ممنوع عمل الصحافيين في سوريا باستثناء التابعين لوزارة الإعلام

منعت وزارة الإعلام السورية على أي وسيلة إعلام إصدار ترخيص عمل لصحافييها في إطار قانون الإعلام الجديد، الذي تتفاوت التسريبات عنه بين جهات تقول إنه سيكون قانوناً عصريا، وبين أخرى تتحدث عن تشدده في ناحية ربط جميع الصلاحيات بالوزارة وتهميش دور اتحاد الصحافيين.
دمشق - أصدرت وزارة الإعلام السورية قرارا بمنع منح وسائل الإعلام بطاقات للعاملين فيها من أي نوع، قائلة إن هذه البطاقات للصحفيين والموظفين الإداريين تمنح من الوزارة حصرا وتحت طائلة المسؤولية بناء على قانون الإعلام وتعديلاته، فيما اعتبر صحافيون هذا القرار بمثابة حصار على وسائل الإعلام المستقلة.
وحمل القرار توقيع وزير الإعلام بطرس الحلاق مشيرا إلى أنه لا يحق للوسائل الإعلامية المرخصة منح بطاقة إعلامية للعاملين لديها من أي نوع كانت، وأي بطاقة يجب أن تكون صادرة عن وزارة الإعلام حصراً.
وشدد على أن كل صحافي لا يحمل هذه البطاقة لا يحق له العمل في المجال الإعلامي تحت طائلة المسؤولية، وكانت وسائل إعلام سورية تصدر “بطاقات خاصة” تشبه إلى حد كبير البطاقات الأمنية إذ تخول لهم التنقل ودخول مواقع متنوعة.
ويأتي القرار على خلفية “تعديل قانون الإعلام” الغامض والمثير للجدل، وقالت مصادر صحافية محلية إنه من المتوقع إصدار قرار يمنع منعاً باتا توظيف أي صحافي أو إداري في أي مؤسسة إعلامية مرخصة دون موافقة وزارة الإعلام تحت طائلة المساءلة القانونية.
وانتقد إعلاميون التخبط في قانون الإعلام الجديد بينما بنوده لم تعلن كاملة، وما وصل من القانون يتحدث عن “المؤامرة على الوطن، توقيف الصحافي، وعدم إلزام الجهات بتزويد الصحافي بالمعلومة” معتبرين أن ما يتم تسريبه قليل جدا. بينما قال صحافيون أن مشروع قانون الاعلام الجديد الذي سيكون بديلاً عن قانون الاعلام الحالي 108 لعام 2011، مخيب للآمال واقل من الطموح بكثير ويساهم بتراجع خطير لدور الاعلام والإعلاميين وان هناك من يعمل على تقييد عمل الاعلاميين وعدم استقلاليتهم ومن ثم عدم تطوير واقع الاعلام السوري.
مواد القانون المزمع إقراره غابت عن مكاشفة الصحافيين فباتوا يحتاجون لمن يخبرهم عن مصيرهم
وتضمنت التعديلات “التدريب، الترخيص، تشكيل اللجنة الوطنية للدراما”، وغيرها، على أن يصدر الهيكل الوظيفي متضمناً الملاك العددي للوزارة بمرسوم، بينما يصدر النظام الداخلي بقرار من وزير الإعلام، وتصدر التعليمات التنفيذية لهذا القانون بقرار آخر من الحكومة.
وتتفاوت التسريبات عن القانون الجديد بين جهات تقول إنه سيكون قانوناً عصرياً يراعي تطورات المهنة. وبين أخرى تتحدث عن تشدده في ناحية ربط الصلاحيات أجمع بالوزارة وبالتالي تهميش دور اتحاد الصحافيين.
من جهة أخرى فإن مواد القانون المزمع إقراره غابت عن مكاشفة الصحافيين ومشاركتهم القرار بشأنها. فباتوا وهم أهل المهنة يحتاجون لمن يخبرهم عن مصيرهم في القانون الجديد الذي سيحكم عملهم.
ويتخوف الصحافيون من أن يحمل القانون الجديد مزيداً من التضييقات على حرية عملهم. وتغييب الحماية عنهم فيما يخص مهنتهم ونشرهم للمعلومات، لاسيما وأنهم في الكثير من الحالات يجدون أنفسهم عرضة للمحاكمة وفق قانون جرائم المعلوماتية بذريعة أن وسائل الإعلام تنشر محتواها إلكترونياً، وأن تسمية موظف فاسد تدخل في باب القدح والذم.
وعقد اتحاد الصحافيين مؤخراً سلسلة مؤتمراته السنوية في فروعه بالمحافظات. ولم يأت النقاش على ذكر قانون الإعلام للأخذ برأي الصحافيين في مواده، لكن رئيس الاتحاد موسى عبد النور، قال لإذاعة شام “اف.ام” إن المادة المتعلقة بـ”إعلام اتحاد الصحافيين قبل إيقاف الصحافي” محذوفة في مشروع قانون الإعلام الجديد ونحاول إبقاءها، ولسنا مع ترخيص صفحات وسائل التواصل الاجتماعي كوسائل إعلامية.
وذكرت مصادر مطلعة أن البنود التي وُضعت في القانون في معظمها تقليدية، ولا تختلف كثيرا عن الموجود، بينما لم يتم تعديل البيئة التشريعية للعمل الإعلامي، الذي كان أحد أهمّ مطالب العاملين في هذا المجال خلال السنوات الماضية، والذين تعرّضوا للكثير من التضييق والانتهاكات، التي كان أبرزها معاملتهم وفق القانون العام وليس الخاصّ، ما جعل سيف قانون جرائم المعلوماتية مسلطا على رقابهم.
من المتوقع إصدار قرار يمنع منعاً باتا توظيف أي صحافي أو إداري في أي مؤسسة إعلامية مرخصة دون موافقة وزارة الإعلام تحت طائلة المساءلة القانونية
وكان الخلاف حول إلغاء منصب وزير الإعلام، لأن الوزير يعتبر الناطق الرسمي للحكومة، وليس الناطق باسم الإعلام السوري، كما يواجه القانون الجديد ثغرة أخرى تتمثل باعتراض القضاء السوري على بعض البنود الواردة فيه ومنها عدم سجن الصحافي واستبدال عقوبة السجن بالغرامة المالية الكبيرة، حيث رفض القضاء هذا البند على اعتبار أنه يتعارض مع قانون العقوبات.
وأعلن مجلس الشعب مشروع القانون المتضمن إحداث وزارة الإعلام، لتحل محل وزارة الإعلام المحدثة بموجب المرسوم رقم /186/ لعام 1961 وأصبح قانوناً.
وقال وزير الإعلام في تصريح للصحافيين عقب الجلسة إلى أن إقرار مشروع قانون إحداث وزارة الإعلام يأتي بهدف تحديث وتطوير عملها، لكي تستطيع أن تتعامل مع كل المستجدات الحاصلة في المجال الإعلامي.
وتتمثل الجهات العامة المرتبطة بالوزارة بـ“الوكالة العربية السورية للأنباء ‘سانا’، والهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، والمؤسسة العربية للإعلان، ومؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر والتوزيع، والمؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي، ومعهد الإعداد الإعلامي، والمعهد التقني للإعلام والطباعة”، وتشرف الوزارة على عمل هذه الجهات وترسم السياسات العامة الإعلامية والإعلانية والخدمية والإنتاجية والتعليمية والتدريبية لهذه الجهات.
وتمنح الوزارة التراخيص والاعتمادات لكل من “وسائل التواصل السمعي والبصري، والمطبوعات الدورية وغير الدورية، ووسائل التواصل على الشبكة، ووسائل التواصل الاجتماعي، ووكالات الأنباء، والمكاتب الإعلامية لوسائل الإعلام الخارجية، ومراكز التدريب الإعلامي، ومراكز البحوث الإعلامية واستقصاء الرأي، وشركات الخدمات الإعلامية، ودور الطباعة والنشر، والخدمات التي تقدم للوفود والبعثات الإعلامية العربية والأجنبية، والتقييم الفكري للكتب والمخطوطات وإجازة تداولها وتصديرها، وجميع الوسائل الإعلامية التي تظهر لاحقاً نتيجة تطور وسائل الاتصال والإعلام”.
وتشرف الوزارة بالتنسيق مع الجهات العامة على تدريب الإعلاميين في الوحدات التنظيمية التابعة لهذه الجهات والتي تقوم بمهام المكاتب الإعلامية لديها، ويعد جميع العاملين الدائمين في الوزارة المحدثة بموجب المرسوم التشريعي رقم (186) لعام 1961 وتعديلاته، منقولين حكماً مع شواغرهم إلى الوزارة المحدثة بموجب أحكام هذا القانون، بأوضاعهم وفئاتهم وأجورهم ذاتها، ويحتفظون بقدمهم المؤهل للترفيع، ويستمر العاملون المنتدبون والمؤقتون والموسميون والمتعاقدون بأوضاعهم الحالية وفق القوانين والأنظمة النافذة.