منتجات الألبان جبهة صينية أخرى في المعركة التجارية مع أوروبا

دخلت المعركة التجارية الصينية – الأوروبية منعطفا جديدا مع التصعيد الذي اتخذته بكين حيال وارادت منتجات الألبان كرد على فرض التكتل رسوما على سياراتها الكهربائية، وسط مخاوف من أن تتسبب الخطوة في المزيد من الاضطرابات على سلاسل التوريد.
بكين- أطلقت بكين الأربعاء تحقيقا في حزم الدعم الأوروبية لبعض منتجات الألبان المستوردة، غداة إعلان التكتل عن خطة لفرض رسوم جمركية تصل إلى 36 في المئة مدة خمس سنوات على المركبات الكهربائية الصينية.
وسيشمل التحقيق الذي يعد آخر حلقة في سلسلة الخلافات التجارية بين الطرفين، مجموعة من المنتجات بينها الأجبان والروائب الطازجة والأجبان الزرقاء وبعض أنواع الحليب والقشدة، وفق وزارة التجارة الصينية.
وأفادت الوزارة في بيان على منصتها الإلكترونية بأنها قررت “إطلاق تحقيق ضد حزم الدعم بشأن منتجات ألبان مستوردة مصدرها الاتحاد الأوروبي اعتبارا من 21 أغسطس 2024”.
وأوضحت أن الصين ستحقق في سياسات وبرامج في التكتل، بما في ذلك السياسة الزراعية المشتركة وستفحص نحو 20 مخطط دعم، وتحديدا تلك القادمة من النمسا وبلجيكا وكرواتيا وجمهورية التشيك وفنلندا وإيطاليا ورومانيا.
12.2
مليار يورو (13.5 مليار دولار) قيمة وارادات السيارات الصينية التي تعمل بالبطاريات الكهربائية إلى أسواق أوروبا في عام 2023
ومن بين الدول المدرجة، أيرلندا أكبر مصدر لمنتجات الألبان إلى الصين، حيث باعت سلعا بقيمة 415.9 مليون يورو (461 مليون دولار) إلى أكبر اقتصاد في آسيا العام الماضي.
وأفاد مسؤولون أوروبيون بأنهم تلقوا طلبا من رابطة منتجات الألبان الصينية لفتح تحقيق مرتبط بالدعم يستهدف المنتجات الأوروبية في أواخر يوليو الماضي، وأجروا مشاورات مع الاتحاد منتصف الأسبوع الماضي.
وذكرت بكين بأن التحقيق سيشمل خطط الدعم الأوروبية المطبّقة في العام حتى نهاية مارس 2024 والأضرار التي لحقت بالقطاع في الصين بين مطلع 2020 ونهاية مارس من العام الحالي.
وقالت وزارة التجارة الصينية إن التحقيق سيدوم مدة عام، ولكن قد يتم تمديده لمدة تصل إلى ستة أشهر إضافية “في ظل ظروف خاصة”.
وكان الاتحاد الأوروبي ثاني أكبر مصدر لمنتجات الألبان إلى الصين بما لا يقل عن 36 في المئة من القيمة الإجمالية للواردات في عام 2023، بعد نيوزيلندا فقط، وفقا لبيانات الجمارك الصينية.
وصدّر الاتحاد ما قيمته 1.7 مليار يورو (1.84 مليار دولار) من منتجات الألبان إلى الصين العام الماضي، بانخفاض من 1.87 مليار يورو (ملياري دولار) عن عام 2022، وفق المديرية العامة للزراعة والتنمية الريفية التابعة للمفوضية الأوروبية نقلا عن يوروستات.
ورأت غرفة التجارة الأوروبية في بكين أن “التحقيق لا يشكل مفاجأة” غداة الرسوم التي فرضها التكتل على واردات المركبات الكهربائية الصينية.
وأضافت في بيان “للأسف، إن استخدام حكومة أدوات للدفاع عن التجارة يتم الرد عليه بشكل متزايد بالمثل من قبل الحكومة الأخرى”.
وتابعت أنها “ستراقب التحقيق الجاري وتأمل بأن يجري بشكل منصف وشفاف”، مشيرة إلى أنها تتوقع من الشركات الأوروبية المتأثرة التعاون معه.
وتأتي الأنباء بعدما أعلنت المفوضية الأوروبية أنها تخطط لفرض رسوم جمركية مدّتها خمس سنوات على المركبات الكهربائية الصينية، ما لم تعرض بكين حلا بديلا للخلاف التجاري المرتبط بحزم الدعم الحكومية.
وفرضت بروكسل رسوما مؤقتة باهظة على المركبات الكهربائية المستوردة من الصين، إضافة إلى الرسوم الحالية البالغة نسبتها 10 في المئة، بعدما خلص تحقيق ضد حزم الدعم إلى أنها تقوّض منافسيها الأوروبيين بشكل غير منصف.
وأفادت الصين هذا الشهر بأنها قدّمت التماسا لمنظمة التجارة العالمية بشأن الرسوم، مشيرة إلى أن قرار الاتحاد الأوروبي “يفتقر إلى الأساس الواقعي والقانوني”.
ونددت خارجيتها الأربعاء بالإجراءات الأوروبية على اعتبارها “حمائية ومدفوعة سياسيا”.
وقالت الناطقة باسم الخارجية الصينية ماو نينغ إن الخطوة “تتجاهل الحقائق الموضوعية وقواعد (منظمة التجارة العالمية) وتتعارض مع الاتجاه التاريخي وتضر بعملية التحوّل الصديق للبيئة في الاتحاد الأوروبي والجهود العالمية للتعامل مع تغيّر المناخ”.
وأضافت أن الاتحاد الأوروبي “سيؤذي نفسه فقط” عبر فرض الرسوم.
وسعت بروكسل للتعامل بحذر مع الصين في وقت تحاول فيه الدفاع عن قطاع السيارات الذي يعد غاية في الأهمية بالنسبة إلى أوروبا والانتقال نحو النمو المراعي للبيئة مع تجنّب الدخول في مواجهة مع بكين في الوقت ذاته.
لكنها أطلقت تحقيقات أخرى في حزب الدعم الصينية لمجموعة من شركات النقل والطاقة النظيفة الصينية.
وأطلقت الصين بالفعل تحقيقا لمكافحة الإغراق في واردات لحم الخنزير والبراندي من الاتحاد الأوروبي في يونيو الماضي، والذي يؤثر بشكل رئيسي على إسبانيا وهولندا والدنمارك، في خطوة مماثلة ضد تعريفات المركبات الكهربائية.
وأوضح تشيم لي كبير المحللين الصينيين في وحدة الاستخبارات الاقتصادية أن قيمة صادرات لحم الخنزير ومنتجات الألبان من الاتحاد الأوروبي إلى الصين، وهي مجالات السلع التي قد تتأثر بالتعريفات الجمركية، أقل من قيمة صادرات المركبات الكهربائية.
1.7
مليار يورو قيمة واردات الألبان الأوروبية في 2023 نزولا من 1.87 مليار يورو قبل عام
وقدر المحلل أن وارادات السيارات الصينية التي تعمل بالبطاريات الكهربائية إلى أسواق أوروبا بلغت نحو 12.2 مليار يورو (13.5 مليار دولار) في عام 2023.
وقال لي إن “الضغوط الاقتصادية المحلية، إلى جانب الدور متزايد الأهمية الذي يلعبه الطلب الخارجي في دعم اقتصاد الصين، ستجعل صناع السياسات الصينيين حذرين بشأن استحضار نهج المواجهة المفرطة في التعامل مع التجارة”.
وفي أبريل الماضي، فتح الأوروبيون تحقيقا بشأن المناقصات الصينية حول المعدات الطبية بشبهة حصول ممارسات “تمييزية” في حق منتجاته على خلفية توترات تجارية متنامية مع بكين، التي سارعت إلى اتهام فوري بأن الكتلة تنخرط في “الحمائية”.
وتشتبه بروكسل في أن بكين ترجّح كفة مزودين محليين في المشتريات الحكومية عبر سياسة شراء منتجات محلية على ما جاء في وثيقة فتح التحقيق التي نشرت في الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي.
وحددت بروكسل، الطرق التي يمكن أن يحدث بها ذلك، بما في ذلك سياسة “شراء الصين”. وترى المفوضية الأوروبية أن “هذه الإجراءات والممارسات التقييدية على الاستيراد مجحفة جدا” في حق شركات الاتحاد.
وانتقدت بكين التحقيق. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية وانغ ونبين حينها إن “الاتحاد الأوروبي يقدم نفسه على أنه أكثر الأسواق انفتاحا في العالم، لكن جل ما يراه العالم هو أنه يتوجه تدريجا إلى الحمائية”.