ملتقى المبدعات العربيات بسوسة يرفع شعار "المبدعة العربية والمواطنة"

جلسات علمية وورشات وعروض فنية في الدورة السادسة والعشرين من الملتقى.
الأربعاء 2024/06/05
نقاش لإبداع المرأة ودورها الفاعل

على امتداد دوراته وتعاقبها مثل “ملتقى المبدعات العربيات بسوسة” مساحة هامة لنقاش واقع المرأة المبدعة وتطلعاتها ومساهماتها في المسارات الحضارية في كل قطر عربي، مناقشا عبر جلساته العلمية الكثير من القضايا الثقافية والفنية والفكرية بأعين باحثات ومبدعات من مختلف الأقطار العربية علاوة على انفتاحه على الفنون.

تونس– تنظم جمعية المبدعات العربيات بدعم من المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بمحافظة سوسة الدورة السادسة والعشرين من “ملتقى المبدعات العربيات بسوسة” دورة المرحوم محمد الغزي تحت عنوان “المبدعة العربية والمواطنة”، وذلك من الثالث عشر إلى الخامس عشر من يونيو الجاري.

وينطلق الملتقى يوم الخميس الثالث عشر من يونيو بكلمة الأكاديمية فوز الطرابلسي، رئيسة جمعية المبدعات العربيات والكاتبة والأكاديمية أميرة غنيم، المنسقة العلمية للملتقى، والتي ستقدم الورقة العلمية للتظاهرة.

برنامج الملتقى

أميرة غنيم: عجلة التاريخ انطلقت بالمرأة في اتجاه المواطنة الكاملة
أميرة غنيم: عجلة التاريخ انطلقت بالمرأة في اتجاه المواطنة الكاملة

تكون الجلسة العلمية الأولى برئاسة الكاتبة مسعودة بوبكر وتشهد مشاركة الكاتبة أم الزين بن الشيخة بورقة حول “في إبداع المواطنة أو كيف نسكن العالم تخييلا” بينما تتطرق الكاتبة آمنة الرميلي إلى موضوع “الكتابة وجه من وجوه المواطنة” بينما تناقش الأكاديمية سماح حمدي “المنجز الشعري للصغير أولاد أحمد بين جمالية الإبداع وتأصيل قيم المواطنة”.

ويشهد اليوم الأول انطلاق ورشة الفن التشكيلي تحت إشراف الأكاديمية كريمة بن سعد بمشاركة شيماء اليعقوبي، سعاد زويني وتقوى حراري من تونس والأكاديمية مينا العزي من العراق. وتنتظم ورشة في فنون المسرح والسينما والكوريغرافيا مع الفنانة وجيهة جندوبي بعنوان “من المواطنة الفنانة إلى الفنانة من أجل المواطنة”.

ويكون الحضور على موعد مع شهادتين الأولى للفنانة آمال علوان تليها شهادة الفنان رشدي بلقاسمي، تليها مائدة مستديرة حول التربية على المواطنة إدارة الأكاديمية فاطمة بن منصور بمشاركة الأساتذة شمس الأصيل العابد عن مرحلة المدرسة الابتدائية، والأستاذة هاجر ريدان عن مرحلة التعليم الثانوي، والأكاديمية كريمة بن سعد عن مرحلة التعليم العالي والدكتور محمد نجيب الطرابلسي من تونس (أخصائي نفسي) والدكتورة فدوى مرجاع من المغرب (أخصائية تربوية). ويختتم اليوم الأول بعرض ونقاش شريط “الباحثات عن الحرية” بحضور المخرجة المصرية إيناس الدغيدي.

وتترأس الجلسة العلمية الثانية يوم الجمعة الأكاديمية أم الزين بن شيخة، وتقدم فيها الفنانة والأكاديمية سنية مبارك ورقة بعنوان “الثقافة والمواطنة”، وتقرأ الأكاديمية الجزائرية فاطمة نصير موضوع “الهوية والمواطنة في الرواية الجزائرية”، أما الكاتبة مسعودة بوبكر فتناقش “ملامح المواطنة عبر نماذج من الكتابات الروائية بين الراهن والماضي”، بينما تحلل دليلة شقرون قضية “الإبداع الروائي النسوي سبيلا لإثبات المواطنة من خلال نماذج من الرواية التونسية النسائية”، أما الباحثة المصرية هبة يوسف فتتطرق إلى مسألة ازدواجية الفكر الجمعي لمفهوم المواطنة للمرأة من خلال الفنون الجميلة.

ويقدم في اليوم الثاني من الملتقى عرض مسرحية من إنجاز المخرج خالد شنان “المسرح فن المواطنة”، ورشة عمل في التعبير الجسماني تنشيط نسرين الشعبوني، تليها قراءات شعرية بمشاركة مسعودة بوبكر، مفيدة سياري، أميرة كرم وحفيظة قارة بيبان. ويختتم اليوم الثاني بسهرة فنية يتخللها عرض أزياء تونسي مغربي، مع مرافقة موسيقية للفنان مهدي قفصية من تونس وغناء نجوى بن عرفة وأميرة عامر وصابرين بورياح من الجزائر.

وتترأس الجلسة العلمية الثالثة لليوم الختامي من الملتقى الأكاديمية سماح حمدي، وتقدم خلالها الأستاذة نجوى بن عرفة شهادة في التربية على المواطنة، بينما تقدم الأكاديمية سلام الله ثابت ورقة بعنوان “حتى ترتقي المرأة إلى درجة المواطنة: قراءة في أعمال تشكيلية ذاتية”، أما الأكاديمية هدى الحاج قاسم فتتناول موضوع “صحافة المواطنة في تونس: تجارب نسائية”، وتقدم الباحثة السورية أمل حميدوش ورقة حول “النساء وتحديات مشاركتهن في الشأن العام المحلي والوطني”، بينما تتناول الباحثة الفلسطينية رقية العلي قضية “المواطنة في التجربة الفلسطينية”، أما حفيظة قارة بيبان فتحلل “الازدواجية وسبل الخلاص في رواية المبدعة العربية”. وإثر الجلسة الثالثة يختتم الملتقى فعالياته منظما رحلة ترفيهية وثقافية لمعالم أثرية بجهة الساحل بالشراكة مع جمعية الأندلس للثقافة والفنون.

المبدعة العربية والمواطنة

خخخ

في تقديمها للدورة الجديدة من الملتقى وشعاره”المبدعة العربية والمواطنة” تقول منسقته الكاتبة والأكاديمية أميرة غنيم إن “المتفق عليه في تعريف المواطنة أنها فعل مشاركة، والمصطلح العربي المبني على وزن مفاعلة بديع في اكتناز دلالتها البسيطة. وكل مشاركة تقتضي على الأقل طرفين فأكثر. فالمواطنة عقد يجمع، أولا، الفرد بالدولة على سبيل الانتماء بما يترتب على ذلك الانتماء نفسيا من مشاعر التعلق والحرص، وما تترتب عنه قانونيا من واجباتٍ كالولاء والدفاع، ومن حقوقٍ كالحماية والرعاية الصحية والعيش الكريم والتعليم وغيرها من الحقوق المدنية”.

وتضيف “يجمع هذا العقد، ثانيا، الفرد بسائر الأفراد المنتمين مثله إلى نفس الدولة على سبيل التعايش، بما يترتب على ذلك التعايش من احترامٍ للحريات الفردية وللغيرية الفكرية والعقائدية والجندرية في إطار المساواة. هذه التراتيب تمثل الشروط التكوينية لمفهوم المواطنة التي يفترض أن تضمنها دساتير الدول، فلا يكون الفرد مواطنا إلا وهو محمول على واجبات تمثل مسؤوليته الاجتماعية، ومتمتع بامتيازات في إطار المساواة والحرية تسمح له بالمشاركة الفاعلة في تسيير الشأن العام”.

وتبين غنيم أن ما حدث في البلدان العربية التي شهدت ثورات ما سمي بـ”الربيع العربي” ازدرى بهذه الشروط بالنسبة إلى كلا الجنسين. لكن الازدراء كان أوضح بالنسبة إلى المواطنات من النساء اللواتي جوبهن بتصاعد منسوب العنف ضدهن وتكرر المحاولات الرامية إلى إعادتهن إلى موقع ما قبل المواطنة وذلك باختزال وجودهن في الكينونة الأنثوية وأدوارها الاجتماعية كما حددتها المنظومات التقليدية.

الملتقى يبحث في الطرائق التي عبرت بها المرأة العربية عن مواطنتها في سياق منتوجها العلمي الأكاديمي والفني الإبداعي
الملتقى يبحث في الطرائق التي عبرت بها المرأة العربية عن مواطنتها في سياق منتوجها العلمي الأكاديمي والفني الإبداعي

وتتابع “غير أن عجلة التاريخ التي انطلقت بالمرأة في اتجاه المسار المفضي إلى المواطنة الكاملة لم يكن من الهين إيقافها بمطبات الثورة العارضة. فالمؤكد أن العشرية السوداء، كما ينعتها أغلب التونسيين على تنوع انتماءاتهم الأيديولوجية والطبقية، لم تكن سوداء فيما يتعلق بمنزلة النساء في المشهد العام. أما عبارة ‘خريف النساء‘ التي جاءت على ألسنة بعض الناشطات لوصف وضعية المرأة زمان الربيع العربي فلم تكن إلا توصيفا لسحابة عابرة اكتسبت بفضلها النساء تيقظا ووعيا بالخطر المحدق بهن زمن الأزمات،  واكتسبن بفضلها خبرات جديدة لا سيما على مستوى التشبيك والمناصرة بما شحنتهن بطاقة جديدة نابعة من الشعور بالتمكن والجدارة”.

وتؤكد غنيم على أن السياق الثوري الذي كان يُنتظر منه أن يكون معرقلا للنساء على مسار المواطنة، بدا وكأنه يسرع خطوهن عليه فقد تمكنت النساء بعد الثورة من اكتساح الفضاء العمومي لأول مرة من دون وصاية النظام القائم ومن خارج ما عرف استهجانا قبل الثورة بنسوية الدولة. وفي الوقت الذي توقع فيه المتابعون للشأن السياسي انكماش النساء وانكفاءهن عن الفضاء العام أمام تنامي العدائية الذكورية باسم الدين والدموية المنذرة بتكرر ما يعرف في الأدبيات النسوية بالظاهرة الجزائرية، كانت المواطنات يقدن الاحتجاجات عقب كل اغتيال سياسي، ويكوِّنَّ الائتلافات لكسب المناصرة في الانتخابات للقوى التقدمية وينظمن المسيرات ضد التعصب وتقييد الحريات ويشاركن في الاعتصامات للحفاظ على مكاسب الدولة المدنية.

وتتابع “مع هذا النشاط الميداني الذي يكون غالبا في سياق رد الفعل على إكراهات اللحظة السياسية الراهنة ومتطلباتها، نشأ ما يشبه الأخواتية النسائية المحلية في مواجهة الإخوانية الإسلامية المعولمة، أخواتية بين الأكاديميات الباحثات في مجال الدراسات الجندرية والمدونات الشابات على وسائل التواصل، والمبدعات في مجال الفنون البصرية والكاتبات في المجال الأدبي والناشطات في المجتمع المدني، نساء من أطياف متنوعة يعملن بصفة متزامنة على صياغة إستراتيجيات طويلة المدى لليقظة والتعبئة والتأثير وحفظ الذاكرة الوطنية التنويرية ورموزها، كل ذلك من أجل خلق ديناميكية جديدة في المقاومة هدفها تثبيت النمط المجتمعي التقدمي وحماية الأجيال القادمة من خطر الدمغجة والتطرف”.

وتهدف الدورة الجديدة من ملتقى المبدعات العربيات بسوسة  إلى البحث في الطرائق التي عبرت بها المرأة العربية عن مواطنتها في سياق منتوجها العلمي الأكاديمي والفني الإبداعي على حد السواء. وتقترح على المشاركات مقاربة الموضوع وفقا لأربعة محاور: بداية بتعبيرات المواطنة في النشاط الإعلامي. ثم تعبيرات المواطنة في الأدب رواية وقصة وشعرا. وثالثا تعبيرات المواطنة في المسرح والسينما وسائر الفنون البصرية. وختاما تعبيرات المواطنة في الإنتاج الموسيقي والفن الشعبي.

12