ممثل تركي خاص لدى العراق يسبق مباحثات استراتيجية مع السوداني

فيسيل إيروغلو سيقود العلاقات مع بغداد في ملفات الأمن الإقليمي والتعاون الاقتصادي وتقاسم الموارد المائية وإعادة الإعمار بتكليف مباشر من أردوغان.
الخميس 2025/05/08
زيارة السوداني إلى تركيا تركز على طريق التنمية والتعاون

أنقرة - أعلنت الحكومة التركية عن تعيين وزير الغابات وشؤون المياه السابق، فيسيل إيروغلو، ممثلا خاصاً لها لدى العراق، في خطوة استراتيجية تتزامن مع زيارة رسمية لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى أنقرة، مما يعكس الأولوية التي توليها تركيا لهذه العلاقة الاستراتيجية في ظل ديناميات إقليمية متطورة.

وبحسب القرارات الحكومية التركية المنشورة في الجريدة الرسمية، سيستفيد إيروغلو، الذي شغل حقيبة شؤون الغابات والمياه بين عامي 2011 و2018، من خبرته الواسعة في إدارة الموارد والملفات البيئية في مهمته الدبلوماسية الجديدة.

وذكرت الصحيفة الرسمية أن إيروغلو، بصفته الممثل الخاص للرئيس رجب طيب أردوغان، سيقود دفة العلاقات الثنائية مع بغداد في ملفات متنوعة تشمل الأمن الإقليمي، والتعاون الاقتصادي، وتقاسم الموارد المائية الحساسة، وجهود إعادة الإعمار التي تشهدها البلاد.

ويؤكد هذا التعيين، بحسب الصحيفة التركية، على "التزام أنقرة بتعميق العلاقات مع بغداد في خضم الديناميات الإقليمية المتطورة".

 ومن المتوقع أن يقدم إيروغلو أوراق اعتماده في بغداد خلال الأسابيع القادمة، وسيعمل خارج السفارة التركية في العاصمة العراقية، وفقاً للصحيفة التركية، مما يشير إلى الأهمية الخاصة التي توليها أنقرة لهذه المهمة، وتعكس الأولوية التي توليها تركيا لهذه العلاقة الاستراتيجية.

ويأتي هذا التعيين في سياق إقليمي ودولي بالغ الأهمية، حيث يسعى العراق الذي بدأ يتعافى تدريجيا من سنوات الصراع وعدم الاستقرار إلى استعادة دوره، فيما تمثل علاقاته مع القوى الإقليمية، وعلى رأسها تركيا، عنصرا حاسما في استقراره ومستقبله.

واتسمت العلاقات التركية العراقية تاريخيا، بالتعاون والتحديات على حد سواء، خاصة فيما يتعلق بقضايا الحدود والأمن وتقاسم الموارد المائية.

ويمثل اختيار إيروغلو، إشارة واضحة إلى الأولوية التي توليها أنقرة لمسألة تقاسم المياه، التي تعتبر نقطة خلاف محتملة بين البلدين، وتسعى تركيا إلى إيجاد حلول مستدامة لها في إطار تعزيز التعاون الشامل.

ويتزامن هذا التعيين مع تحولات جيوسياسية أوسع في المنطقة، بما في ذلك التقارب الأخير بين العراق وسوريا بقيادة الرئيس أحمد الشرع المدعوم من أنقرة، حيث دعاه السوداني إلى مشاركة في القمة العربية المقبلة في بغداد في 17 من الشهر الحالي.

ويشير دعم بغداد لمشاركة الشرع في القمة العربية المقبلة إلى تحول في التحالفات الإقليمية وإمكانية ظهور محور جديد يضم أنقرة وبغداد ودمشق.

وتسعى تركيا، من خلال تعزيز علاقاتها مع العراق، إلى لعب دور محوري في هذه التوازنات الجديدة، وضمان مصالحها الأمنية والاقتصادية في المنطقة.

وعلى الصعيد الاقتصادي، يكتسب العراق أهمية متزايدة بالنسبة لتركيا كمورد للطاقة وسوق واعد لإعادة الإعمار والاستثمارات التركية. ويبرز مشروع "طريق التنمية" الطموح، الذي يربط الخليج بأوروبا عبر الأراضي العراقية والتركية، كأحد أبرز أوجه التعاون الاقتصادي المستقبلي بين البلدين.

 من المتوقع أن يلعب الممثل الخاص الجديد دورا هاما في دفع هذا المشروع وغيره من المبادرات الاقتصادية المشتركة، بما يعود بالنفع على كلا البلدين ويعزز التكامل الإقليمي.

ولا يمكن إغفال البعد الأمني في العلاقات التركية العراقية، فالبلدان يواجهان تحديات أمنية مشتركة، بما في ذلك بقايا تنظيم داعش والتهديدات الحدودية، ومن المتوقع أن يعمل الممثل الخاص الجديد على تعزيز التنسيق الأمني وتبادل المعلومات بين أنقرة وبغداد لمواجهة هذه التحديات بشكل فعال، بما يخدم استقرار البلدين والمنطقة بأسرها.

ويتزامن هذا التعيين الهام مع وصول رئيس الوزراء العراقي إلى أنقرة في زيارة رسمية صباح اليوم، للمشاركة في اجتماعات المجلس الأعلى العراقي التركي للتعاون الاستراتيجي، حيث من المقرر بحث ملفات حيوية كتأمين الحدود، وطريق التنمية، وربط الكهرباء، وزيادة حصص المياه، بالإضافة إلى القضايا الإقليمية والتعامل مع الإدارة السورية الجديدة. وتشمل المباحثات لقاء مع أردوغان وتوقيع اتفاقيات في مجالات الطاقة والمياه والنقل والاستثمار.

 وقبيل توجهه إلى أنقرة، نشر السوداني مقالا صحفيا سلط فيه الضوء على "مشروع طريق التنمية" الطموح الذي بدأ العراق في إنشائه لنقل البضائع من الخليج عبر تركيا وصولا إلى أوروبا، واصفا إياه بأنه يمثل "توجها لنهج اقتصادي للتصدي للأزمات".

وأكد السوداني في مقاله على أن "العراق يدعو إلى اعتماد نهج اقتصادي تكاملي يعالج التفاوت التنموي ويعزز القدرة الجماعية على مواجهة أزمات الغذاء والطاقة وسلاسل الإمداد". كما أشار إلى أن "العراق اليوم لا يعيد بناء نفسه فحسب، بل يشارك في إعادة رسم ملامح الشرق الأوسط عبر سياسة خارجية متوازنة، وقيادة واعية، ومبادرات تنموية، وشراكات استراتيجية".

ومن المقرر أن يشارك السوداني أيضا في برنامج تنظمه وكالة الأناضول تحت عنوان "المحور: العلاقات التركية-العراقية"، حيث سيناقش أبعاد العلاقات الثنائية والإقليمية والدولية بين البلدين، باعتبارها من القضايا المحورية الراهنة في منطقة الشرق الأوسط. وسيتناول البرنامج الأبعاد السياسية والاقتصادية والأمنية لهذه العلاقات، بالإضافة إلى انعكاساتها الإقليمية، من خلال منظور تحليلي يستند إلى التطورات الحالية.

وتشير التوقعات إلى أن السوداني سيسعى خلال زيارته إلى تأكيد التزام العراق بسياسة التوازن الإقليمي، مع التركيز على احترام السيادة الوطنية وإنهاء التدخلات العسكرية المباشرة في شؤونه الداخلية.