ملف الصحافيين الإيرانيين المعتقلين يعود إلى الواجهة مجددا

الاتحاد الدولي يطالب بالإفراج غير المشروط عن الصحافيين الذين اعتقلوا أثناء تغطيتهم مظاهرات عيد العمال أمام البرلمان الإيراني.
الجمعة 2019/05/24
تجسيد لمعاناة الصحافيين

أعاد الاتحاد الدولي للصحافيين التذكير بمأساة الصحافيين المعتقلين داخل السجون الإيرانية بسبب ممارستهم لعملهم، وأدان موقف السلطات القمعي تجاه الصحافيين في يوم العمال.

 بروكسل - طالب الاتحاد الدولي للصحافيين السلطات الإيرانية، بالإفراج غير المشروط عن الصحافيين الذين اعتقلوا مطلع مايو الجاري، أثناء تغطيتهم مظاهرات عيد العمال أمام البرلمان الإيراني.

وتم اعتقال الصحافيين مع أكثر من 35 شخصا آخر، في يوم العمال حيث نظم المتظاهرون مسيرة من أجل المطالبة بحق إنشاء منظمات عمالية مستقلة، من بين مطالب أخرى. بحسب ما ذكر الاتحاد الذي يتخذ من بروكسل مقرا في بيان له الأربعاء.

وأضاف في البيان أنه تم اعتقال كيفان صميمي، رئيس تحرير مجلة “إيران فاردا”، أثناء مشاركته في المظاهرة السلمية أمام البرلمان الإيراني في طهران. وكان صميمي قد قضى عقوبة بالسجن لمدة ست سنوات من عام 2009 إلى عام 2015 بعد احتجاجات انتخابات 2009.

واعتقلت السلطات الإيرانية صميمي في 12 مايو خلال مداهمة مكتبه، حيث فتشت الوثائق وصادرت الأجهزة الإلكترونية، وفق ما أكدت الناشطة تاجي رحماني.

كما تم القبض على مرضية أميري، مراسلة بجريدة “شرق”، في اليوم التالي أثناء محاولتها الحصول على بعض الأخبار عن المعتقلين في يوم العمال، وهي محتجزة في سجن إيفين، وقد مُنعت من مقابلة محاميها.

ويحتجز أيضا 4 صحافيين آخرين حاليًا في إيران، وهم آفرين تشيت ساز، وهنغامه شهيدي وكيومارس مرزبان وبويا خوشال.

ودان الأمين العام للاتحاد الدولي للصحافيين، أنتوني بيلانجر، ما وصفه بـ”موقف السلطات القمعي تجاه الصحافيين في يوم العمال”. وقال إن الصحافيين كيفان صميمي ومرضية أميري، يتم احتجازهما بشكل تعسفي منذ ثلاثة أسابيع، فقط لأنهما دافعا عن الحق الأساسي في التعبير، كل بطريقته”.

وأضاف، “يجب إطلاق سراحهما فورًا، بالإضافة إلى الصحافيين الأربعة الآخرين الموجودين خلف القضبان”.

وجاءت إيران في ذيل الترتيب العالمي لحرية الصحافة الصادر حديثا عن منظمة مراسلون بلا حدود، حيث صنفت طهران ضمن أكثر الحكومات قمعا للصحافيين والمراسلين الأجانب على أراضيها، وحلت في المرتبة 170 من أصل 180 دولة حول العالم في 2019 بعد أن تراجعت بنحو 6 مراكز مقارنة بالعام الماضي الذي احتلت فيه المرتبة 164.

وشهد عام 2018 موجة اعتقالات واسعة فضلا عن محاكمات قضائية جائرة انتهت في الغالب بإصدار أحكام مغلظة ضد الصحافيين ونشطاء محليين في مجال الإعلام، إلى جانب حظر السلطات الأمنية الوصول بحرية إلى المعلومات الموثقة.

كيفان صميمي ومرضية أميري، يتم احتجازهما بشكل تعسفي، فقط لأنهما دافعا عن الحق الأساسي في التعبير
 

وسجلت “مراسلون بلا حدود” 40 حالة اعتقال على الأقل للصحافيين في إيران في 2018، حيث تفرج السلطات بعد دفع مبالغ باهظة من المال ككفالة عن بعض الصحافيين وبشكل مشروط في انتظار المحاكمة، لكن 13 منهم صدرت بحقهم أحكام تتراوح بين 3 و26 سنة في السجن.

وكشفت المنظمة أن السلطات الإيرانية اعتقلت 860 صحافياً في السنوات الثلاثين التي أعقبت “الثورة” عام 1979. وفقا لوثائق سرية بين عامي 1979 و2009 قام بتسريبها أشخاص تزامناً مع إحياء طهران الذكرى الـ40 لـ”الثورة الإيرانية”.

وتحتوي الملفات على 1.7 مليون سجل تتعلق بإجراءات قضائية، وعلى الرغم من أن اعترافات الأشخاص غير مذكورة، قالت المنظمة إن الباحثين أمضوا أشهراً في جمع أسماء 860 صحافياً أو مواطناً صحافياً تم اعتقالهم أو سجنهم، والتأكد من تلك الأسماء. وقالت إن أربعة منهم على الأقل أعدموا.

وقال كريستوف ديلوار الأمين العام للمنظمة في بيان في فبراير الماضي، إن “وجود هذا الملف وملايين البيانات فيه لا يظهر حجم أكاذيب النظام الإيراني لسنوات عندما كان يقول إن ليس في سجونه أي سجناء سياسيين أو صحافيين فحسب، بل أيضاً المكائد القاسية التي لجأ إليها لأربعين عاماً، في اضطهاد رجال ونساء بسبب آرائهم أو تقاريرهم”.

الصحافيون يتعرضون لانتهاكات ممنهجة وظروف قاسية داخل المعتقلات
الصحافيون يتعرضون لانتهاكات ممنهجة وظروف قاسية داخل المعتقلات

وأضاف أن المعلومات سيتم تقديمها لميشال باشليه المفوضة العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة. ومن الصحافيين البارزين المذكورين في الملف رئيس تحرير مجلة سياسية “فرج” يدعى سركوهي، قالت طهران إنه اختفى أثناء توجهه إلى ألمانيا عام 1996.

وجاء في التقرير أن “النظام عقد مؤتمرا صحافيا في المطار قدم فيه سركوهي وقال إنه عاد للتو من تركمانستان، والحقيقة هي أنه أمضى شهرين في السجن”.

وذكر التقرير أيضا أن المصورة الإيرانية – الكندية زهرة كاظمي ماتت متأثرة بجروح أصيبت بها جراء الضرب الذي تعرضت له في سجن إيفين في طهران عام 2003، بعدما التقطت صوراً لعائلات كانت تنتظر أمام السجن.

ونفت إيران أن تكون قد قتلتها، ولم يكشف تقرير رسمي حول وفاتها أسباب الوفاة. ويقول تقرير المنظمة أيضاً إن أكثر من ستة آلاف شخص اعتقلوا بسبب التظاهر احتجاجاً على إعادة انتخاب الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد عام 2009 واتُّهموا “بممارسة أنشطة ضد الأمن القومي”. وتتجاوز مأساة الصحافيين الإيرانيين البقاء في السجون لسنوات طويلة، إذ يتعرضون لانتهاكات ممنهجة وظروف قاسية داخل المعتقلات.

ووجهت مراسلون بلا حدود رسالة إلى مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، حول ظروف الصحافيين المعتقلين. وطالبت المنظمة، الجهات العليا المسؤولة عن حقوق الإنسان في الأمم المتحدة بإدانة اعتقال وتعذيب العشرات من الصحافيين ومنعهم من تلقي العلاج اللازم. وجاء في الرسالة أن إيران تمارس العنف القاتل وتسيء معاملة الصحافيين والأشخاص الذين يعملون في وسائل الإعلام.

وقالت في ديسمبر الماضي إن “سجن الصحافيين وحرمانهم من الرعاية الطبية أثناء احتجازهم وحرمانهم من الحق في الحصول على محاكمة عادلة يعد انتهاكاً صارخاً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والذي تعتبر إيران طرفًا فيه”. وحثت المنظمة مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان على الضغط على السلطات الإيرانية لاحترام التزاماتها الدولية.

وأشارت إلى أنها تشعر بقلق شديد إزاء صحة الصحافيين والمواطنين المحتجزين دون محاكمة عادلة، وحرمانهم من الرعاية الطبية اللازمة لعلاج الأمراض المقلقة في بعض الأحيان.

وذكرت الرسالة أن صحافيين آخرين وقعوا ضحية الاعتقال التعسفي وانتهاكات النظام القضائي الإيراني، حيث حُكم على هنغامه شهيدي، رئيس تحرير مدونة "بين فيست"، بالسجن لمدة 12 سنة وتسعة أشهر في نهاية محاكمة خلف أبواب مغلقة مطلع ديسمبر 2018.

18