ملتقى اقتصادي يكرس الشراكات بين السعودية والمغرب

اعتبر خبراء أن مساعي السعودية والمغرب لتقوية شراكاتهما الاستثمارية والتجارية من بوابة الملتقى الاقتصادي المشترك ستتيح فرصا متنوعة لتجسيد أسس التعاون الثنائي، كما أنها ستعزز تبادل المنافع في العديد من المجالات الحيوية في المستقبل.
الرياض - دشنت السعودية مرحلة جديدة في علاقاتها الاقتصادية مع المغرب خلال ملتقى اقتصادي انطلق الأحد في العاصمة الرياض سعيا إلى تعزيز الشراكات في مختلف القطاعات الحيوية.
ويتطلع قطاع الأعمال المغربي، ضمن مساعيه الدؤوبة لتقوية التعاون مع نظيره السعودي، إلى استكشاف الفرص التي يمكن عبرها تعزيز الشراكات بهدف الرفع من مستويات الاستثمار في البلدين وتعظيم المبادلات التجارية.
ولدى المسؤولين في البلدين قناعة بأن التحديات الاقتصادية الناجمة عن الظروف الجيوسياسية التي تواجه المنطقة العربية والمتغيرات في مجال التعاملات المالية والتجارية والاستثمارية تحتم العمل بكل جهد لبناء علاقات تكامل على الصعيد الثنائي.
وبحث الوفد المغربي، الذي ضم أكثر من مئة شركة تمثل 15 قطاعا، خلال الملتقى الذي نظمه اتحاد الغرف السعودية في اليوم الأول للزيارة، مجموعة من الملفات أملا في إزالة العقبات أمامها.
كما سيشكل منتدى الأعمال المشترك المقرر الاثنين فرصة ثمينة للجانبين لمعالجة بعض التحديات وعقد اتفاقيات تمهد لانطلاقة جديدة في التعاون الاقتصادي المثمر.
وناقش اتحاد الغرف السعودية والاتحاد العام لمقاولات المغرب (تجمع أصحاب الأعمال) الفرص الممكنة في مجالات تشمل الزراعة والصناعة والمالية والطاقة المتجددة والعقارات والبناء والخدمات والصحة والتكنولوجيا.
ويتجاوز طموح البلدين هدف تعزيز التبادل التجاري إلى العمل سويا على إنشاء شركات مشتركة لدخول الأسواق الأفريقية، بالاعتماد على تواجد البنوك والشركات المغربية في عدد كبير من دول القارة.
واتفق ممثلو القطاع الخاص بالبلدين في الملتقى الذي شاركت فيه أكثر من 150 شركة سعودية وممثلو الجهات الحكومية والخاصة، على برنامج عمل مشترك وحزمة من المبادرات بهدف دفع مسار التعاون والتكامل الاقتصادي.
ويتضمن ذلك تفعيل مشاريع خط النقل البحري المباشر وإنشاء صندوق استثماري مشترك وأيضا دعم الشركات السعودية في الوصول إلى الأسواق الأفريقية والأوروبية.
وبجانب ذلك، تكثيف نشاط الوفود التجارية والمعارض وتبادل المعلومات حول الفرص والأسواق، فضلا عن تسريع وتيرة مشاركة الشركات المغربية في مشاريع رؤية 2030.
وتطرق رئيس اتحاد الغرف السعودية حسن الحويزي خلال كلمته في الملتقى إلى التطور اللافت بين البلدين. وقال “إن العلاقات السعودية – المغربية شهدت زخما وتطورا ملموسين وتحسنا في التجارة والاستثمار”.
4.4
مليار دولار حجم التجارة البينية في العام 2022 بنمو قدره 233 في المئة على أساس سنوي
وبحسب البيانات الرسمية، فقد ارتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين بشكل قياسي في العام 2022 لينمو بنسبة 223 في المئة ويصل إلى قرابة 4.4 مليار دولار على أساس سنوي.
كما زادت قيمة الصادرات السعودية للمغرب بمعدل 234 في المئة، والواردات المغربية للسعودية بمعدل 153 في المئة.
واستنادا على هذه الأرقام يحتل المغرب المرتبة 26 من حيث الشركاء التجاريين لأكبر منتج ومصدر للنفط في منظمة أوبك في جانب الصادرات، والمرتبة 23 في الصادرات غير النفطية، والمرتبة 48 في جانب الواردات.
وتصدر السعودية للسوق المغربية الزيوت النفطية ومنتجات البلاستيك والورق والفاكهة والملح والكبريت، فيما تستورد منها السيارات والملبوسات والكيمياويات غير العضوية والفاكهة.
وكانت الرياض قد افتتحت في سبتمبر 2020 ملحقياتها التجارية في مدينة الدار البيضاء لمساعدة المصدرين والقطاعات الصناعية في البلد الخليجي على دخول السوق المغربية، وهو ما ينسجم مع برنامج التحول الاقتصادي.
واعتبر الحويزي في كلمته التي أوردت وكالة الأنباء السعودية الرسمية مقتطفات منها أن ذلك “مؤشر على نجاح الجهود المشتركة والاهتمام الذي تحظى به العلاقات الثنائية من المسؤولين في القطاعين العام والخاص بالبلدين”.
ويرتبط المغرب مع دول الخليج عموما بعلاقات تعاون ترتقي إلى مرتبة العلاقة الإستراتيجية، التي يؤطرها تناغم سياسي كبير وتبادل نشط للمنافع الاقتصادية، وتنسيق عالي المستوى بشأن قضايا التكامل في العديد من القطاعات الإنتاجية.
وأوضح رئيس اتحاد مقاولات المغرب شكيب العلج أن تكامل الاقتصاد المغربي والسعودي يتيح فرصا وشراكات استثمارية كبيرة.
وأفاد بأن 250 شركة سعودية تستثمر بالسوق المغربية و20 شركة مغربية في السوق السعودية، معربا عن تطلع قطاع الأعمال في بلاده إلى تسريع وتيرة استثمارات الشركات المغربية في مشاريع الرؤية.
ووفق البيانات الرسمية، فقد بلغ حجم استثمارات السعودية في المغرب نصف مليار دولار، وثمة إمكانيات استثمارية متاحة للقطاع الخاص السعودي بقيمة تتراوح بين 2 و3 مليارات دولار.
ونوه خالد بن جلون، رئيس مجلس الأعمال المغربي – السعودي، خلال الملتقى بالقطاعات التي توفر إمكانيات للتعاون المشترك كالطاقة والسيارات والبناء والسياحة والغذاء والنسيج، داعيا إلى تخفيف إجراءات الاستيراد والحواجز الجمركية.
وكان بن جلون قد كشف في مقابلة مع اقتصاد الشرق من بلومبرغ العام الماضي أن البلدين يدرسان استحداث صندوق مشترك لدعم الشركات المتوسطة والصغيرة للتصدير والاستثمار بهدف رفع حجم التجارة البينية.
ومن المتوقع أن يشارك في تأسيس الصندوق القطاعان العام والخاص من البلدين، بما في ذلك البنوك المغربية في مقدمتها التجاري وفا بنك والبنك الشعبي والقرض الفلاحي للمغرب وبنك أفريقيا.
أما من الجانب السعودي فسيسهم كل من البنك السعودي للاستثمار، والمؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص التابعة لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية في رأس مال الصندوق الجديد.
ويتطلع البلدان في إطار تعزيز شراكتهما إلى تعزيز المنظومة اللوجستية من خلال الحد من بعض العراقيل التي قد تعيق التجارة ودعمها في المستقبل عبر إطلاق خط بحري بين البلدين والذي من شأنه تقوية المبادلات البينية.
ورغم الحديث عن إطلاق خط بحري مباشر بين البلدين، كان موضوع دراسة لمدة سنوات، لكن حتى الآن لم ينتقل ذلك إلى التجسيد العملي.
ومع ذلك، ثمة تأكيدات على تقدم في هذا المجال بعد عقد لقاءات بين سلطتي الموانئ بالبلدين، والتشديد على ضرورة رفع حجم التبادل التجاري للوصول إلى مرحلة إطلاق الخط البحري.
وشدد رئيس مجلس الأعمال السعودي – المغربي محمد الحمادي أثناء الملتقى على حرص المجلس على تطوير الشراكات الاستثمارية والتجارية، مشيرا إلى دور الملتقى في استشراف الفرص بالقطاعات الاقتصادية المستهدفة بالبلدين.