مناورات لحزب الله "ضمن قواعد اللعبة" مع إسرائيل

يقول حزب الله إن المناورات التي نفذها في جنوب لبنان الأحد موجهة إلى إسرائيل، لكن لبنانيين معارضين للحزب يعتبرون أن تلك المناورات رسالة منه للداخل اللبناني بأنه المتحكم في البلاد.
بيروت – تشير تصريحات رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله هاشم صفي الدين الأحد، إلى أن المناورات التي يجريها الحزب تدخل ضمن قواعد اللعبة مع إسرائيل، وهو ما يعزز آراء محلية بأن تلك المناورات رسالة إلى الداخل واستفزاز للبنانيين والجيش الذي يواجه صعوبات مالية عقب انهيار قيمة الليرة ما اضطر العديد من عناصره للمغادرة والعمل في قطاعات أخرى.
وقال صفي الدين خلال مناورات عسكرية للحزب الأحد “إذا كان هناك في الكيان الصهيوني من يفكر اليوم بارتكاب حماقة بتجاوز قواعد اللعبة، وهو يعلم ماذا نعني وماذا نقصد، سوف نمطر هذا الكيان بصواريخنا الدقيقة وبكل أسلحتنا المتوفرة بين أيدينا”.
وأجرى حزب الله الأحد مناورة بالذخيرة الحية في جنوب لبنان تعد من الأكبر التي يقيمها أمام وسائل الإعلام، تخللها عرض عسكري ومحاكاة لهجمات تستهدف إسرائيل عبر طائرة مسيّرة أو الاقتحام.
وشارك نحو 200 من عناصر الحزب في المناورة التي أجريت في بلدة عرمتى على مسافة نحو 20 كيلومترا شمال الحدود مع إسرائيل، وذلك بمناسبة قرب حلول ذكرى انسحاب الدولة العبرية من جنوب لبنان في 25 مايو 2000.
سامي الجميّل: أين الجيش والحكومة من استباحة سيادة لبنان من قبل ميليشيا إيران
ونفّذ العناصر الذين كانوا ملثّمين أو موّهوا وجوههم باللونين الأسود والأخضر، محاكاة لهجوم بطائرة مسيّرة على هدف في داخل إسرائيل، وآخر لعملية اقتحام الشريط الحدودي ومهاجمة عربات عند الجانب الآخر، قبل سحب “جثة” من إحداها ونقلها عبر “الحدود”.
ونفّذ عدد من القناصة رمايات على أهداف رسمت عليها نجمة داوود، بينما قام مسلّحون على دراجات نارية بمناورات إطلاق رصاص حي نحو أهداف.
وعرض الحزب خلال المناورات صنوفا مختلفة من الأسلحة الخفيفة والثقيلة كراجمات الصواريخ والعربات المزودة برشاشات ثقيلة أو مدافع مضادة للطيران، إضافة إلى صواريخ مضادة للدروع وأخرى تطلق من على الكتف.
ورفع في المكان جدار إسمنتي عالٍ مماثل للجدار الذي أقامته إسرائيل عند الحدود مع لبنان، وكتبت عليه شعارات من قبيل “قادمون” قرب صورة لمسجد قبة الصخرة، و”قسما سنعبر” و”بأس شديد”.
وسبق للأمين العام للحزب حسن نصرالله أن حذّر إسرائيل مرارا خلال الأعوام الماضية، من أن الحزب قد يطلب من مقاتليه اقتحام الجليل في أي حرب مقبلة بين العدوّين اللدودين.
وشهد لبنان صيف 2006 حرباً دامية بدأت بإقدام عناصر من حزب الله على خطف جنديين إسرائيليين. وقتل خلال الحرب 1200 شخص في لبنان معظمهم مدنيون و160 إسرائيلياً معظمهم جنود.
وتأسس الحزب العام 1982 في أعقاب الاجتياح الإسرائيلي بدعم من الحرس الثوري الإيراني، وانضم إلى مجموعات يسارية تصدّت للقوات الإسرائيلية، وتحول إلى أبرز قوة ساهمت في تحرير الجنوب بعد نحو 22 عاماً من الاحتلال.
ويعدّ الحزب لاعبا رئيسيا على الساحة اللبنانية ويمتلك ترسانة أسلحة ضخمة تتضمن صواريخ دقيقة طالما حذرت إسرائيل منها. ويقاتل أيضا في سوريا إلى جانب قوات نظام الرئيس بشار الأسد بشكل علني منذ العام 2013.
وتأتي هذه المناورات في ظل أوضاع اقتصادية ومعيشية صعبة يشهدها لبنان وفي ظل تجاذبات بشأن انتخاب رئيس للبلاد وهو الاستحقاق الذي يؤكد الحزب ارتباطه به بشكل أو بآخر.
وقال معارضون للحزب إن هذه المناورات تذكير من حزب الله بأنّه الآمر الناهي في الداخل اللبناني. وشدد رئيس حزب الكتائب سامي الجميّل على أن هذه المناورات رسالة تحدّ للبنانيين أولاً والقمة العربية ثانياً.
وأضاف في تغريدة على تويتر “للمجتمع العربي والدولي نقول: هل تقبلون ازدواجية سلاح ومناورات عسكرية وخطف قرار الدولة في بلادكم؟ لن نخضع لسطوة السلاح، ولا لتوظيف أرضنا وشبابنا في خدمة الخارج”.
وتساءل في تغريدة أخرى “أين الجيش اللبناني والحكومة من استباحة وانتهاك سيادة لبنان من قبل ميليشيا إيران بعد استعراضاتها العسكرية في الجنوب؟ نحن بانتظار موقف رسمي واضح وصريح من قبل الجيش والحكومة اللبنانية”.
ووضع الانهيار الاقتصادي القطاعات كافة بينها الجيش وقوى الأمن أمام تحديات عدة، أبرزها مواصلة تأمين الاحتياجات الأساسية من غذاء وأدوية ومحروقات وصيانة عتاد وإبقاء الطبابة على مستواها.
ومنذ بدء الأزمة، تعتمد قيادة الجيش تقشفاً في موازنتها، فقلّصت مثلا اللحوم من وجبات العسكريين. ثم أطلقت عام 2021 رحلات سياحية جوية بالمروحيات مخصصة للمدنيين مقابل بدل مادي.
وتساءل النائب ميشال معوض، قائلا “كيف للبنان أن يستقلّ قطار النمو والاستقرار وحزب الله يناور ويستعرض أمام سلطة عاجزة حتى على الاعتراض؟”.
وأضاف “كيف للبنان أن يخرج من نفق الانهيار، ويعيد بناء الدولة والمؤسسات والاقتصاد وينفّذ الإصلاحات المطلوبة، وحزب الله مستمرّ بمنطق إخضاع الدولة والتعدّي على دستور وقوانين الجمهورية اللبنانية؟ كيف للبنان أن يفكّ عزلته ويعود إلى الحضن العربي والدولي وحزب الله خاطف سيادته وقراره الاستراتيجي ضارباً بعرض الحائط بيان قمّة جدّة قبل أن يجفّ حبره؟”.