ملف الهجرة غير النظامية محور مباحثات بين تونس وموريتانيا وكينيا

الحشاني وولد الغزواني يدرسان كيفية ايجاد الحلول لظاهرة الهجرة غير النظامية عبر مقاربة قارية شاملة تحت مظلة الاتحاد الأفريقي.
الأربعاء 2024/06/05
مباحثات لتعزيز التعاون في كافة المجلات

تونس – بحثت تونس مع موريتانيا وكينيا الثلاثاء قضايا الهجرة غير النظامية وتعزيز التعاون المشترك في مختلف المجالات، في وقت تشهد البلاد تدفقا كبيرا لمهاجرين أفارقة من جنوب الصحراء وسط غياب الحلول الحكومية لإنهاء هذه الأزمة التي باتت تثير المخاوف بشأن توطينهم رغم نفي الرئيس قيس سعيد ذلك في أكثر من مناسبة .

وتأتي المباحثات خلال لقاءين منفصلين أجراهما رئيس الحكومة التونسية أحمد الحشاني مع الرئيسين الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، والكيني ويليام روتو، على هامش افتتاح القمة الأولى الكورية الإفريقية في سيؤول، وفق بيانين منفصلين لرئاسة الحكومة التونسية.

وقالت رئاسة الحكومة التونسية إن لقاء الحشاني والغزواني (رئيس الاتحاد الأفريقي) "مثل مناسبة متجددة للإشادة بعراقة ومتانة علاقات الأخوة بين البلدين، وتأكيد حرصهما على تطوير التعاون بين البلدين الشقيقين".

وأضافت أن "الطرفين بحثا كيفية ايجاد الحلول لظاهرة الهجرة غير النظامية، عبر مقاربة قارية شاملة تحت مظلة الاتحاد الأفريقي ".

وتعتبر موريتانيا معبرا رئيسيا للمهاجرين الأفارقة، إذ تحولت مدينة نواذيبو (أقصى الغرب) خلال السنوات الأخيرة إلى وجهة مفضلة للراغبين في العبور إلى أوروبا والولايات المتحدة.

بينما تشهد تونس تصاعدا لافتا بوتيرة الهجرة غير النظامية إلى أوروبا، خصوصا باتجاه سواحل إيطاليا، على وقع تداعيات الأزمات الاقتصادية والسياسية في البلد ودول أفريقية أخرى، لا سيما جنوب الصحراء.

ومؤخراً كثفت إيطاليا والاتحاد الأوروبي تنسيقهما مع تونس لكبح التدفقات من سواحلها، مقابل حوافز مالية واقتصادية، لكن أعدادا كبيرة من المهاجرين انتشرت وسط الحقول والغابات وفي عدة أحياء سكنية بمعتمدية العامرة التابعة لولاية صفاقس (شرق)، ما تسبب في توترات مع السكان المحليين.

وشهدت منطقة العامرة مؤخرا اشتباكات بين المهاجرين غير الشرعيين وقوات الأمن وسط مخاوف من توطنيهم، رغم تأكيد الرئيس قيس سعيد أنه لا مجال لانتهاك السيادة الوطنية فيما يتعلق بملف الهجرة.

وأفادت وسائل إعلام محلية نقلا عن مصادر أمنية مؤخرا عن تورط بعض المهاجرين الأفارقة في الانتماء إلى تنظيم بوكو حرام، إضافة إلى عصابات الجريمة المنظمة والاتجار بالبشر.

وأعلنت السلطات التونسية في مايو الماضي تسجيل عودة نحو 12 ألف مهاجر غير نظامي من أفارقة جنوب الصحراء إلى بلدانهم في إطار "العودة الطوعية" منذ بداية العام الجاري.

كما أجلت السلطات التونسية مئات المهاجرين الأفارقة من المخيمات التي أقيمت أمام وكالات الأمم المتحدة في تونس، في الثالث من مايو الماضي ثم رحلتهم باتجاه الحدود الجزائرية، وفق منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية التونسي.

وأعلنت المفوضية الأوروبية، في سبتمبر الماضي، تخصيص مساعدات لتونس بقيمة 127 مليون يورو، تندرج ضمن بنود مذكرة تفاهم موقعة بين تونس والاتحاد الأوروبي، جزء منها للحد من توافد المهاجرين غير النظاميين.

كما وقعت موريتانيا في السابع من مارس الماضي اتفاقية مع الاتحاد الأوروبي حول "الهجرة غير الشرعية"، تحصل بموجبها موريتانيا على تمويل تزيد قيمته على 80 مليار أوقية (أكثر من 200 مليون أورو)، مقابل العمل على الحد من موجات الهجرة المتدفقة من إفريقيا باتجاه أوروبا.

وفي بيان ثان، قالت رئاسة الحكومة التونسية إن "الحشاني أكد خلال لقائه روتو استعداد تونس لمزيد تطوير علاقات التعاون مع كينيا في مختلف المجلات على غرار التعليم العالي، والصحة والرقمنة".

وأوضح أن "انعقاد أول لجنة مشتركة كبرى بين البلدين مستقبلا سيكون فرصة لتعزير التعاون الثنائي بين البلدين، وخلق ديناميكية اقتصادية مستدامة".

من جانبه، عبر الرئيس الكيني عن تطلعه للارتقاء بمستوى التعاون مع تونس في شتى المجالات، مؤكّدا على المضي قدما في إطار المعاملة بالمثل في فتح سفارة كينيا بتونس، مثلما فتحت تونس سفارتها في كينيا، وذلك منذ 2017، كما شدّد على مزيد التشاور والتنسيق بين البلدين في إطار الاتحاد الأفريقي لمعالجة القضايا المشتركة، على غرار سبل مكافحة التغير المناخي.

وتراهن تونس على إعطاء شراكاتها مع قارة أفريقيا جرعة تحفيز جديدة لإنعاش اقتصادها المتعثر ومعالجة مشاكل الاستثمار، التي تواجه المشاريع في فترة يتسم فيها الاقتصاد العالمي بالكثير من التقلبات بفعل انعكاسات التوترات السياسية والتغيرات المناخية.

وانخرطت تونس إلى جانب كينيا و6 دول أخرى وهي مصر وغانا ورواندا وتنزانيا والكاميرون وجزر الموريس، في مبادرة التجارة الموجهة، لتفعيل المنطقة القارية الأفريقية للتبادل الحر (زليكاف)، بهدف تيسير المبادلات التجارية عبر اختيار مؤسسات ومنتوجات لتصديرها وتوريدها بين الدول الأعضاء.

وفي نوفمبر الماضي، شهد منتدى الأعمال التونسي- الكيني الثالث الذي احضنته العاصمة الكينية نيروبي توقيع عدد من العقود التجاريّة إثر لقاءات الأعمال التي انتظمت في إطار هذه التظاهرة.

كما وقعت تونس وكينيا في أكتوبر 2019 على ثلاث مذكرات تفاهم شملت مجالات المشاورات السياسية والتكوين المهنى والتشغيل والصحة.

وبلغ حجم المبادلات التجاريّة الثنائية بين تونس وكينيا سنة 2022، 82 مليون دينار، وفق ما نشره مركز النهوض بالصادرات.

وقدرت الصّادرات التونسية إلى كينيا، خلال الأشهر التسعة الأولى من سنة 2023، بقيمة 40 مليون دينار. وتشمل هذه الصادرات، بالخصوص، المنتجات الصحيّة وزيت الزيتون. كما تقدّر الفرص التصديرية غير المستغلّة نحو هذا البلد الإفريقي بـ 22 مليون دولار.

والاثنين قالت حكومة تونس في بيان إن الحشاني يترأس الوفد التونسي المشارك في أول قمة كورية-إفريقية، والتي تنعقد تحت شعار "المستقبل الذى نصنعه معًا: النمو المشترك والاستدامة والتضامن"، وتحتضنها العاصمة الكورية سيول.