ممارسات وحشية لجنود تهز الرأي العام السوداني

صدم السودانيين بفيديو جديد يوثق إقدام عناصر من الجيش على قتل شخص، وبقر بطنه. ويرى سياسيون وحقوقيون أن مثل هذه المشاهد المروعة تؤكد تغلغل الفكر الداعشي في المؤسسة العسكرية وأن الحديث عن إصلاحها بات غير ذي جدوى.
الخرطوم - تثير الممارسات المروعة لمنتسبين للجيش السوداني، وهم يقتلون أشخاصا ويمثلون بجثثهم، حالة من الصدمة في صفوف السودانيين، في غياب تدخل جدي من المجتمع الدولي لوضع حد للانتهاكات الجارية.
وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي فيديو جديدا يظهر عناصر بزي الجيش السوداني وهم يقتلون أحد الأشخاص ويبقرون بطنه ثم يلوح أحدهم بأحشائه، في مشاهد مروعة، هزت الرأي العام في السودان.
وهذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها نشر مقاطع فيديو توثق انتهاكات منتسبي المؤسسة العسكرية، حيث سبق وأن عرض مقطع فيديو في مارس الماضي يظهر جنودا وهم يقطعون رؤوس مدنيين ومقاتلين محسوبين على الدعم السريع، فيما تحدثت أوساط حقوقية عن تزايد عمليات تصفية أسرى وتقطيع أوصالهم.
وأدان قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو، في تدوينة على منصة إكس، هذه الممارسات التي قال إنها تستهدف أبرياء على أساس الهوية والقبيلة؛ وأضاف ”إن هذه الجرائم الإرهابية لا تهدد استقرار السودان فحسب؛ وإنما تشكل خطراً على أمن واستقرار الإقليم والمنطقة، ولذلك ندعو الدول والمنظمات إلى إدانتها ومحاصرتها”.
كما أبدى العشرات من القيادات السياسية والنشطاء تنديدهم بالممارسات التي يقدم عليها أفراد من الجيش السوداني، وآخرها بقر بطن أحد المواطنين.
وقال محمد عبدالرحمن الناير، المتحدث باسم حركة تحرير السودان بقيادة عبدالواحد نور، إن “الفيديو المشين الذي تم تداوله حول جريمة تمثيل بجثة مواطن سوداني بصورة بشعة، يوضح الوجه الحقيقي للإسلام السياسي”، موضحا أن “هذه الفظائع قد تم ارتكابها آلاف المرات في جنوب السودان وجبال النوبة والنيل الأزرق ودارفور من قبل هؤلاء الدواعش باسم الإسلام حيناً والعروبة أحياناً”.
وسبق وأن أعلنت قيادة الجيش عن عزمها فتح تحقيق في الانتهاكات المنسوبة لعناصره، لكن إلى حد الآن لا يعرف شيء عن تلك التحقيقات وما خلصت إليه.
ويشهد السودان منذ الخامس عشر من أبريل 2023، حربا دامية بين الجيش الذي يقوده الفريق أول عبدالفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع.
وقد عمد الجيش خلال الأشهر الأخيرة إلى تجنيد مدنيين، ضمن ما يسمى “المقاومة الشعبية”، كما فتح المجال لميليشيات تابعة للحركة الإسلامية للقتال إلى جانبه.
ولم يقتصر الجيش على ذلك بل استنجد أيضا بمرتزقة من إقليم تيغراي الإثيوبي، ويقول سياسيون سودانيون إن قيادة الجيش فتحت الباب على مصراعيه لضرب عقيدة الجيش، وفسحت المجال أمام تغلغل الفكر الداعشي، وهو ما ترجم في الفيديوهات المروعة التي تظهره من حين لآخر.
وقال نائب رئيس حزب المؤتمر السوداني، خالد عمر يوسف، إن “التسجيلات المصورة الوحشية التي توثق لمنسوبين للقوات المسلحة يتلذذون بسلخ الناس وتمزيق أحشائهم خرجت من كونها ممارسات فردية لتصبح أفعالاً متكررة ترسخ لنسق إرهابي يمزق البلاد ويقودها لدوامة لن تخرج منها أبدا”.
وأضاف أن “هذه الأفعال الإرهابية التي لا تمت للإنسانية بصلة، مدانة بأشد عبارات الإدانة، ويجب أن يُحاسَب مرتكبوها وألّا يسمح لهم بالإفلات من العقاب”.
وحذر عمر يوسف من أن استمرار الحرب التي لا خير فيها سيرمي بالبلاد في هاوية سحيقة، وعلى الجميع النهوض لإيقافها الآن ودون تأخير، وللتصدي لمن يعملون على استمرارها ومن يمارسون فيها البشاعات بكافة أشكالها.
بدوره قال الناشط هشام عباس، إن ما ظهر في مقطع الفيديو الصادم لأفراد بزي الجيش السوداني وهم ينهشون ويبقرون جثمان شخص ما ويمضغون كبده، هو تأكيد على أنه لم يعد هناك أمل في إصلاح الجيش وأنه فات الأوان على مطالبات الهيكلة وتحويله إلى جيش وطني، فقد تمكن منه سرطان الدواعش من إرهابيي النظام البائد ولم يعد له رأي أو قرار .
الانتهاكات التي تحدث في السودان تعود بالأساس إلى تجذر سياسة الإفلات من العقاب، والتي لطالما كانت موجود في السودان طيلة العقود الماضية
ولفت إلى أن ما ظهر من بشاعات في الحرب ماهي إلا قطرة في محيط الجرائم التي ستشكل صدمة كبيرة للشعب السوداني عندما تنجلي وتتكشف الحقائق.
وأكد عباس على أنه “إذا تمكن الدواعش من البلاد سيكونون خطرا يهدد العالم أجمع وليس السودان ومستقبله لأن ما يحدث اليوم في السودان تقريبا هو نموذج دواعش سوريا وليبيا في البدايات ما يتطلب تكاتف العالم أجمع وليس السودانيين فقط للتصدي له”.
وأشار إلى أنه “عندما انتشرت مقاطع مماثلة في المرة الأولى طولب الجيش باتخاذ موقف وإجراء يبعد بهما عن نفسه هذه الجرائم.. وبتر هؤلاء الدواعش الذي يتخفون خلفه”.
وأضاف “كنا نعلم أن هذا لن يحدث وأن الجيش لا يملك قدرة على ذلك لأن من نطالب ببترهم هم المسيطرون على هذا الجيش ومن يحركونه ويملكون قراره لكن تكرار هذه الأحداث دون أي ردة فعل أثبت للجميع أن وجهة نظرنا في هذا الجيش من قبل الحرب وبعد الحرب صحيحة بالبراهين والثوابت”.
ولايزال موقف المجتمع الدولي حيال الأحداث الدائرة في السودان دون المطلوب، رغم سقوط الآلاف من الضحايا وانتشار شبح المجاعة في عدد من الأقاليم، بسبب منع الجيش دخول المساعدات.
ويقول متابعون إن الانتهاكات التي تحدث في السودان تعود بالأساس إلى تجذر سياسة الإفلات من العقاب، والتي لطالما كانت موجود في السودان طيلة العقود الماضية وتحولت إلى قاعدة في الحرب الحالية.