية العام الجاري، بين الديانات الإبراهيمية الثلاث، ويعتبر وثيقة لحوار مشترك بين الجميع، تسهم في تطور إنساني للتقنيات الحديثة، وتعزز الالتزام بالقيم الإنسانية المشتركة، خاصة في مجال الذكاء الاصطناعي.

ومنذ تأسيسه عام 2014 يسعى منتدى أبوظبي للسلم إلى تحقيق أهدافه، التي تتمثل في إحياء ثقافة التعايش وتعزيزها في المجتمعات الإنسانية والمسلمة، وإحياء القيم الإنسانية المشتركة بين الأديان، إضافة إلى تصحيح المفاهيم المغلوطة باعتماد المنهجية العلمية الرصينة لمعالجة الفكر المأزوم وآثاره، كما يسعى إلى إيجاد فضاء للعلماء لنشر رسالة السلم والتعاون على الخير، وتعزيز دور الإمارات العربية المتحدة في نشر السلم وتوفير الأمن والسعادة للمجتمعات المسلمة والبشرية.

ويعتبر المنتدى أول كيان مؤسسي رسمي يهدف إلى توحيد الجهود في لمّ شمل الأمة الإسلامية وإطفاء الحرائق التي تجتاح جسدها وتهدد القيم الإنسانية ومبادئ الإسلام السمحة وتشيع شرور الطائفية والعنف التي تعصف بالعالم الإسلامي منذ عقود.

والشيخ المحفوظ بن بيه يقود المنتدى منذ العام 2020، وهو حاصل على دبلوم في العلاقات الدولية من معهد بركلي في الولايات المتحدة الأميركية، وله تجربة طويلة في مجال المبادرات الميدانية المعززة للسلم ونشر ثقافة التسامح والعمل الخيري، ويعرف بأنه خبير في العلاقات الدولية والتقارب بين الثقافات.

ويؤكد اختيار الإمارات كعضو في مجموعة "عملية هيروشيما للذكاء الاصطناعي" المكانة التي باتت تتمتع بها الدولة الخليجية في عالم الذكاء الاصطناعي.

وكانت اليابان قد أعلنت عن هذه المجموعة الدولية إلى جانب الولايات المتحدة، وكندا، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، والمملكة المتحدة، لتكون بذلك دولة الإمارات الوحيدة عربيّاً وإقليميّاً ضمن عضوية تلك المجموعة التي تُعنى بصياغة مبادئ توجيهية تعمل كمدونة سلوك أخلاقي لمطوري الذكاء الاصطناعي التوليدي حول العالم

وقال عمر سلطان العلماء، وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بعد في السابع من مايو الحالي إن دولة الإمارات تقف كشريك عالمي في رحلة بناء مستقبل قائم على التكنولوجيا والابتكار تماشيا مع رؤيتها الطموحة لتحقيق التقدم والريادة في هذه المجالات عالميّاً. 

وكان رئيس الوزراء الياباني، فوميو كيشيدا، قد أعلن في 02 مايو 2024، وخلال كلمة ألقاها أمام منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في باريس، أن نحو 49 دولة ومنطقة وقَّعت على الإطار الطوعي، المسمى مجموعة أصدقاء عملية هيروشيما للذكاء الاصطناعي، وبما يهدف إلى وضع إطار دولي لتنظيم الذكاء الاصطناعي التوليدي وحوكمة استخداماته، وخدمة العالم في الاستفادة من هذه التكنولوجيا سريعة التقدُّم وتجنُّب التداعيات السلبية المحتملة في هذا السياق. 

وقال كيشيدا في كلمته إن الذكاء الاصطناعي التوليدي لديه إمكانية لأن يكون أداة حيوية لزيادة إثراء العالم، ولكن يجب علينا أيضاً أن نواجه جوانبه المظلمة، مثل خطر المعلومات المضللة. وأكَّد أن المجموعة ستعمل على صياغة مبادئ سلوك لمعالجة مثل هذه المخاطر، وتعزيز التعاون الدولي لضمان استفادة جميع دول العالم من الذكاء الاصطناعي الآمن والجدير بالثقة. 

ووسط الجدل العالمي المتزايد حول الذكاء الاصطناعي التوليدي، فقد كانت مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى قد أطلقت عملية هيروشيما للذكاء الاصطناعي، عندما ترأست اليابان المجموعة في مايو عام 2023، لتمثِّل هذه المبادرة أول جهد دولي في العالم يهدف إلى وضع إطار شامل وقواعد دولية لحوكمة الذكاء الاصطناعي من أجل تعظيم فرصه المبتكرة مع التخفيف من المخاطر والتحديات التي يفرضها تقدُّمه، وبما يعزز الوصول لما يسمى بالذكاء الاصطناعي الآمن. وبدأ العمل بالفعل على وضع إطار دولي كأساسٍ لهذه الحوكمة في ديسمبر من العام الماضي، تحت اسم إطار السياسات الشامل لعملية هيروشيما للذكاء الاصطناعي.

ويمثل اختيار دولة الإمارات للانضمام إلى مجموعة "عملية هيروشيما للذكاء الاصطناعي" اعترافاً دوليّاً بالتأثير الإيجابي الكبير الذي تمتلكه دولة الإمارات في عالم التكنولوجيات المتقدمة، وهو أمرٌ يعكس كذلك المكانة التي وصلت إليها الدولة بفضل توجيهات القيادة الرشيدة، ضمن موضوعات الذكاء الاصطناعي، والتي مكَّنت الإمارات حتى قبل إنشاء هذه المجموعة من استشراف مستقبل الذكاء الاصطناعي واستباق تحدياته المحتملة، وبما تمخض عنه اختيارها ضمن هذا التعاون الدولي والهادف إلى خدمة البشرية جميعاً من خلال هذه التكنولوجيا المتقدمة.