ملامح نتائج صادمة لعملية التدقيق في شهادات موظفي التربية في الكويت

مئة وأربعون ألف موظف في قطاعات التربية يتهربون من تدقيق شهاداتهم وآخرون يستقيلون استباقا للمحاسبة والعقاب.
السبت 2024/05/11
عندما يعطس قطاع التعليم يصاب البلد كله بالزكام

الكويت - تسود الأوساط التربوية والتعليمية في الكويت حالة من القلق مما قد تفضي إليه عملية التدقيق واسعة النطاق التي بدأها ديوان الخدمة المدنية بهدف التأكّد من صحّة المؤهلات التعليمية والشهادات العلمية لمنتسبي وزارة التربية وسلامتها من التزوير.

وتخشى تلك الأوساط من أن تفضي العملية إلى الكشف عن عدد هائل من عمليات التزوير يفوق المتوقّع بعد أن لاحت مؤشرات أولية على ذلك تمثّلت في العدد الكبير من المتهرّبين من الخضوع لعملية التدقيق، وفي تزايد أعداد من تقدمّوا باستقالاتهم من وظائفهم في مختلف القطاعات التابعة للوزارة استباقا لما يمكن أن يطالهم من محاسبة وعقوبات.

وكان قد أُعلن في مطلع شهر مارس الماضي عن تدشين حَمْلة واسعة النطاق لتطهير قطاع التربية من حَمَلة الشهادات المزوّرة.

وجاء ذلك في نطاق جهود أشمل بدأت سلطات البلاد تبذلها لإصلاح اختلالات هذا القطاع الحسّاس الذي يشكّل عبئًا كبيرا على الدولة من دون أن يقدّم نتائج مكافئة لما يتمّ إنفاقه عليه من أموال طائلة.

عملية التدقيق الجارية حاليا تشمل من يحملون مؤهل ما بعد الثانوية العامة وحصلوا عليه منذ مطلع الألفية الحالية وحتى الآن

وتحوّل تتالي الكشف عن قضايا تزوير للشهادات العلمية، وخصوصا الصادرة عن مؤسسات خارج البلاد، خلال السنوات الماضية إلى مصدر شكوك كبيرة في المستوى العلمي والكفاءة المهنية للآلاف من حمَلَة تلك الشهادات وخصوصا الذين يتمكّنون بفضلها من الحصول على وظائف بعضها يكتسي أهمية استثنائية وحساسية خاصّة.

وينطبق ذلك على قطاع التعليم خصوصا في ظل ما يعرفه من ضعف في التكوين والمخرجات خلق أزمة كفاءات وطنية في البلد الذي يضع توطين الوظائف وتقليص الاعتماد على العقول والأيدي العاملة الوافدة كبند رئيسي ضمن سياساته العامّة.

وتشمل عملية التدقيق الجارية حاليا من يحملون مؤهل ما بعد الثانوية العامة وحصلوا عليه منذ مطلع الألفية الحالية وحتى الآن.

ونقلت وسائل إعلام محلية عن مصادر في وزارة التربية وصفتها بالمطلعة قولها إن ما يقرب من أربعين ألف موظّف في جميع قطاعات الوزارة وإداراتها تخلّفوا عن تقديم مؤهلاتهم الدراسية للتدقيق وفقا لقرار ديوان الخدمة المدنية.

وقالت صحيفة “السياسة” الكويتية من جهتها أنّ الأمر لم يقتصر فقط على تهرّب هؤلاء من التدقيق بل تجاوزه إلى تزايد ملحوظ في أعداد المستقيلين من وظائفهم في وزارة التربية على خلفية حملة “غربلة الشهادات”.

رغم صرامة القانون الكويتي في التعامل مع قضايا تزوير الشهادات، فإن ذلك لم يمنع من انتشار الظاهرة في البلد

وقالت المصادر إنّ الوزارة ستقوم بالتنسيق مع ديوان الخدمة المدنية باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة ضد من يثبت تزويره لمؤهله.

وأشارت إلى أنّ الجهات المختصّة خاطبت الموظفين الذين تخلفوا عن تقديم مؤهلاتهم بمختلف مستوياتهم الوظيفية من خلال قطاعاتهم وإداراتهم التابعين لها عن طريق تطبيق “الإفادة”، وذلك للاستفسار عن أسباب عدم قيامهم بذلك حتى الآن، على الرغم من تمديد المهلة الزمنية وإتاحة الفرصة الكافية لهم أكثر من مرة لوضع بياناتهم على موقع الوزارة.

وكانت مصادر مطلعة على ملف تزوير الشهادات قد قالت لدى الإعلان عن قرار التدقيق في مؤهلات موظفي التربية إنّ ما يمكن أن تفضي إليه العملية من كشوف جديدة في مجال التزوير بات “يقض مضاجع البعض في الميدان التربوي من المواطنين والمقيمين على حد سواء”.

ويصنّف تزوير الشهادات العلمية وفق القانون الكويتي كجناية يعاقب مرتكبها بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات مع غرامة مالية باهظة والحرمان من شغل أي وظيفة في القطاع العمومي لمدّة لا تقل عن عشر سنوات.

وعلى الرغم من صرامة القانون الكويتي في التعامل مع قضايا تزوير الشهادات، فإن ذلك لم يمنع من انتشار الظاهرة في البلد.

وكان الإقبال المتزايد للكويتيين على المؤسسات الجامعية خارج البلاد قد أثار الشكوك بشأن القيمة الحقيقية للشهادات التي يتم الحصول عليها من تلك المؤسسات، ليتبين بالفعل أنّ أعدادا منها ممنوحة لأشخاص لا يتمتّعون بالمستوى العلمي الحقيقي الذي يعادل قيمتها.

3