منافسة عراقية شرسة على منصب محافظ كركوك

بغداد – اشتعلت حدة التنافس بين القوى السياسية العراقية على منصب محافظ كركوك، قبل ساعات من انعقاد الجلسة الأولى لمجلس المحافظة الواقعة شمالي العراق المقررة اليوم الخميس، وذلك بعد إحالة المحافظ بالوكالة راكان سعيد الجبوري إلى التقاعد وفق ما أفادت وسائل إعلام محلية.
وقبل ساعات من انعقاد الجلسة الأولى لمجلس محافظة كركوك التي دعا إليها رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مساء الثلاثاء، دبت الخلافات بين القوى الفائزة بانتخابات بمقاعد في مجلس المحافظة حول من سيشغل المنصب.
وطالبت عضو مجلس النواب العراقي عن محافظة كركوك، ديلان غفور، الحزب الديمقراطي الكردستاني بالموافقة على مرشح الاتحاد الوطني الكردستاني لمنصب محافظ كركوك.
وأشارت غفور في تصريح إعلامي اليوم الخميس إلى أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني بشأن منصب محافظ كركوك.
وأوضحت أنه وبعد مرور سبعة أشهر على الانتخابات، لم يتم التوصل إلى اتفاق بين الأحزاب والمكونات في كركوك لتشكيل حكومة محلية في المحافظة.
وأضافت أن "الاتحاد الوطني الكردستاني يعد منصب محافظ كركوك من استحقاقه الانتخابي"، مبينة أنه "لم يتم التوصل إلى اتفاق بين الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني بشأن منصب المحافظ، كما لم يتم التوصل إلى اتفاق بين المكونات في المحافظة بشأن تشكيل حكومة محلية".
وأكدت أنه "في جلسة اليوم الخميس لن يتخذ مجلس محافظة كركوك أي قرار سياسي، نظرا لعدم توصل الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني إلى اتفاق بشأن محافظ كركوك المستقبلي".
وذكرت ديلان غفور أن "الاتحاد الوطني الكردستاني ناقش عددا من السير الذاتية لمنصب المحافظ، لكنه لم يرشح أحدا بشكل رسمي لهذا المنصب".
ورأت أن "من المهم جداً بالنسبة إلينا أن يحظى مرشحنا لمنصب محافظ كركوك بموافقة الحزب الديمقراطي الكردستاني وجميع الطوائف في المحافظة لأن كركوك لا يمكن أن يديرها أي حزب بمفرده".
ونوهت غفور إلى إنه "بموجب القانون، يجب أن يتولى المحافظ ورئيس مجلس المحافظة مهامهما خلال شهر من انعقاد الاجتماع الأول لمجلس المحافظة".
وأضافت "إذا لم يتفق الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني على منصب المحافظ ومناصب الحكومة المحلية خلال شهر، فإن المحكمة الاتحادية ستفصل في القضية قانونيا، لأن محافظة حساسة مثل كركوك لا يمكن أن تبقى في الوضع الحالي".
ومن المرتقب أن يعقد الفائزون بمقاعد مجلس محافظة كركوك الخميس الجلسة الأولى وذلك لأول مرة منذ عام 2005، لحسم ملف مناصب محافظة الغنية بالنفط.
ويأتي ذلك في وقت أنجزت فيه معظم محافظات العراق، عدا ديالى وكركوك، استحقاق تسمية حكوماتهما المحلية، وفق المحاصصة الطائفية والحزبية، حيث استحوذت القوى المتنفذة على المناصب الرئيسة، مثل رئيس مجلس المحافظة والمحافظ.
وترى أوساط سياسية عراقية أن الأمور في كركوك قد تكون أكثر تعقيدا من بقية المحافظات الأخرى بسبب تقاسم التمثيل حسب ما أفرزته انتخابات مجالس المحافظات السابقة.
وشهدت محافظة كركوك، في 18 ديسمبر الماضي أول انتخابات لمجلس المحافظة منذ العام 2005، أسفرت عن نتائج متقاربة تعذّر معها تحقيق الأغلبية المطلوبة لأي من القوى الفائزة بمقاعد في مجلس المحافظة، حيث لم تستطع أيضا التوافق في ما بينها على تشكيل تحالف يحقق النصاب الواجب توفّره.
وتحصّل المكوّن الكردي على سبعة مقاعد خمسة منها لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني ومقعدان للحزب الديمقراطي الكردستاني، وستّة مقاعد للقوائم العربية ومقعد واحد (الكوتا) للمكون المسيحي ممثلا بحركة بابليون، بينما لم يحصل التركمان في الانتخابات الأخيرة سوى على مقعدين من المقاعد الستة عشر المشكّلة لمجلس محافظة كركوك.
وأجرت القوى السياسية حوارات واتصالات في محاولة للتوصل إلى رؤية مشتركة، إلا أن تلك الاجتماعات وغيرها لم تفض إلى أي نتائج تذكر.
وكان رئيس الوزراء العراقي قد رعى اجتماعا للقوى السياسية الفائزة في انتخابات مجلس محافظة كركوك، وأعلن عن "اتفاق مبادئ" للمضي بتشكيل الحكومة المحلية في المحافظة.
وأعلن المجتمعون عن تشكيل "ائتلاف إدارة كركوك" من كل القوى الفائزة في مجلس المحافظة، يترأسه رئيس مجلس الوزراء العراقي لحين تنفيذ الاستحقاقات الدستورية في تشكيل الحكومة المحلية، كما اتفقوا على البرنامج وآليته والنظام الداخلي للائتلاف.
ونقل موقع "شفق نيوز" عن المعاون الفني لمحافظ كركوك علي حمادي، اليوم الخميس، قوله إن "محافظ كركوك بالوكالة، راكان سعيد الجبوري، تم إحالته إلى التقاعد اعتبارا من الأول من يوليو الحالي لبلوغه السن القانوني. وبحسب القانون، فإنني أتولى إدارة المحافظة في حال غياب المحافظ حتى وصول تعليمات خاصة بهذا الشأن".
وأضاف أنه "بعد إحالة المحافظ للتقاعد، خاطبنا الهيئة التنسيقية لشؤون المحافظات في بغداد بخصوص القرار ونحن بانتظار ردهم"، موضحا أنه "بحسب القانون، سأكون المكلف بإدارة المحافظة في حال غياب المحافظ".
وتابع المعاون الفني لمحافظ كركوك، "سيعقد مجلس محافظة كركوك اليوم الساعة الواحدة ظهرا أول جلسة له بحضور جميع الأعضاء الفائزين، وقد تم إكمال جميع متطلبات الجلسة بدعوة من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني".
وسبق أن دعا عدد من نواب الاتحاد الوطني الكردستاني، إلى إحالة محافظ كركوك بالوكالة إلى التقاعد، مؤكدين أنه يمارس مهامه بشكل غير قانوني.
ووجه النواب طلبا رسميا إلى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يدعونه فيه إلى اتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة وإحالة الجبوري إلى التقاعد، مؤكدين أنه "لا يوجد أي سند أو نص قانوني يسمح ببقائه في منصبه، كما لا يوجد أي نص قانوني يبيح تمديد فترة خدمته، وهو محافظ غير منتخب لذا هو يمارس عمله بشكل غير قانوني". وفق البيان.
واستباقا لقرار إحالته إلى التقاعد، أدى الجبوري الأربعاء، اليمين القانونية أمام رئيس محكمة استئناف كركوك القاضي قاسم محمد العزاوي عملاً بأحكام المادة (29) من قانون المحافظات غير المنتظمة بإقليم رقم 21 لسنة 2008 ليصبح عضوا في مجلس محافظة كركوك، تاركا منصب محافظ كركوك وكالة بحكم القانون.
ولم تشهد كركوك عقب الغزو الأميركي للعراق عام 2003 سوى انتخابات محلية واحدة في 2005، كانت مثار جدل بين مكونات المحافظة التي يسكنها خليط من العرب والتركمان والأكراد إضافة إلى أقلية مسيحية.
وتعد كركوك ثاني أغنى مدن العراق نفطيا، بعد البصرة، المتنازع على إدارتها بين بغداد وأربيل ضمن ما عُرف بعد الغزو الأميركي للعراق بالمادة 140 من الدستور الذي تم إقراره عام 2005، التي تنص على إجراء استفتاء لسكانها، وتخييرهم بين البقاء مع بغداد أو الانضمام إلى إقليم كردستان العراق. وتشهد المحافظة تشددا أمنيا منذ أسابيع خوفا من أي ارتدادات قد تسفر عن اختيار المحافظ.
وتبعد كركوك 298 كيلومترا إلى الشمال من بغداد، ويبلغ عدد سكان المحافظة قرابة 1.6 مليون نسمة، وفق آخر الإحصاءات الرسمية، وتضم مزيجا سكانيا من مختلف المكونات العراقية، ومن بينها الأقليات.
وتتسم كركوك بخصوصية من بين المحافظات العراقية، فضلا عن أنها تضم 6 حقول نفطية عملاقة تقدر احتياطاتها بنحو 13 مليار برميل.