ممارسة الرياضة تكسر رتابة العمل عن بعد وتعزز الإنتاجية

يعاني موظفو العمل المكتبي عادة من قلة الحركة؛ وأدى تحولهم للعمل من منازلهم بسبب جائحة كورونا إلى الوقوع فريسة المزيد من الخمول. لذلك ينصح مدربو اللياقة البدنية العاملين عن بعد بالحصول على فترات استراحة نشيطة لممارسة بعض التمارين الرياضية البسيطة، والتي من شأنها أن تجدد الطاقة وتجنب المرء عدة مشكلات صحية.
لندن- كشفت مجلة “إل” العالمية أن ما بين 3 و10 دقائق من التمارين الرياضية الخفيفة تساهم في كسر رتابة يوم من العمل عن بعد، وتعزيز مستوى الطاقة ورفع الروح المعنوية.
وتساعد هذه التمارين بعد أكثر من عام من أزمة الصحة العالمية والعمل عن بُعد على تتكيف مع أنماط حياتنا الجديدة، وتساهم في تحسين إحساس المرء بالعافية والإنتاجية.
ويتسبب العمل عن بعد، وخاصة خلال جائحة فايروس كورونا، في جعل المرء لا يتمتع بذهن صافٍ، أو بتمرين ساقيه من خلال التنقل لأداء العمل، وهو ما يمكن أن يسبب له شعورا بالتوتر وتقلبا مزاجيا مستمرا.
وبيّنت الأبحاث في عدة بلدان أن العمل عن بعد الناجم عن الوباء أدى إلى ساعات عمل أطول للملايين من الأشخاص، ويعمل الكثيرون في منازلهم دون ممارسة الرياضة، ما يجعلهم يقعون فريسة سهلة للمشاكل الصحية كالبدانة وآلام الظهر والرقبة. ولتجنب حدوث مشاكل صحية بسبب هذا الروتين، تقدم مجلة “إل” مجموعة من التمارين الرياضية التي يمكن أن يعزز المرء من خلالها التوازن بين الذهن والجسد.
لا توجد حدود للإبداع في نوعية التمارين البسيطة، التي يمكن إجراؤها في أثناء العمل من المنزل، بدءا من الحركات الدائرية بواسطة اليدين والذراعين والكتفين والرأس وصولا إلى الرقص لبعض الوقت
وقالت مود بونيه المؤسسة المشاركة لوكالة “أثليتيك أيجنسي”، المتخصصة في الرياضة والرفاهية، “خلال فترة الحجر الأولى، كان هناك حماس كبير للدورات التدريبية عبر الإنترنت، حيث هرع الناس إلى بساط اليوغا، والأشرطة المطاطية المقاومة المعتمدة في التمارين الرياضية، وأوزان ‘كيتل بيل’، ولكن في وقت لاحق، ومع استمرار العمل عن بعد، ظهر إرهاق عام، مع غياب الحدود بين العمل والحياة الشخصية حيث يصبح من السهل تخطي وقت العمل الرسمي بسبب عدم وجود حدود واضحة بين المكتب والمنزل مما أعطى انطباعا بوجود نفق لا نهاية له”.
أما توم هولاند خبير اللياقة البدنية ومؤلف كتاب “ذا ميكرو ووركوت” فأرجع تخلي العاملين عن بعد عن ممارسة الرياضة والحفاظ على لياقتهم البدنية إلى “ضيق الوقت، باعتباره السبب الأول للتخلي عن الرياضة”.
وتشهد الأرقام على ذلك، فمنذ بداية الأزمة الصحية لم يجد 65 في المئة من الموظفين الوقت أو الفرصة للنشاط البدني. وأوضح هولاند أنه “بدافع العادة نميل إلى اعتبار أن الرياضة تُمارس بالضرورة في أماكن معيّنة، وبملابس خاصة ولفترة زمنية محددة. ومع ذلك، ليس من الضروري على الإطلاق أن تجبر نفسك على الحركات لمدة ساعة متتالية لرؤية النتائج”.
وأظهرت الكثير من الدراسات الحديثة أن الحقيقة البسيطة المتمثلة في التحرك لبضع دقائق بانتظام تجلب بالفعل نصيبها من الفوائد الصحية. ولفت سليمان كامارا، مدرب في إيبيزود، إلى أن “العمل عن بعد أبرز الجمود المزمن السائد في مجتمعاتنا، بينما أجسادنا مصنوعة لتكون في حالة حركة”.
وحتى يكون العمل عن بعد مجديا، يجب المحافظة على اللياقة البدنية من خلال ممارسة التمارين الرياضية خلال فترة الاستراحة في العمل، والتي تساعد على تجديد الطاقة وتحسين الدورة الدموية وتعزيز النشاط، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة التركيز وتعزيز الإنتاجية.
وأثبتت دراسة عالمية موسعة أن ممارسة التمارين أثناء فترات العمل ووقت الفراغ تساعد على تقليل مخاطر الإصابة بالأزمات القلبية بشكل جوهري سواء في الدول النامية أو في البلدان المتقدمة.
ووفقا للمرصد الوطني للنشاط البدني والحياة المستقرة (أونابس)، فقد زاد وقت الجلوس بين البالغين بنسبة 24.6 في المئة في فرنسا العام الماضي، وقضى 87.7 في المئة من البالغين أكثر من 6 ساعات في الجلوس يوميا في عام 2020.
وكشفت دراسة نُشرت نتائجها في جورنال أوف أبلايد فيزيولوجي (مجلة علم وظائف الأعضاء التطبيقية) في يناير الماضي، أن التخلص من وضعية الجلوس لمدة 30 دقيقة بسلسلة من القرفصاء أو المشي لمدة دقيقتين يعزز استقرار نسبة السكر في الدم لدى البالغين الأصحاء. وهذا بدوره يساعد في تقليل مخاطر السمنة ومرض السكري من النوع الثاني وأمراض القلب والأوعية الدموية.
وأجرى علماء الحركة في جامعة ماكماستر الكندية قبل عامين، اختبارا لمجموعة من الشباب من الفئة التي لا تقوم بأي نشاط بدني، وطلبوا منهم تسلق سلالم ثلاثة طوابق بسرعة عالية، ثلاث مرات في اليوم لمدة تتراوح بين ساعة وأربع ساعات، ويكرر هذا التمرين ثلاثة أيام في الأسبوع.
ولوحظ بعد ستة أسابيع، تحسن سعة الأوكسجين القصوى (الحد الأقصى لامتصاص الأوكسجين، المرتبط بسعة القلب والأوعية الدموية) بالفعل لدى المتسلقين بنحو 5 في المئة مقارنة بمجموعة التحكم.
ويرى مدربو اللياقة أن فترات الاستراحة النشيطة المتكررة يمكن أن تحدث المعجزات في ما يتعلق بتحسين إحساس المرء بالعافية والإنتاجية، ويقترحون القيام بتمارين بسيطة خلال أداء العمل من المنزل.
وينصح جو هولدر، مدرب عارضة الأزياء من أصل أفريقي نعومي كامبل والمصمم الأميركي فيرجيل أبلوه، الذي يقدم فيديوهات على إنستغرام، “اضبط تنبيها على ساعتك واستيقظ كل 60 أو 90 دقيقة للتحرك”.
العمل عن بعد الناجم عن الوباء أدى إلى ساعات عمل أطول للملايين من الأشخاص، ويعمل الكثيرون في منازلهم دون ممارسة الرياضة، ما يجعلهم يقعون فريسة سهلة للمشاكل الصحية
ويضيف نصيحة أخرى قائلا “اطرح بساطك في الصباح واترك حبل القفز أو الدمبل (إحدى القطع المستخدمة في رفع الأثقال) على مقربة منك. لأخذ استراحة رياضية صغيرة لا تتطلب تغييرا”.
ويتابع يمكن الاستفادة كذلك من راديو تايسو أو “تمارين الراديو” أو 3 دقائق من التمارين مع الصلصة اليابانية، وهو برنامج يتم بثه منذ نحو قرن أربع مرات في اليوم على الهواء، ويقدم ثلاث دقائق من الحركات البسيطة، دائما نفسها، على نغمات البيانو المرحة، لتخفيف المفاصل والاسترخاء من التوترات.
وقال كامارا “لا بد من البدء بدقيقة صغيرة من إحماء العظام والمفاصل، وبعد ذلك بلف الكتفين للخلف والأسفل، ثم عمل دوائر صغيرة بالرأس لإرخاء الرقبة”.
ويوصي “بجلسة حركية صغيرة في الصباح كتمرين الضغط وتمرين القرفصاء ورفع الركبتين والقفز ومتسلق الجبال، وصولا إلى جلسة إطالة قصيرة في نهاية فترة ما بعد الظهر من خلال 3 أو 4 تمارين الرياضية خفيفة”، ستتجاوز بسرعة 150 دقيقة من النشاط البدني المعتدل في الأسبوع الذي أوصت به منظمة الصحة العالمية.
وكانت منظمة الصحة العالمية أوصت بإجراء تمارين بدنية معتدلة لمدة 150 إلى 300 دقيقة أسبوعيا؛ نظرا إلى أن التمارين البدنية المعتدلة بدءا من 300 دقيقة لها العديد من التأثيرات الإيجابية على الصحة العامة مثل خفض خطر الإصابة بسرطان الثدي أو القولون أو مرض السكري أو السكتة الدماغية.
وأشار كامارا إلى أن “الفكرة لا تكمن في القيام بجلسات أطول، ولكن أن تكون نشيطا حتى في الأيام التي يكون لديك فيها وقت قصير. الاتساق هو المفتاح”.
يتسبب العمل عن بعد، وخاصة خلال جائحة فايروس كورونا، في جعل المرء لا يتمتع بذهن صافٍ، أو بتمرين ساقيه من خلال التنقل لأداء العمل، وهو ما يمكن أن يسبب له شعورا بالتوتر وتقلبا مزاجيا مستمرا
ويصرّ المدرب على أن “حتى المؤيدين المتحمسين لممارسة رياضية متطلبة سيجدون فضائل في هذه الوجبة الخفيفة من التمارين الرياضية.. العمل على أقساط هو فرصة لإجراء القليل من فحص الجودة، لمراجعة المواضع الخاصة بك لتجنب الإصابات أثناء الجلسات الطويلة، وللتركيز على نقاط الضعف”.
ويؤكد كامارا أن “التمارين القصيرة ممتعة للغاية، خاصة للأشخاص الذين يعانون من الإرهاق أو الإحباط، أولئك الذين تثبط عزيمتهم من فكرة متابعة تدريب لمدة ساعة”.
وبشكل عام لا توجد حدود للإبداع في نوعية التمارين البسيطة، التي يمكن إجراؤها في أثناء العمل من المنزل، بدءا من الحركات الدائرية بواسطة اليدين والذراعين والكتفين والرأس وصولا إلى الرقص لبعض الوقت.