ممر طاقة وتكنولوجيا أميركي مقابل طريق الحرير الصيني

نيودلهي- تدفع الولايات المتحدة، على هامش قمة مجموعة العشرين، باتجاه مشروع طموح من شأنه أن يربط الهند وأوروبا من خلال خطوط السكك الحديد والنقل البحري عبر الشرق الأوسط، في ما يعدّ رداً محتملاً على “طرق الحرير” الصينية الجديدة.
وتم التوقيع على اتفاق مبدئي في نيودلهي بين الولايات المتحدة والسعودية والإمارات والاتحاد الأوروبي وشركاء آخرين في مجموعة العشرين، حسب ما أفاد نائب مستشار الأمن القومي الأميركي جون فاينر.
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن إنها “صفقة كبيرة حقيقية” من شأنها أن تربط الموانئ عبر قارتين وتؤدي إلى “شرق أوسط أكثر استقرارا وازدهارا وتكاملا”.
وأضاف خلال فعالية للإعلان عن الاتفاق أنه سيتيح “فرصا لا نهاية لها” للطاقة النظيفة والكهرباء النظيفة ومد الكابلات لربط المجتمعات.
وقال رئيس وزراء الهند المضيفة للقمة ناريندرا مودي “اليوم، بينما نشرع في مبادرة الربط الكبيرة هذه، فإننا نضع بذورا تجعل أحلام الأجيال المقبلة أكبر”.
وأعلن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان السبت عن توقيع مذكرة تفاهم لمشروع اقتصادي يجمع بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا.
جاء ذلك في كلمة بقمة مجموعة العشرين التي تستضيفها الهند، وفق ما نقلته وسائل إعلام سعودية.
وأوضح ولي العهد السعودي أنه تم “توقيع مذكرة تفاهم لمشروع اقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا”.
وأشار إلى أن “المشروع الاقتصادي سيسهم بتطوير البنى التحتية التي تشمل سككا حديدية”، مؤكدا أن ذلك “الممر الاقتصادي سيوفر فرص عمل طويلة الأمد”.
وشدد على أن ذلك “الممر الاقتصادي سيزيد التبادل التجاري بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، وأنه سيعمل على مد خطوط أنابيب لتصدير الكهرباء والهيدروجين”.
كما “سيسهم الممر الاقتصادي في ضمان أمن الطاقة العالمي وسيضم مد كابلات لنقل البيانات وسيربط موانئ الشرق الأوسط وأوروبا والهند”.
وقال فاينر إنّ الاتفاق يهدف إلى البحث “في (مشروع) للنقل البحري والسكك الحديد سيسمح بتدفّق التجارة والطاقة والبيانات من هنا في الهند عبر الشرق الأوسط وصولاً إلى أوروبا”، مضيفاً أنّ “هذا أتى نتيجة أشهر من الدبلوماسية الحذرة… ضمن الأطر الثنائية ومتعدّدة الأطراف”.
ويأتي ذلك في الوقت الذي يعمل فيه بايدن على تطبيع محتمل للعلاقات بين إسرائيل والسعودية، في مواصلة للخطوة التي كانت قد تمّت بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب.
◙ الممر الأميركي يهدف إلى مواجهة مبادرة الحزام والطريق الصينية وسيغير قواعد اللعبة بتحويل الهند إلى مركز ثقل
كذلك، يعتزم الرئيس الأميركي الاستفادة من المساحة الشاغرة التي تركها الرئيس الصيني شي جينبينغ، في ظل عدم توجهه لحضور قمة العشرين في نيودلهي، شأنه في ذلك شأن نظيره الروسي فلاديمير بوتين.
وفي هذا الإطار، يريد بايدن أن يُظهر أنّه “يستعد مع بلدان مجموعة العشرين الأخرى لتحقيق نتائج حقيقية”، على حدّ تعبير جون فاينر.
وكان موقع “أكسيوس” الإخباري ذكر أن المشروع يهدف إلى ربط الدول العربية بشبكة للسكك الحديد يمكن أن تمتد إلى إسرائيل في حال تطبيع العلاقات، ثم إلى أوروبا عبر الموانئ البحرية الإسرائيلية، بالإضافة إلى روابط بحرية مع الهند.
وأفادت مصادر أوروبية أن ذلك سيترافق مع إقامة منشآت للطاقة، خصوصاً لإنتاج الهيدروجين الأخضر ونقله، فضلاً عن كابل بحري جديد لتعزيز الاتصالات ونقل البيانات.
وأكد جون فاينر أنّ هذا المشروع “يتمتّع بقدرات هائلة”، مضيفاً أنه لا يعرف “الوقت الذي سيستغرقه بالضبط”.
ويمكن وصف الممر الأميركي بأنه رد مباشر على مبادرة الحزام والطريق الصينية من خلال خلق طريق منافسة تكون الهند مركزها وتنطلق بموازاة المشروع الصيني وتنافسه على أهم نقاط مروره من الخليج إلى أوروبا.
وقال مايكل كوغلمان الخبير في شؤون جنوب آسيا في مركز ويلسون في واشنطن عبر منصة “إكس” إنّه “إذا تحقّق ذلك، فإنّه سيغيّر قواعد اللعبة عبر تعزيز الروابط بين الهند والشرق الأوسط”، مضيفاً أنّ ذلك “يهدف إلى مواجهة مبادرة الحزام والطريق”.
وتقوم بكين من خلال “مبادرة الحزام والطريق” التي تأتي ضمن إطار برنامج “طرق الحرير الجديدة” باستثمارات ضخمة في عدد من الدول النامية لبناء البنية التحتية.
ويهدف المشروع الصيني إلى تحسين العلاقات التجارية بين آسيا وأوروبا وأفريقيا وحتى خارجها، من خلال بناء الموانئ والسكك الحديد والمطارات أو المجمّعات الصناعية، ممّا يسمح للعملاق الآسيوي بالوصول إلى المزيد من الأسواق وفتح منافذ جديدة أمام شركاته.
غير أنّ معارضيه يعتبرون أن بكين تهدف من خلاله إلى تعزيز نفوذها السياسي، كما ينتقدون الديون الخطرة التي يرتّبها على الدول الفقيرة. وكان جو بايدن قد وصفه في يونيو الماضي بأنّه “برنامج الديون والمصادرة” الذي “لن يذهب بعيداً جداً”.