ملتقى الفيديو آرت الدولي في الدمام يحرر الفن من الجمود

يعتبر ملتقى الفيديو آرت الدولي السعودي الأول من نوعه خليجيا وعربيا، وقد احتضن منذ تأسيسه العديد من التجارب السعودية والعربية والخليجية والدولية، ووفّر لها الفضاءات الخاصة لتعرض تجاربها أمام جمهورها وتتواصل مع التجارب الدولية بخصوصياتها الاحترافية مع التعريف بهذا الفن المعاصر وأهميته الفنية، علاوة على تشجيعه لهذا الفن بعدد من الجوائز الهامة.
الدمام (السعودية) - أعلن ملتقى الفيديو آرت الدولي السعودي أخيرا نتائج جوائزه التي تأتي في إطار التحفيز على هذا الفن المعاصر، والتشجيع على تطويره واستقطاب مواهب جديدة إلى عوالمه التي لا تتوقف عن التطور.
بإعلان الفائزين بالمراكز الثلاثة لمسابقة الفيديو آرت، أسدل الستار عن معرض الدورة الرابعة لملتقى الفيديو آرت الدولي الذي تنظّمه جمعية الثقافة والفنون بالدمام سنويا وتقديمه في ثوب معاصر يواكب الانفتاح الرقمي والتقني وتكنولوجيا العصر في كل تجلياتها في الإنجاز الفني وفي العرض حيث تؤسّس للفنون المعاصرة وفنون ما بعد الحداثة.
تجارب جديدة

يوسف الحربي: الملتقى ساعدنا على اكتشاف تجارب فنية ونقدية جديدة
شهدت الدورة الحالية التي كانت تحت شعار “تأمل الضوء انطلق نحو الخيال” إقبالا مهما من طرف المهتمين والمكتشفين لهذا الفن، كما ساعد العرض والتفصيل الموجه مع كل عمل على فهم آليات التعبير الفني التي تميّز الفيديو آرت وعالم البصريات الرقمية والتحوّل العام من فكرة الفنون الجامدة في اللوحة والمنحوتة إلى الفنون المتحرّكة في الفيديو آرت خاصة وأن المشاركات المتنوعة لأكثر من 23 دولة.
واستمر الملتقى خمسة أيام في مقر الجمعية، مقدما أعمال فيديو عكست الكثير من الانفتاح على ثقافات وهويات ومفاهيم فنية مختلفة حملت أيضا تجارب جديدة كفيلة بتفعيل روح التجريب لدى التجارب السعودية واطلاعها على العديد من التصورات البصرية الجديدة وتمكين التجارب الدولية من الاطلاع على التجارب السعودية التي لا تقل أهمية بدورها عن التجارب العالمية والتي تستحق التعمق والمشاهدة والمتابعة من الجمهور.
والفائزون في المسابقة الدولية للفيديو آرت هم الفنانون فران أورالو من إسبانيا الذي حمل عمله عنوان “ممر” وقد أجاد فيه توظيف التقنية وتابع معها المفهوم بمجازات الصورة التي تضع الهوية في انعكاس الصورة مع الإنسان وإدراكه لوجوده وبيئته، فعمله المبني على المؤثرات الصوتية والأداء والتفاعل مع الطبيعة حمل تعبيرات فنية ومجازات بصرية واقعية سلكت مسارات فنية وبصرية لها جمالياتها وجودتها التعبيرية.
المرتبة الثانية كانت من نصيب الفنانة سمر بيومي والفنان محمد طارق من مصر بعمل “ذاكرة مخفية” الذي يعد مشروعا بصريا له خصوصيات مختلفة على مستوى التنفيذ الذي يبني فكرة العمل والتعمق فيه بحثا عن مدى تأثير الأمكنة في الذاكرة.
أما المرتبة الثالثة فكانت من نصيب العمانية صفاء الفهدي بعمل لغة امرأة – طفل النذر وهو عمل تركيبي مبني على الأداء يحاور اللغة المتفرّدة للمرأة رمزيا وبصريا بتشكل بصري متحرك ينطلق نحو منافذ النور بحثا عن الذات وهو عمل تعبيري التصور.
الملتقى يواكب الانفتاح الرقمي والتقني وتكنولوجيا العصر في كل تجلياتها في الإنجاز الفني وفي العرض
وأوضح يوسف الحربي مدير جمعية الثقافة والفنون بالدمام والمشرف على ملتقى الفيديو آرت الدولي عن مدى فخره بالتعاون والعمل الحريص على الجودة والدقة من فريق الملتقى، وهو ما اعتبره مكسبا ونجاحا يتمثل في بناء جيل وفريق يؤمن بالجماليات والفن ويرتقي بإحساسه بوعي يفتخر بثقافته المحلية ويسعى لنشرها دوليا بكل الأساليب وبمواكبة كل الفنون وقادر على احتواء التجارب الدولية والاستفادة منها.
واعتبر أن أربع دورات مليئة بالتحديات كانت كفيلة بأن يُثبّت الملتقى وفن الفيديو خطواته على طريق النجاح المستحق ويستمر بكل طاقاته وجهوده أبعد بالفكرة أوسع بالخيال وأكثر تشبثا بالضوء وهو ما يخلق الحركة في الفيديو ويثبّتها أيضا في الواقع.
كما أشار الحربي إلى “أن هذه الدورة حقّقت مواكبة وتفاعلا مُحفّزا ومُشجّعا كما ساعدتنا على اكتشاف تجارب جديدة وأقلاما باحثة عن خصوصية هذا الفن وتاريخه، ستكون إنتاجاتها ضمن مطبوعات الملتقى، كما أن الملتقى لا ينتهي نشاطه بنهاية الدورة بل تستمر الأنشطة الموازية على امتداد العام وسيتم الإعلان عنها قريبا، نسعى فيها لإقامة معارض فردية وجماعية ومشتركة بين الفنانين بمختلف أساليبهم التعبيرية وتكريم فنانين مع إقامة ورشات وحلقات نقاش بحثية عن هذا الفن، وسيتم انتقاله إلى عدة مدن قريبا”.
وقدّم الملتقى استعراضا بصريا لفنون الفيديو وتصورات بصرية فنية وتشكيلية معاصرة؛ وذلك لأهمية عنصرَيْ الخيال والضوء في تقديم الحركة الفنية البصرية للمفاهيم المتحرّكة داخل الفيديو، لتحوّله إلى منجز فني معاصر له تعابيره وخصوصياته الجمالية.
خصوصيات جمالية
تعمل التظاهرة الأولى من نوعها من خلال جمع الفنانين من مختلف الدول والثقافات على التعريف بالتجارب الدولية وتحفيز التجربة الوطنية، وهو ما من شأنه أن يخلق تطويرا على مستوى التجريب والإنجاز والابتكار الفني والبصري والجمالي والتقني.
وأوضح الحربي أن الدورة استقبلت 128 عملا فنيا من 34 دولة، اختارت لجنة الفرز التي ضمّت عددا من الفنانين والنقاد والمختصين في هذا الفن والفنون المعاصرة بعد الفرز 49 عملا من 23 دولة.
وجاءت الأعمال المختارة متناسبة مع شعار الدورة، وفيها عمق بصري يترصّد المستوى التقني والفني والجمالي والتنفيذي، كما تجمع بين الأداء والتركيب والأنميشن.
وشملت الفعاليات المصاحبة للدورة الرابعة للملتقى برامج متنوعة من حوارات ومحاضرات وندوات متخصصة في الفيديو آرت والحركة المواكبة لهذا الفن عالميا، بالإضافة إلى أبرز ما قدم من نتائج ومن إنجازات لهذا الفن الحديث في المنطقة، كما تشمل البرامج كتابا للأوراق البحثية أُعلِن عنه قبل أشهر ليكون كتابا متخصصا في الفيديو آرت.