مناقشة تفاصيل نزع سلاح حزب العمال الكردستاني ومصير مقاتليه تقرب مسار السلام التركي مع الحزب من ساعة الحقيقة

زاغروس هيوا: نفي أعضاء الحزب ليس حلا، ولا بديل عن دمجهم في مجتمع ديمقراطي.
الأربعاء 2025/05/21
سلاح الحزب عقدة العقد

مسار السلام الذي بدا جادّا وواعدا بشأن إنهاء الصراع المزمن بين تركيا وحزب العمال الكردستاني يقف على أعتاب منعطف حاسم يمكن أن يقوده إلى النجاح والتحقّق على أرض الواقع كما يمكن أن يؤدي به إلى التعثّر والانتكاس والتراجع، ويتعلّق الأمر بالشروع في مناقشة نزع سلاح الحزب الذي كثيرا ما مثّل العمود الفقري لنشاطه وديدن وجوده وضمانة حضوره، الأمر يجعل من الموضوع موطنا لجميع “شياطين” التفاصيل.

دهوك (إقليم كردستان العراق)- يقترب مسار السلام الذي أُطلق مؤخرا بين تركيا وحزب العمال الكردستاني من منعطف حاسم وذلك بالكشف عن الشروع في مناقشة موضوع مصير أعضاء الحزب وقياداته وأيضا نزع سلاحه الذي يمثل الموضوع الأساسي والمصيري في إنجاح المسار والمضي به قدما أو إفشاله وانتكاسه، بالنظر إلى صعوبة التفاصيل الكامنة داخله وما سيثيره من خلافات لم تتأخّر أولى بوادرها في الظهور.

وتتّجه الأنظار إلى الأدوار التي سيلعبها العراق بحكومته الاتحادية وبسلطات الحكم الذاتي في إقليم كردستان في حلحلة هذا الموضوع الشائك بالنظر إلى كون البلد معنيا مباشرة بملف الحزب الذي أدار أهم الحلقات من حربه الطويلة ضد القوات التركية من داخل الأراضي العراقية.

وقال وزير داخلية الإقليم ريبر أحمد، الثلاثاء، إن تركيا شرعت في إجراء محادثات مع حزب العمال الكردستاني بشأن نزع سلاح الحزب. وأوضح في تصريحات أوردتها وسائل إعلام محلية أن “الجانبين تركيا وحزب العمال الكردستاني يجريان محادثات بشأن العملية لكن لم يتم اتخاذ أي خطوات عملية إلى غاية الآن.”

ريبر أحمد: إجراءات نزع السلاح مازالت غير واضحة وتتطلب المزيد من النقاش

وبشأن دور سلطات الإقليم في العملية قال الوزير إنّ “إقليم كردستان حكومة وقيادة سياسية أدى دوره في التقريب بين الطرفين وأدى دورا في العديد من مراحل السلام الأخرى وسيستمر على هذا المنوال في المستقبل.”

ولم يخف أحمد “وجود بعض الأمور غير واضحة للمفاوضين خاصة حول كيفية إجراء عملية نزع السلاح، متى وأين ستتم”، معبرا عن اعتقاده بوجود حاجة إلى المزيد من النقاشات.

وبينما شرعت قيادات في حزب العمّال بطرح بعض الاشتراطات على الجانب التركي بشأن موضوع السلاح الشائك والحساس، شرعت جهات تركية وشخصيات سياسية في تقديم تصوراتها بشأن تفاصيل السلام ومقتضياته العملية.

ودعا وزير الخارجية التركي الأسبق رئيس حزب المستقبل التركي أحمد داود أوغلو إلى إدماج الأبرياء الذين هم ضمن صفوف حزب العمال الكردستاني وإعادة تأهيلهم، في مقابل بقاء كبار قادة الحزب تحت المراقبة في دولة ما، مشدّدا في مقابلة مع شبكة رووداو الإعلامية على ضرورة تفكيك الهيكل الاقتصادي لحزب العمال الكردستاني.

وعرض ضمن حديثه لمسألة نزع سلاح الحزب مقترحا مشاركة العراق وإقليم كردستان في ذلك، ومحذّرا من إخفاء الأسلحة في مكان ما وظهورها بعد أشهر بشكل استفزازي، ومتوقّعا أنّه إذا حدث ذلك “فلن تتمكن تركيا والمنطقة مرة أخرى من التحدث عن هذا الموضوع لمدة عشر أو عشرين سنة قادمة.”

كما اقترح أوغلو إبعاد المسؤولين الكبار في حزب العمال والذين قدّر عددهم بما بين ثلاثين وخمسين قياديا إلى “مكان في دولة لا تقلق تركيا وإبقاءهم تحت المراقبة.”

وعلى الطرف المقابل دعا الحزب تركيا إلى تخفيف ظروف احتجاز زعيمه التاريخي عبدالله أوجلان المسجون منذ أكثر من ربع قرن خصوصا كونه “المفاوض الرئيسي” في محادثات السلام المأمول إجراؤها مع أنقرة بعد قرار الحزب إلقاء السلاح.

زاغروس هيوا: الدولة التركية لم تقدم حتى الآن أي ضمانات أو إجراءات لتسهيل العملية

وفي مقابلة مع وكالة فرانس برس، انتقد الحزب الذي تصنفه تركيا وحلفاؤها الغربيون منظمة إرهابية، عدم إعطاء تركيا ضمانات حتى الآن لإطلاق هذه العملية وأكد رفضه نفي عناصره إلى خارج البلاد.

وخلال الأشهر الماضية، اتخذ حزب العمال الكردستاني سلسلة قرارات تاريخية بدءا بوقف لاطلاق النار مع تركيا ثم إعلانه في الثاني عشر من مايو الجاري حل نفسه والتخلي عن السلاح لينهي بذلك حقبة طالت أكثر من أربعة عقود من النزاع المسلح مع الدولة التركية وخلفت أكثر من أربعين ألف قتيل.

وجاءت هذه الخطوات تلبية لدعوة أطلقها في فبراير الماضي أوجلان المسجون في جزيرة إيمرالي قبالة إسطنبول منذ ستة وعشرين عاما حثّ خلالها مقاتليه على نزع السلاح وحلّ الحزب.

وقال زاغروس هيوا، المتحدث باسم الجناح السياسي لحزب العمال الكردستاني، “كمنظمة بدأت نضالا مسلحا منذ واحد وأربعين عاما قررنا حل أنفسنا وإنهاء النضال المسلح، وبهذه الطريقة فإننا نعطي السلام فرصة حقيقية.”

وأضاف “لذلك نتوقع من الدولة التركية تعديل شروط الحجز الانفرادي في سجن جزيرة إمرالي وتوفير ظروف عمل حرة وآمنة للزعيم آبو (أوجلان) حتى يتمكن من قيادة العملية.” وأكد هيوا أن “الزعيم آبو هو كبير مفاوضينا”، مضيفا أن أوجلان هو “الوحيد الذي يمكنه قيادة التنفيذ العملي للقرارات التي اتخذها حزب العمال الكردستاني.”

وقالت أنقرة إنها ستراقب عن كثب عملية نزع سلاح حزب العمال الكردستاني، فيما يراقب متابعون للملف مدى إمكانية أن تظهر الحكومة التركية انفتاحا تجاه الأكراد الذين يشكلون عشرين في المئة من سكان تركيا البالغ عددهم خمسة وثمانين مليون نسمة.

وردا على سؤال حول آليات نزع السلاح قال هيوا إن حزبه أبدى “حسن نية وجدية وصدقا تجاه قضية السلاح”، لكنه أضاف أن “الدولة التركية لم تقدم حتى الآن أي ضمانات أو إجراءات لتسهيل العملية”، كما أنها لم توقف عملياتها العسكرية ضد مواقع حزب العمال. وتابع “حتى يومنا هذا، لا تزال عمليات القصف ونيران المدفعية تستهدف مواقعنا.”

مسار السلام بين تركيا وحزب العمال الكردستاني يقترب من منعطف حاسم وذلك بالكشف عن الشروع في مناقشة موضوع مصير أعضاء الحزب وقياداته وأيضا نزع سلاحه

ويتمركز مقاتلو حزب العمال الكردستاني في جبال في إقليم كردستان في شمال العراق حيث تقيم أنقرة قواعد عسكرية وتشن عمليات عسكرية وغارات ضد مواقع المقاتلين الأكراد.

وبينما لم يتضح بعد مصير مقاتلي حزب العمال الذين يأملون بالحصول على عفو، أفادت وسائل إعلام تركية أنه من المتوقع أن يُسمح بعودة أولئك الذين لم يرتكبوا أي جرم، فيما سيتم دفع قادة الحزب إلى المنفى في بلد ثالث قد يكون النرويج أو جنوب أفريقيا أو يبقون في العراق، إلا أن هيوا أكد أن “السلام الحقيقي يتطلب الإندماج وليس المنفى.”

وقال “إذا كانت الدولة التركية تريد السلام بصدق وجدية، فيتعين عليها إجراء التعديلات القانونية اللازمة لدمج أعضاء حزب العمال الكردستاني في مجتمع ديمقراطي.” وأضاف أن “النفي يتعارض مع السلام وأي حل ديمقراطي.”

3