ملف المياه يتصدر مباحثات الرئيسين العراقي والإيراني في طهران

طهران – تصدرت ملفات أمنية واقتصادية أبرزها حصة العراق المائية مباحثات الرئيس العراقي عبداللطيف جمال رشيد ونظيره الإيراني إبراهيم رئيسي اليوم السبت، في طهران، خصوصا أن معظم الروافد التي تصب في شط العرب ودجلة تأتي من إيران التي تولت تحويل مجرى المياه في مخالفة صريحة للمواثيق الدولية.
وقال الرئيس العراقي خلال مؤتمر صحافي مشترك عقده مع نظيره الإيراني إن "العراق وإيران تربطها علاقات مشتركة وهي علاقات ثابتة ومتماسكة وغير قابلة للتغير ".
ودعا إلى "حل المشاكل بين البلدين ومراعاة حصة العراق المائية وتبادل المعلومات بين مؤسسات البلدين لتحسين الخدمات العامة".
ويواجه العراق الذي نشأت حضارته على ضفتي دجلة والفرات مصيرا كارثيا جراء شح المياه التي تراجعت كمياتها إلى مستوى ينذر باحتمال فقدان مياه الشرب، في ضوء انخفاض المخزون المائي الاستراتيجي إلى 7.5 مليارات متر مكعب للمرة الأولى بتاريخ البلاد، وفق ما أفادت به وزارة الموارد المائية الشهر الماضي.
ووصل المخزون المائي في العراق إلى مراحل وصفها المتحدث باسم وزارة الموارد المائية خالد شمال -في تصريحات صحافية- "بالحرجة جدا"، حيث لا تستطيع الوزارة ضخ مياه كبيرة للأنهار، بسبب فقدان العراق 70 بالمئة من استحقاقاته المائية القادمة إليه من دول الجوار.
وتراجعت الإطلاقات المائية القادمة من إيران نحو العراق إلى ما دون نسبها في فترات الجفاف، بعد أن قامت إيران بتحويل مسار الكثير من الأنهر منها الزاب الأسفل.
وحفرت إيران ثلاثة أنفاق لتحويل مجرى نهر سيروان إلى بحيرة داخلية، أحدها يقع على بعد عشرين كيلومتراً فقط من الحدود العراقية.
وأصبح واضحا أن قطع إيران لمياه الأنهار عن العراق يتم وفق خطة حكومية بدأت منذ عام 2003، حيث أقدمت السلطات الإيرانية على قطع المياه عن أكثر من 42 رافدا وجدولا موسميا كانت تغذي الأنهار والأهوار في العراق، أهمها أنهار الكرخة والكارون والطيب والوند والزاب الصغير وسيروان، وآخرها نهر هوشياري الذي يغذي محافظة السليمانية.
ووصف الرئيس الإيراني خلال مؤتمر صحافي مع نظيره العراقي مباحثاتهما بأنها "إيجابية للغاية"، مشيراً إلى أنهما اتفقا على "مواضيع كثيرة".
وأضاف رئيسي أن العلاقات بين البلدين "استراتيجية"، لافتاً إلى أنها تطورت بشكل جيد في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية، مؤكداً وجود إرادة لدى البلدين لتطوير علاقتهما.
وتابع رئيسي أن بلاده تولي "أهمية كبيرة لأمن البلدين، وزعزعة أمن العراق تعني زعزعة أمن إيران بالنسبة لنا"، مضيفاً أن الحوارات بين دول المنطقة تؤدي إلى تحسين الأمن والاستقرار.
وصوّب الرئيس الإيراني على الوجود الأميركي في العراق والمنطقة قائلاً إن "الوجود الأميركي في المنطقة يضر بأمنها واستقرارها، والأميركيون لا يريدون مصلحة شعوب المنطقة، ولا سيما الشعب العراقي".
وأكّد تطبيق المذكرة الأمنية بين البلدين قائلا إن أمن العراق والحدود "يهمنا كثيراً"، موضحا أن "التعاون الجيد مع العراق سيؤدي إلى تعاون دولي" بين البلدين.
ورد الرئيس الإيراني على نقطتين أشار إليهما نظيره العراقي حول مكافحة المخدرات والمياه، مؤكدا أن "إيران في الخط الأمامي لمكافحة المخدرات وقدمت شهداء على هذا الطريق، داعياً الأمم المتحدة ودول المنطقة إلى التعاون المشترك في مكافحة الإرهاب."
وقال رئيسي إن "إيران تؤكد ضرورة احترام حصة إيران من المياه وحصة دول المنطقة"، مضيفا "نؤكد ضرورة استفادة إيران من أروند رود (شط العرب)، ونؤكد أن حصة العراق أيضا محفوظة، وعلى البلدين احترام حصص بعضهما البعض حسب الاتفاقيات".
وتابع أنه من المقرر أن تجرى مفاوضات فنية بين وزيري الطاقة في البلدين بهذا الخصوص.
وفيما يخص الأمن والاستقرار في المنطقة قال الرئيس العراقي "يسرني أن أُهنئ بتطور وتحسن العلاقات بين إيران والسعودية آملين أن تسهم هذه الخطوة على تثبيت الأمن والاستقرار في المنطقة بشكل يخدم شعبينا وبلدينا وشعوب المنطقة كافة".
وكانت بغداد لعبت دورا محوريا في التهدئة بين إيران والسعودية، حيث رعت عددا من الجولات الحوارية بينهما منذ العام الماضي، قبل أن تشكل المحادثات التي جرت في بكين في العاشر من مارس الماضي نقطة تحول رئيسية، حيث اتفق الخصمان الإقليميان على استئناف علاقاتهما الدبلوماسية وإعادة فتح سفارتيهما وممثلياتهما في غضون شهرين، بعد مباحثات برعاية الصين.
وأورد موقع الرئاسة الإيرانية أن رئيس الجمهورية العراقي ونظيره الإيراني عقدا جلسة مباحثات ثنائية، تناولت العلاقات بين البلدين الجارين وسبل تعزيزها وتطوير التعاون المشترك في مجالات الطاقة والموارد المائية والبيئة والمناخ والسياحة، وبما يخدم المصالح المتبادلة، وجرى التأكيد على أهمية التنسيق والتعاون بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك وبما يرسخ الأمن والاستقرار في المنطقة بصورة عامة.
وكان الرئيس العراقي الذي وصل اليوم السبت إلى طهران، قد عقد لقاء مع نظيره الإيراني، عقب استقباله في مجموعة قصور سعد آباد في طهران.
وأفادت وكالة "إرنا" الإيرانية الحكومية بأن وفداً رفيع المستوى يرافق رشيد خلال هذه الزيارة التي تستمر يوماً واحداً، يجري خلالها مباحثات مع رئيسي ومسؤولين إيرانيين آخرين.
واستقبل وزير الاقتصاد الإيراني إحسان خاندوزي في مطار مهرآباد في طهران.
وكان الرئيس الإيراني قد وجّه، خلال الشهر الماضي، دعوة رسمية لنظيره العراقي لزيارة طهران، سلّمه إياها السفير الإيراني في العراق محمد كاظم آل صادق. وحينها، أكد رشيد أنه سيلبي الدعوة في أقرب وقت ممكن.
ووفقاً لبيان لرئاسة الجمهورية العراقية، فإن "الرئيس غادر البلاد، صباح اليوم السبت، متوجهاً إلى إيران في زيارة رسمية على رأس وفد رفيع المستوى"، مبيناً أن "الزيارة تأتي تلبيةً لدعوة رسمية من الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي"، فيما لم تكشف عن جدول أعمال الزيارة والملفات المدرجة على جدول أعمالها.
وأضاف البيان أن "هذه الزيارة تأتي تلبية لدعوة رسمية من الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي".
وأكد رشيد حينها أن العراق وإيران بلدان جاران وتربطهما علاقات تاريخية وأواصر مشتركة، حيث بإمكانهما أن يسهما في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، وتشجيع الركون إلى الحوار والتهدئة لحل الإشكاليات في القضايا الإقليمية والدولية، معتبراً أن ترسيخ الأمن يتطلب تعاون جميع دول المنطقة.
وأجرى السفير الإيراني في بغداد محمد كاظم آل صادق، في مارس/ آذار الفائت، لقاءين متتابعين مع رئيسي الجمهورية والوزراء العراقيين، وأثنى على جهود بغداد للتقريب بين بلاده والمملكة العربية السعودية.
وتؤكد تصريحات الجانبين (العراقي والإيراني) حرصهما على زيادة التنسيق والتعاون المشترك، وتبادل وجهات النظر في القضايا التي تهمهما، ومنها القضايا الأمنية في العراق وفي المنطقة عموماً.
ويجري المسؤولون العراقيون والإيرانيون زيارات متبادلة لبحث عدد من الملفات المشتركة أمنياً وسياسياً واقتصادياً، وكان الجانبان قد وقّعا، في الـ20 من مارس الماضي، محضر تعاون وتنسيق أمني مشترك، على هامش زيارة أجراها أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني إلى بغداد على رأس وفد حكومي إيراني، بحث فيها جملة من الملفات المشتركة بين البلدين.