مناطق حكومة الوحدة الليبية تشهد فوضى أمنية في غياب رادع

طرابلس – سادت حالة من الهدوء الهش جنوب العاصمة الليبية طرابلس الخميس، بعد اشتباكات بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة بين قوتين أمنيتين تابعتين لحكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها.
وجاءت هذه الاشتباكات بعد مرور أيام قليلة على مواجهات عنيفة بين مجموعات مسلحة في مدينة العجيلات غرب العاصمة الليبية، وهو ما يعكس حالة الانفلات الأمني الكبيرة في المنطقة الغربية الخاضعة لسيطرة حكومة عبدالحميد الدبيبة.
ويرى متابعون أن الاشتباكات المتكررة في الفترة الأخيرة، والتي باتت تشكل هاجسا كبيرا لأهالي المنطقة الغربية، تستدعي تحركا فاعلا وحازما لإنهائها، وذلك لن يتحقق في ظل الانقسام الحاصل في مؤسسات الدولة.
هدوء هش يسود جنوب العاصمة الليبية طرابلس بعد اشتباكات بين قوتين أمنيتين تابعتين لحكومة الوحدة الوطنية
وذكر مصدر محلي أن “الاشتباكات استمرت لساعات في منطقة قصر بن غشير، بين جهاز الردع لمكافحة الإرهاب الذي يرأسه عبدالرؤوف كارة، واللواء 111 مجحفل الذي يرأسه عبدالسلام الزوبي”.
وأضاف المصدر ذاته أن “اللواء 444 التابع لرئاسة الأركان في حكومة الوحدة الوطنية تدخل لفض المواجهات ونجح في الانتشار كقوة محايدة”. وأفاد بأن “المدينة تشهد الآن هدوءًا وعودة الحركة إلى طبيعتها”، دون أن يدلي بتفاصيل عن سبب المواجهات أو الأضرار التي خلفتها.
وذكرت وسائل إعلام محلية أن سبب المواجهات يعود إلى محاولة كتيبة الردع إبعاد عناصر اللواء 111 التي أعادت مؤخرا انتشارها في محيط مطار طرابلس.
ويربط مراقبون الاشتباكات الأخيرة بمحاولة الكتائب المتنافسة وضع يدها على تأمين مطار طرابلس الدولي، لاسيما مع بدء إحدى الشركات الخاصة بأعمال صيانة داخل المطار.
وخرج مطار طرابلس عن الخدمة منذ عام 2014، حينما أطلقت الميليشيات في المنطقة الغربية عملية عسكرية سميت بـ”فجر ليبيا”، وأدت إلى تدمير مرافق المطار، ومنذ ذلك الحين يتم الاعتماد على مطار معيتيقة الدولي فقط، وهو خاضع لسيطرة كتيبة كارة.
ولا يستبعد المراقبون أن تكون المواجهات الجديدة في علاقة برفض كتيبة “الردع” عودة تشغيل مطار طرابلس، حتى لا تفقد العائدات المالية المهمة التي يؤمنها لها مطار معيتيقة.
وقال الخبير العسكري محمد الصادق، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، إن الميليشيات في المنطقة الغربية تتصارع دائما على السلطة والنفوذ وسرقة المال العام، مع غياب رادع لها.

وأضاف الصادق “لا يختلف المشهد في محيط مطار طرابلس كثيرا عن المواجهات التي جرت في العجيلات أو مناطق أخرى في غرب ليبيا خلال الفترة الماضية، فتلك المواجهات صارت معتادة لدى الليبيين القاطنين في تلك الأماكن”.
وقال الصادق إن لهذه الاشتباكات دلالات سياسية لاسيما مع الزخم الحاصل بشأن توحيد المؤسسة العسكرية، وأهمية إيجاد حل نهائي وفوري للانفلات الأمني في المدن الغربية، واحتكار الدولة للسلاح، وقيام مؤسسات أمنية وعسكرية لضبط المشهد في تلك المناطق.
وتشهد ليبيا توترا أمنيا وانقساما سياسيا، حيث تتصارع فيها حكومتان على السلطة منذ مارس الماضي، إحداهما برئاسة فتحي باشاغا وكلفها مجلس النواب بطبرق (شرق) والأخرى هي حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة يكلفها برلمان جديد منتخب.
وتعثرت جهود ترعاها الأمم المتحدة لتحقيق توافق ليبي حول قاعدة دستورية تُجرى وفقا لها انتخابات برلمانية ورئاسية يأمل الليبيون أن تقود إلى نقل السلطة وإنهاء فوضى أمنية يعاني منها منذ سنوات بلدهم الغني بالنفط.