مناهج التعليم المفروضة من الأكراد تثير غضبا في دير الزور

أهالي دير الزور يتهمون الإدارة الذاتية بمحاولة فرض رؤاها وتصوراتها دون الرجوع إليهم وإشراكهم في صنع القرار.
الاثنين 2024/09/23
طفولة تتقاذفها الأجندات المتضاربة

دير الزور (سوريا) - تشهد محافظة دير الزور، شرقي سوريا حالة من التململ في صفوف الأهالي والعاملين في القطاع التربوي، على خلفية إعادة طرح منهاج جديد للتعليم يرون أنه يتعارض وثقافتهم ذات الطبيعة العشائرية. وتبسط الإدارة الذاتية الكردية سيطرتها على نحو ربع مساحة سوريا بما يشمل نصف محافظة دير الزور. وقد فرضت الإدارة منذ العام 2020 منهاجا تعليميا جديدا في المناطق الخاضعة لها في دير الزور والحسكة والرقة وحلب.

وأثار المنهاج رفضا واسعا خاصة من طرف أبناء دير الزور الذين نظموا تحركات احتجاجية عدة للمطالبة بإعادة النظر فيه. ويتهم أهالي دير الزور الإدارة الذاتية التي يقودها الاتحاد الديمقراطي الكردستاني، وتتولى حمايتها قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، بمحاولة فرض رؤاها وتصوراتها دون الرجوع إليهم، وإشراكهم في القرار، وأن القائمين عليها يتعاطون بفوقية معهم.

وكشف موقع “عنب بلدي” المحلي أن عاملين في القطاع التعليمي بريف دير الزور الشرقي، قدموا استقالتهم احتجاجا على المنهاج التعليمي المفروض من قبل الإدارة الذاتية. وفي مجمعي “الجزيرة” و”هجين” التربويين، قدم ستة معلمين استقالاتهم، بالإضافة إلى مروان علي المحمد ومنتهى مداح الحمادي اللذين يشغلان منصب الرئاسة المشتركة لإدارة مدارس الجزيرة.

وبحسب الموقع الذي يتابع أخبار المنطقة، تعد هذه الاستقالات الأكبر من نوعها، من حيث العدد، منذ سيطرة “قسد” على المنطقة عام 2018. وكانت مؤسسة “المناهج” التابعة للإدارة الذاتية، أعلنت في مايو الماضي عن اعتزامها تجديد واستبدال المناهج الدراسية لصفوف المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية، ويشمل التجديد مناهج اللغتين العربية والكردية.

ونقلت وكالة “هاوار” المقربة من الإدارة الذاتية عن الإداري في مؤسسة “المناهج” دارشين خليل، قوله إن المؤسسة أعادت النظر في جميع كتب المناهج الدراسية، مشيرا إلى أنه تم الأخذ بعين الاعتبار مقترحات المعلمين والطلبة.

وفي المرحلة الأولى، استبدلت مناهج الصفوف الأول والرابع والسابع والعاشر، ودخل القرار حيز التنفيذ اعتبارا من العام الدراسي 2024 – 2025. واستمر التعليم في الصفوف الثاني والخامس والثامن والحادي عشر وفق المنهاج الحالي، على أن تُستبدل مناهج هذه الصفوف في المرحلة الثانية، خلال العام الدراسي 2025 – 2026. وفي المرحلة الثالثة، استبدلت مناهج الصفوف الثالث والسادس والتاسع و”البكالوريا”، وفق التغييرات التي جرت في المرحلة الثانية، وستستكمل في صيف 2026، فيما ستدخل حيز التنفيذ خلال العام الدراسي 2026 – 2027.

◙ قطاع التعليم في دير الزور شهد تدهورا خطيرا بعد سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على المحافظة منتصف عام 2014

وشهد قطاع التعليم في دير الزور تدهورا خطيرا بعد سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على المحافظة منتصف عام 2014، ويقول معنيون بالقطاع إن الوضع لم يشهد تحسنا كبيرا منذ سيطرة قوات سوريا الديمقراطية على المنطقة في العام 2018، وطرد التنظيم الجهادي منها. وامتنع بعض الأهالي عن إرسال أبنائهم إلى المدارس، منذ منتصف العام الماضي، أي قبل طرح خطة تغيير المناهج، احتجاجا على محاولات الإدارة الذاتية تغيير المنهاج، على حساب نقص الدعم الذي يعانيه القطاع التعليمي فيها.

وقال الأهالي إن المنهاج المطروح لا يتوافق مع طبيعة المجتمع المحلي ولا قيمه الأخلاقية ولا الثقافية، وطالبوا بتسليم إدارة المنطقة لأبنائها حفاظا على السلم المجتمعي. ولم تحاول الإدارة الذاتية خلال السنوات الماضية تحسين الخدمات، أو حتى بناء مدارس تستوعب بعض الطلاب في دير الزور، بل ركزت على إعادة تقييم المنهاج التعليمي المتوفر، وإعادة طرح آخر جديد يقوم على تعليم الطلاب فلسفة مؤسس حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان، كما ينفتح على باقي الديانات، وهي مسألة حساسة بالنسبة لسكان المنطقة.

ووفق العقد الاجتماعي الذي أقرته الإدارة الذاتية في مناطق سيطرتها نهاية العام الماضي، تعتبر اللغات الكردية والعربية والسريانية لغات رسمية، وعليه فإن جميع الوثائق الرسمية وكذلك النظام الدراسي يعدان بهذه اللغات الثلاث. والتقى “عنب بلدي” عددا من المعلمين المستقيلين، وقالت مدرّسة تحفظت على ذكر اسمها لمخاوف أمنية، إن سبب الاستقالة يعود لتفرد مقربين من قوات سوريا الديمقراطية (قسد) باتخاذ قرارات ارتجالية دون الرجوع إلى رئاسة المجمع التربوي، بالإضافة إلى عدم تلبية احتياجات المدارس، مشيرة إلى أن هذا كان دافعا إلى استقالة الإداريين الاثنين أيضا.

ومنذ مدة تطالب الجماعات التربوية بمجموعة من الإصلاحات في المدارس، منها طلاء الألواح (السبورة)، وتوفير المياه والقرطاسية، إلى جانب تأمين وسائل تعليمية للنهوض بالعملية التعليمية، لكن هذه المطالب لم يُلبَّ أي منها. وقالت المدرّسة إن إنهاء تكليف عدد من المتابعين في المجمع دون الرجوع أو المناقشة مع المسؤولين، تكرر أيضا خلال الأشهر الماضية، كما رُفض إجراء مسابقات تعيين جديدة لسد نقص المعلمين في المنطقة.

من جهته، قال مروان، وهو مدرّس مستقيل تحفظ على ذكر اسمه الكامل خوفا من إجراء انتقامي بحقه، إن ترك العملية التعليمية أفضل من متابعتها بسبب “تسلط” بعض العاملين في القطاع، وتهميش دير الزور من خدمات السلك التعليمي. وأضاف أنه سيتوجه إلى أحد المعاهد الخاصة، معتبرا أنه خيار أفضل من المتابعة في العمل مع لجنة التربية التابعة لمجلس دير الزور المدني في الإدارة الذاتية.

وأشار المدرّس إلى أن العملية التعليمية تعاني من نقص الكوادر واللوازم المدرسية، وفي حال بقي الحال على ما هو عليه، ستشهد تدهورا أكثر مع مرور الوقت. سمير الحسن، معلم في مدرسة شرقي دير الزور، قال لعنب بلدي، إن المنهاج مرفوض محليا، ويعمل المدرّسون في المنطقة حتى اليوم على تدريس منهاج منظمة الأمم المتحدة “يونيسف”، على الرغم من أنه لا يغطي حاجة الطالب، لكنه أفضل من المنهاج الذي تحاول الإدارة فرضه منذ سنوات.

وطالب المدرّس منظمة يونيسف بالتدخل لمنع الإدارة الذاتية من محاولات فرض المنهاج الجديد، كون مدارس دير الزور تعتمد منهاج المنظمة منذ عام 2019، كما طالب الإدارة الذاتية بزيادة الرواتب وتعيين حراس للحد من حالات السرقة.

2