ممول قطري للإرهاب يتصرف في حسابه البنكي رغم العقوبات الدولية

لندن – كشفت سجلات تابعة للأمم المتحدة عن استفادة إرهابيين من تنظيم داعش والقاعدة وعناصر موالية لهما من ثغرات في العقوبات التي يفرضها مجلس الأمن، للاستمرار في الدخول إلى حساباتهم البنكية المجمدة واستثمارها في مسائل غامضة.
ومن بين هؤلاء الذين تمكنوا من الوصول إلى أموالهم، خليفة السبيعي، وهو ممول قطري تقول الولايات المتحدة إنه سبق أن قدم دعما ماليا لقادة القاعدة البارزين، بمن فيهم خالد شيخ محمد، العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر.
وأضيف السبيعي إلى القائمة السوداء للأمم المتحدة للإرهاب في عام 2008، لكن الولايات المتحدة سمحت له منذ ذلك الحين بأخذ ما يصل إلى 10 آلاف دولار شهريا من الحسابات المجمدة “للضروريات الأساسية”، وفقا للوثائق والأشخاص المطلعين على الأمر حسب صحيفة وول ستريت جورنال.
وتُظهر سجلات الأمم المتحدة أن مجلس الأمن سمح للأفراد المدرجين في القائمة السوداء بالوصول إلى حساباتهم، واستجاب لـ71 طلبا من أصل 72 بين عامي 2008 و2018.
ولكن هذه الطلبات لا تكشف بشكل دقيق عدد المرات التي استخدم فيها الأفراد المدرجون في القائمة السوداء حساباتهم المصرفية، حيث إن مجلس الأمن الدولي قام بإدراج أكثر من 250 شخصا كأعضاء في تنظيمي القاعدة وداعش أو داعمين لهما، مما يشير إلى أنه ربما تم السماح للعديد منهم بالاطلاع على حساباتهم دون طلب إذن من مجلس الأمن.
قطر تقدمت بطلبات للأمم المتحدة لتمكين خليفة السبيعي من سحب مبالغ كبيرة
ولا يُفترض أن تتوفر لأعضاء وأنصار الجماعات الإرهابية المدرجة أسماؤهم في القائمة السوداء من قبل الأمم المتحدة، إمكانية الوصول إلى أي شكل من أشكال التمويل، وذلك لضمان عدم دعمهم أو تنظيم هجمات إضافية.
ولكنْ للسماح لهم بدفع نفقات المعيشة الأساسية، من المفترض أن تتقدم بلدانهم الأصلية للحصول على إعفاءات من الأمم المتحدة تتيح لهؤلاء الأفراد الوصول إلى مبالغ صغيرة من المال بناء على طلب ميزانية مفصل لدفع تكاليف الغذاء والإيجار وغيرها من الضروريات.
ويقول بعض مسؤولي الأمم المتحدة إن الدول الأعضاء لا تراقب بما فيه الكفاية الإرهابيين المدرجة أسماؤهم في القائمة السوداء والذين يعيشون داخل حدودها، كما أنها تفشل في ضمان عدم حصول هؤلاء الأفراد على التمويل.
وأوضح هؤلاء أن الإجراءات المتعلقة بالإعفاءات تفتقر إلى الرقابة؛ إذ تمنح تقريبا لأي أحد يطلبها وبمبالغ أحيانا تعتبر ضخمة بشكل غير مبرر. كما أن الطلبات لا تذكر بالتفصيل الاحتياجات كما هو مطلوب، ولا توجد عمليات تدقيق خاصة بالنفقات.
والمشكلة الهامة الأخرى في الحدّ من الوصول إلى الأموال المجمدة هي أن طلب بلد لا يمكن رفضه إلا من خلال تصويت بالإجماع من جانب جميع أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر.
وقال أحد الأشخاص المطلعين على تفاصيل هذه الاختراقات إنه “من الصعب للغاية التوصل إلى اتفاق بشأن أي شيء في مجلس الأمن”.
لكن في حالة السبيعي، المسؤول السابق بالبنك المركزي القطري، الذي قالت الأمم المتحدة إنه واصل تمويل الأنشطة الإرهابية على الأقل خلال 2013، كشفت الصحيفة عن بعض المعلومات.
وطبقا لتحليل بيانات استعرضته وول ستريت جورنال، فإن أحد الحسابات الخاصة بالسبيعي ظهر بين سجلات لبيانات مسربة من “بنك قطر الوطني”، واعترف البنك بأن أنظمته تعرضت للاختراق على يد قراصنة عام 2016.
لكن عند السؤال عن سبب امتلاك إرهابي لحساب نشط، رفض البنك والمتحدث باسم السفارة القطرية في واشنطن التعليق، بحجة السرية، لكنّ مسؤولين قطريين في الدوحة قالوا إن موارده المالية مصدق عليها من الأمم المتحدة وحساباته البنكية المتعددة لم تكن نشطة بعد تجميدها في 2008.

وقال محللون أمنيون أميركيون إن الضمانات القطرية بمراقبة أنشطة السبيعي أثبتت فشلها بعد أن كشفت الأمم المتحدة استمرار أنشطته.
وأوضح مسؤولون أمميون أن طلبات الإعفاءات التي تقدمت بها قطر نيابة عن السبيعي ساعدت في تسريع الضغط من أجل إصلاح شامل لقواعد الأمم المتحدة. وقال أحد الأشخاص المطلعين على الطلبات التي قدمتها الدوحة “قطر تقدمت بطلبات من أجل مبالغ مالية غير معقولة”.
وما يجعل السبيعي مهمّا هو ارتباطه بخالد شيخ محمد، أحد أكبر قيادات تنظيم القاعدة والعقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر، والذي اعتقل في عام 2003، وقدم السبيعي دعما ماليا سخيا لشيخ محمد في 2008.
وعلى الرغم من اعتقاله في قطر، إلا أنه تم الإفراج عنه في غضون 6 أشهر، وتجاهلت الدوحة طلبا أميركيا لاستجوابه.
وفي منتصف عام 2012 قام السبيعي بإرسال مئات الآلاف من الدولارات إلى تنظيم القاعدة فرع باكستان، وفقا لوزارة الخزانة الأميركية.
وفي عام 2013، قام السبيعي بجمع تبرعات بإدارة الممولين القطريين لـ”جبهة النصرة” الإرهابية في سوريا، سعد بن سعد الكعبي، وعبداللطيف بن عبدالله الكواري، وظهر السبيعي في فيديو لجمع التبرعات للمجموعات الإرهابية في سوريا في مايو 2013.
وخلال عامي 2013-2014، قام السبيعي بتسهيل الدعم لحملة جمع التبرعات بقيادة عضو القاعدة، عبدالله محمد بن سليمان المحيسني، الوارد اسمه على لوائح العقوبات الصادرة من جانب الأمم المتحدة والولايات المتحدة.
وفي 4 أكتوبر 2014، أشارت صحيفة “الديلي تليغراف” البريطانية إلى تصريحات لمساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب، ديفيد كوهين، ذكر فيها أن السبيعي يعيش في الدوحة بحرية مطلقة، وكان يعمل في قسم مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في البنك المركزي القطري.