مليكة ماء العينين: سأواصل استكشاف الثقافات والتقاليد الإقليمية في أفلامي القادمة

تعتبر تجربة المخرجة المغربية مليكة ماء العينين من أبرز التجارب السينمائية التي اهتمت بالصحراء وما توفره من قصص وجماليات وحكايات مختلفة لها بصمتها وعمقها. وفي فيلمين جديدين بنسختين روائية ووثائقية تحاول المخرجة الدخول إلى عمق الثقافة الصحراوية في المغرب. “العرب” كان لها معها هذا الحوار حول تجربتها وعمليها الأخيرين.
تقول المخرجة المغربية الصحراوية مليكة ماء العينين في الإلهام الذي جعلها تقوم بإخراج فيلم وثائقي وفيلم قصير عن العادات والتقاليد الصحراوية المغربية “لطالما كانت ثقافة الصحراء المغربية مصدر إلهام كبير بالنسبة إلي كمخرجة للأفلام الوثائقية. تاريخها العريق وعاداتها فريدة دائما ومختلفة عن باقي الشعوب. وكثيرا ما أثرت على تفكيري الإبداعي. فكرة فيلمي ‘بيت الشَّعر’ نشأت من رغبتي في استكشاف عمق العلاقة بين النساء الصحراويات وخيوط النيرة التي نسجن بها خيامهن عبر العصور”.
وتذكر هنا بعض الأسباب التي ألهمتها لصناعة هذا الفيلم وتقديمه في نسختين، أولا الحفاظ على التراث، إذ ترى أن العادات والتقاليد الصحراوية لها تاريخ طويل وثري، ومن خلال إنتاج فيلم وثائقي، يمكن للصانعين أن يساهموا في الحفاظ على هذا التراث وإعطائه الفرصة ليعيش ويتوارث بين الأجيال. أما السبب الآخر فهو التوثيق والتوعية، إذ يساهم الفيلم في توثيق هذه العادات والتقاليد للأجيال الحالية والمستقبلية، ويساهم في نشر الوعي حولها وإثراء المعرفة حول تاريخ الصحراء المغربية وتراثها.
وتضيف حول أسباب إنجازها لفيلمها أنها تسعى إلى “التعريف بالدور المهم والفعّال للنساء في الصحراء. فهذا الوثائقي يخصص اهتماما خاصا بالنساء اللواتي أبدعن في نسج بيوت الشَّعر أو ما يعرف بالخيمة السوداء. يمكن أن يكون هذا توجيها لتسليط الضوء على دور المرأة في المجتمع والحفاظ على تراثها الفني والثقافي. كما أحاول تسليط الضوء على كيفية تغيير استخدام بيوت الشَّعر مع مرور الزمن، حيث يتم استخدامها اليوم في سياقات مختلفة مثل السياحة والثقافة والمهرجانات كتأثيث لا أكثر رغم أن أهميتها أكبر بكثير”.
سرد قصة جيل
فكرة فيلم “بيت الشعر” تعكس الجهد المستمر للحفاظ على التراث والثقافة المحلية وإشراك الجمهور في استكشافها
تعكس فكرة فيلم “بيت الشَّعر” الجهد المستمر للحفاظ على التراث والثقافة المحلية وإشراك الجمهور في استكشافها وفهمها من خلال وسيلة سينمائية ممتعة ومثيرة.
تقول مليكة ماء العينين “في الحقيقة، ليست لدي تفضيلات شخصية أو قصة محددة لأرغب في سردها من خلال هذين الفيلمين. ولكن أردت سرد قصة جيل من الصحراويين الذين عاشوا مع بيت الشعر على مر الأجيال، بالتركيز على كيفية تأثير هذا العنصر التقليدي على حياتهم اليومية وتحولاتها عبر الزمن. يمكن أن تكون هذه القصة قصة عائلية تمتد لعدة أجيال، مما يسمح بمشاهدة التطورات في استخدام الفيلم وأهميته في مختلف الفترات”.
وتلفت إلى أنه يمكن أن تكون قصة هذا البيت في حد ذاته تُروى من قبل نساء الصحراء اللواتي أبدعن في نسجه من شعر المعز ووبر الإبل. قصة سنكتشف من خلالها كيف تعاون هؤلاء النسوة معا على مر السنين للحفاظ على هذا الموروث والصعوبات والتحديات التي واجهنها وكيف تمكن من الاستمرار في الاعتزاز بإرثهن الثقافي رغم كل الصعوبات والتغيرات في الحياة. بشكل عام، يمكن للفيلمين أن يكونا منصة لسرد قصص إنسانية وتراثية تبرز أهمية الثقافة والتقاليد في حياة أهل الصحراء وكيف يمكن أن تتطور وتتكيف مع التغيرات الزمنية دون أن تفقد جاذبيتها وقيمتها.
وتحدثنا المخرجة عن تجربتها في التصوير وجمع المواد لهذين الفيلمين قائلة “كانت تجربة التصوير وجمع المواد رائعة ومثيرة بالنسبة إلي ولكل فريق العمل. قضينا وقتا مع هؤلاء النساء الرائعات وسمعنا قصصهن وتعرفنا على تقنياتهن في نسج وغزل الشَّعر لتحويله إلى خيوط، والتي يطلق عليها خيوط النيرة في الثقافة الحسانية. أيضا كانت لي فرصة لزيارة العديد من الأقاليم الجنوبية للمغرب لتوثيق معلومات دقيقة عن الخيام التقليدية بجميع أنواعها والتي لم تكن لدي أدنى فكرة عنها رغم أنني ابنة الصحراء”.
اعتمدت تجربة ماء العينين في التصوير وجمع المواد، كما تقول، على عدة خطوات منها: التبحر في الثقافة والتاريخ والأولويات لسكان الصحراء، مضيفة “بدأت بفهم عميق للثقافة الصحراوية المغربية وتاريخها، بما في ذلك العلاقة بين أهل الصحراء واهتمامهم برعاية الماعز والإبل وبيوت الشَّعر أو الخيمة السوداء مهما كانت قساوة الظروف المعيشية والمناخية. هذا الاستعداد الأساسي ساعدني في تحديد المواضيع والقصص التي أردت تسليط الضوء عليها. كما قمت بإجراء مقابلات مع نساء ورجال من الذين يمتلكون خبرة ومعرفة حول صناعة الخيام بصفة عامة وبيوت الشَّعر وتاريخها بصفة خاصة”.
التقاليد الصحراوية المغربية العريقة عنصر أساسي في توجيه عملية إنتاج فيلم “بيت الشعر” في نسختيه الوثائقية والروائية
وتذكر أن هذه المقابلات سمحت لها بجمع معلومات ثمينة وشهادات شخصية. كما تشدد على أهمية البحث وجمع الصور والأرشيف، حيث قامت بالبحث عن صور ومواد أرشيفية تعكس تاريخ وثقافة الخيام عبر الأزمنة وعلاقة النساء بها.
وتتابع “قمت كذلك بتنظيم رحلات ميدانية إلى مناطق عدة جنوب المغرب وبالتحديد الصحراء لتصوير المشاهد الجميلة وللالتقاء بالناس والتفاعل معهم. هذا ساهم في جلب عمق وحيوية للفيلم. كما قمت بعمليات التصوير وتحرير المشاهد بعناية، مع الاهتمام بتصوير كل مراحل صناعة الخيام والتي طبعا تنسج من شعر المعز بالتركيز على العلاقة الوطيدة التي تجمع النساء بخيوط النيرة وجميع التفاصيل المهمة لتلك القصة. واستخدمت التقنيات المناسبة للمونتاج والإخراج الصوتي لجعل الفيلمين أكثر جاذبية وإيقاعا. فاخترت موسيقى تناسب الأجواء والمشاهد، فكانت عبارة عن أهازيج تنشد أثناء صناعة الخيمة من طرف النساء أنفسهن دون إضافات خارجية”.
تقول “بالنسبة إلى العناصر الثقافية الصحراوية التي أركز عليها في الأفلام باعتباري ابنة الثقافة الحسانية الصحراوية، يكون تركيزي على عدة عناصر ثقافية مهمة تعكس الغنى والتنوع الثقافي لهذه المنطقة، وهذه بعض العناصر المهمة التي أجد نفسي أدرجها ضمن أفلامي، بداية بالعادات والتقاليد حيث توثيق العادات والتقاليد الاجتماعية والدينية في الصحراء، مثل الزفاف والاحتفالات لمختلف المناسبات العائلية أو القبلية وكذلك المناسبات الدينية. والموسيقى والرقص حيث تسلطت الضوء على التراث الموسيقي والرقص في الثقافة الصحراوية، وكيف يتم استخدامهما في المناسبات المختلفة”.
تشير ماء العينين إلى أن صناعة الخيام والجلد والفضة والخشب أهم الصناعات لما لها من دلالة ثقافية خاصة بأهل الصحراء. وتشدد على أهمية ثقافة الطعام والشراب واللغة والقصص الشفوية، وذلك لدورها الكبير في نقل التراث والثقافة من جيل إلى جيل، شأنها شأن الشعر والأدب الشفوي. وتوضح أن كل هذه العناصر تساعدهم كمخرجين وكتاب سيناريو في إبراز الجوانب الأساسية للثقافة الحسانية الصحراوية الغنية من خلال الأفلام.
الاحتفاء بالتراث والثقافة
تلفت المخرجة إلى أنه كانت هناك تحديات أثناء التصوير في المناطق الصحراوية، من قبيل التقلبات الجوية في الصحراء ودرجات الحرارة شديدة الارتفاع نهارا وانخفاضها ليلا، وما زاد من صعوبة هذه التحديات أن بعض أماكن التصوير كانت نائية وبعيدة عن المرافق الحضرية، مما جعلهم يقومون بتنظيم عمليات النقل وتأمين المواد الضرورية حتى تمر مرحلة التصوير في ظروف جيدة لكل فريق العمل الذي نصف طاقمه غير معتاد على العيش في درجات حرارة مرتفعة.
وتضيف “أصعب تحد كان دائما يواجهنا في كل مرحلة من مراحل تصوير هذا الوثائقي هو صعوبة إقناع سكان الصحراء بالتصوير والمشاركة في عمل سينمائي، حتى وإن كان وثائقيا. فكان من الضروري تنبيه كل فريق العمل إلى ضرورة التفاعل مع المجتمع المحلي وفهم ثقافته وتقاليده، لأن تقدير واحترام التقاليد المحلية يمكن أن يسهما في تسهيل عملية التصوير ونجاحها وإنجازها في الوقت المحدد لها”.
وفي حديثها عن فيلم “بيت الشَّعر” تقول “أثناء إنتاجه كمخرجة، لاحظت أن هناك العديد من القصص والشخصيات التي لفتت انتباهي بشكل خاص بداية من نساء الصحراء البارعات، إذ تناولت قصص النساء اللواتي أبدعن في نسج بيوت الشَّعر وحافظن على هذا الفن التقليدي عبر الأجيال، وكانت مؤثرة للغاية. فرغم قسوة الظروف إلا أنهن يعتبرن ذلك عشقا لا يمكن التخلي عنه. فاستماعي إلى قصصهن الشخصية بكل عفوية، خصوصا قصة أم لخوت ورؤية مهارتها في الغزل وترديد الأهازيج الخاصة بصناعة خيمة الشَّعر وكذلك مهارات باقي النسوة في العمل اليدوي، كانت تجربة مميزة لا يمكن نسيانها”.
وتتابع “كما لفت انتباهي التفاعل والعلاقة العميقة بين بيت الشَّعر وسكان الصحراء إلى يومنا هذا بشكل مثير. فكانت الاستفادة من الروايات التي تحكى من مختلف الشخصيات عبارة عن تجربة تأملية تقودنا إلى أزمنة مختلفة في كل مراحل التصوير ومن منطقة إلى أخرى. فكانت لحرية السرد من كل شخصية الأساس في اكتشاف قصص أعمق وذات أبعاد إنسانية جعلت من بيت الشَّعر رمزا لصحراء أنجبت كل ما نراه اليوم من تاريخ وثقافة”.
في كل مهرجان يعرض “بيت الشعر” ضمن فعالياته يتم استكشاف جانب من جوانب التراث الأفريقي المغربي الصحراوي
وتقول “إن بيت الشَّعر يعكس هذه القصص والشخصيات بشكل حقيقي وعفوي. فاستطاع نقل رسالة معينة وإلهام الجمهور بتلك القصص العفوية والحقيقية. تأثرت بشكل كبير خلال عملية إنتاجه بالعادات والتقاليد الصحراوية. فأثرت على تجربتي الشخصية من خلال إلهامي بتوجيه الروح الإبداعية خلال إنتاج الفيلم ودفعتني إلى البحث عن طرق مبتكرة لتصوير العلاقة العميقة بين أهل الصحراء وبيت الشَّعر. وكذلك تقديري للتراث والثقافة الصحراوية، مما دفعني إلى احترام القصص والشخصيات المقدمة في الفيلم بشكل خاص. وهو ما ساعد في العمل مع الممثلين والمشاركين بشكل طبيعي وعفوي لاستخراج حكاياتهم وتجاربهم”.
وتذكر أنه بشكل عام، كانت العادات والتقاليد الصحراوية عنصرا أساسيا في توجيه عملية الإنتاج وإضافة أبعاد ثقافية وتاريخية عميقة إلى الفيلم. ساعدتني هذه العناصر في إبراز القصة بشكل ملهم وجعلت التجربة أكثر إثراء وإشباعا من الناحية الشخصية.
وتقول المخرجة “هناك عدة رسائل أرغب في إيصالها من خلال فيلمي بيت الشَّعر. أهمها الاحتفاء بالتراث والثقافة الصحراوية المغربية، وهي إحدى الرسائل الرئيسية في الفيلم. فنحن نسعى لإظهار كيف يمكن للعناصر التقليدية مثل بيت الشَّعر أن تظل جزءا حيويا من الحاضر وتسهم في تعزيز الهوية الثقافية في المستقبل. الرسالة الثانية هي تقدير الجهود الكبيرة التي بذلتها النساء عبر العصور والتأكيد على قوتهن وإبداعهن في صناعة بيوت الشَّعر إلى يومنا هذا، من شَّعر المعز والمحافظة على هذه الصناعة التقليدية رغم كل الظروف. كما أن الفيلم يعكس قصة صمود بيوت الشَّعر وقدرتها على التكيف مع التغيرات الزمنية. هذه الرسالة تعزز قيمة الصمود والمرونة في وجه التحديات”.
ويهدف الفيلم، وفق مخرجته، إلى إلهام الجمهور بقصة العشق الأزلي بين النسوة وخيوط النيرة وإلى تعزيز الفهم والاحترام المتبادل للتراث الثقافي والتقاليد.
الانفتاح على الثقافات
تنوه المخرجة مليكة ماء العينين بمشاركتها في المهرجنات العالمية، قائلة “لقد قدمت أفلامي في عدة مهرجانات سينمائية مهمة داخل المغرب وخارجه خلال الفترة الأخيرة، وأخص بالذكر فيلم ‘بيت الشَّعر’، ومن أهم المهرجانات التي شارك ضمن المسابقات الرسمية للأفلام الوثائقية: مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية (الدورة 12 – فبراير 2023)، مهرجان العودة السينمائي الدولي بفلسطين (الدورة 7 – 2023)، مهرجان الفيلم الوثائقي المتوسطي بتونس (مايو 2023)، مهرجان الثقافة الحسانية بالعيون، المغرب، مهرجان البحرين السينمائي (الدورة الثالثة – 2023)”.
وتضيف “في كل مهرجان من هذه المهرجانات التي تم عرض ‘بيت الشَّعر’ ضمن مسابقاتها الرسمية وبشهادة المتدخلين يتم استكشاف جانب من جوانب التراث الأفريقي المغربي الصحراوي. فكان استقبال الفيلم بإعجاب كبير من قبل الجمهور والنقاد، كما حظي باهتمام من وسائل الإعلام. لقد كانت هذه المهرجانات مناسبات مهمة لعرض أفلامي والتفاعل مع الجمهور والمختصين في مجال السينما، مما ساهم في تعزيز رؤيتي السينمائية وإبراز أعمالي على الساحة الدولية بصفة عامة والعربية بصفة خاصة”.
وتتابع ماء العينين “كما شاركت بأفلام وثائقية قصيرة وطويلة في مهرجانات دولية وعربية من قبيل الفيلم القصير ‘امشقب’ الذي شارك في مهرجان THE BLACK بواشنطن 2017 وضمن مهرجان GARDE VISA ببراتيسلافا 2019. هذا الفيلم الذي يعتبر أول فيلم وثائقي قصير لي والذي يعود الفضل إلى المخرج القدير حكيم بلعباس والناقد السينمائي الدكتور حمادي كيروم والمنتج دان سميث من الولايات المتحدة الأميركية ضمن مختبر الصحراء. هذه التجربة السينمائية التي تخرج منها العديد من المخرجين والمنتجين وكتاب السيناريو من أبناء الأقاليم الجنوبية للمملكة”.
من هناك بدأت انطلاقتها السينمائية، كما تقول، فتوالت الأعمال كمخرجة ومنتجة وكاتبة سيناريو فاشتغلت على أفلام طويلة من قبيل “زهو الدنيا فشكاها” الذي حصل على جائزة أحسن موسيقى بمهرجان العيون لثقافة الحسانية والمجال الصحراوي في دورته الرابعة، وفيلم “سنابك الخيل” الذي شارك ضمن المسابقات الرسمية للأفلام الوثائقية بمهرجان التراث في نسخته الثانية بالشارقة ومهرجان طنجة للفيلم الوطني في دورته الـ21 ضمن المسابقة الرسمية للأفلام الوثائقية. والفيلم القصير “المنسج” بمهرجان الفيلم العربي لتراث بخورفكان بالشارقة.
تقول المخرجة “إن مشاركتي في المهرجانات السينمائية الدولية لها تأثير كبير على مسار مهنتي بصفتي مخرجة حيث منحتني الفرصة لعرض أعمالي أمام جمهور دولي متنوع، وهذا يعني أن أفكاري وأعمالي تصل إلى مشاهدين من مختلف الثقافات والأذواق، مما يساهم في توسيع دائرة الاستفادة من إبداعاتي. وكذلك خولت لي تعزيز الشبكات الاحترافية لدي، فالمهرجانات تجمع بين صناع السينما من جميع أنحاء العالم، مما يفتح الباب أمامي لتوسيع شبكاتي الاحترافية من خلال تبادل الأفكار والخبرات مع مخرجين ومنتجين وممثلين آخرين يمكن أن يساهموا في النمو المهني والتعاون في المستقبل”.
وتتابع “الفوز أو حتى المشاركة في مهرجان دولي يعكس قيمة العمل الذي أقدمه كمخرجة، وهذا التقدير يعزز من ثقتي في نفسي ويشجعني على العمل بجد أكثر لتحقيق النجاح في المشاريع القادمة. كما أن المهرجانات توفر الفرصة للجمهور والنقاد لمشاهدة أعمالي وتقديم تعليقات مفيدة وانتقادات بناءة، وهذا يساعدني على تطوير مهاراتي وتحسين أسلوبي السينمائي. ويمكنني القول إن مشاركتي في المهرجانات الدولية لها تأثير كبير على تطور مهنتي كمخرجة، حيث تمنحني فرصا للنمو والتعلم والتواصل مع العالم السينمائي العالمي”.
فيلم “بيت الشَّعر” أو “سر الخيمة السوداء” يعرضان تاريخ وأهمية خيام بيت الشَّعر في ثقافة الصحراء بشكل وثائقي وروائي. يبدأ الفيلمان بتقديم تاريخ هذه الخيام وكيف نشأت في بيئة الصحراء وأصبحت جزءا مهما من حياة أهلها. كما يسلط العملان الضوء على الأهمية الاجتماعية والثقافية لبيت الشَّعر، حيث كانت تعتبر مكانا للاجتماع وتبادل القصص والثقافة بين أفراد المجتمع الصحراوي. من خلال مقابلات مع نساء ورجال شغفوا بصنع خيام بيت الشَّعر وتعلموا فيها، يمكن للجمهور فهم القصص الشخصية وكيف أثرت هذه الخيام على حياتهم وثقافتهم. ويشجع الفيلمان على النقاش والتفكير في معاني بيت الشَّعر وتأثيره على الثقافة الصحراوية والعالم بشكل عام. إنهما فرصة لاستكشاف وفهم عميق لهذه الثقافة الفريدة وهذا الموروث العريق.
وتشاركنا المخرجة وكاتبة السيناريو مليكة ماء العينين خططها المستقبلية بالنسبة لأفلامها القادمة قائلة “سأواصل استكشاف الثقافات والتقاليد الإقليمية في أفلامي القادمة. لدي العديد من الخطط المستقبلية التي تشمل استكشاف ثقافات جديدة لأنني مهتمة بالمزيد من رحلات الاستكشاف إلى مناطق وثقافات جديدة، وسأسعى لتسليط الضوء على قصص وعادات وتقاليد مجتمعات مختلفة. والتركيز على قضايا اجتماعية بحيث سأعمل على إدراج قضايا اجتماعية هامة في أعمالي السينمائية، مثل المساواة والتنوع والبيئة والهجرة والعدالة الاجتماعية”.
وتضيف “كما بدأت فعليا في العمل على تعزيز التعاون مع صناع السينما والفنانين من جميع أنحاء العالم من أجل إثراء أعمالي وتوسيع دائرة الجمهور المستهدف. وسأسعى إلى تقديم أعمال سينمائية تجمع بين الفن والثقافة والمواضيع الاجتماعية بطريقة تثري تجربة الجمهور وتسهم في نقل رسائل هامة وملهمة وطنيا ودوليا”.