مكتسبات التونسيات في تراجع ودعوات للحد من التمييز بين الجنسين

تونس - تسجل مكتسبات النساء التونسيات تراجعا ويواجه واقعهن خطابا ازدواجيا بين التشدق بالمساواة والاعتراف بدور النساء السياسي والاقتصادي والاجتماعي وبين واقع تتطور فيه مظاهر التمييز والتنكيل السياسي والتفقير وممارسة العنف في أشكاله الواسعة التي وصلت حد التقتيل.
دعت الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، في بيان أصدرته احتفالا بالذكرى الـ75 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان الموافق للعاشر من ديسمبر من كل سنة، إلى تغيير السياسات للحدّ من التمييز بين الجنسين وبين الجهات.
وطالبت الجمعية بضرورة تفعيل القانون الأساسي عدد 58 لسنة 2017 لحماية النساء من العنف، مؤكدة رفضها المرسوم عدد 54 لسنة 2022 المؤرخ في 13 سبتمبر 2022 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال.
وبينت في هذا الصدد أنه تم توظيف المرسوم عدد 54 لسنة 2022 لإطلاق حملة من الملاحقات القضائية للأفراد بسبب مشاركتهم في التحركات والتجمعات كما طالت المناضلات والمناضلين في المنظمات والجمعيات والأحزاب الوطنية، إضافة إلى التهديد بالمس من المرسوم عدد 88 لسنة 2011 الخاص بالجمعيات الذي يعد مكسبا من مكاسب الثورة وتعزيزا لدور المجتمع المدني في ظرف يتسم بالتحديات وتنوع الصعوبات، حسب تقديرها.
التونسيات يواجهن خطابا ازدواجيا بين التشدق بالمساواة وبين واقع تتطور فيه مظاهر التمييز والتنكيل بهن
وطالبت الجمعية بالتخلي عن التنقيح المزمع إدخاله على المرسوم عدد 88 – 2011 الخاص بالجمعيات الذي يرمي إلى تقييد حقوق وحريات منظمات المجتمع المدني، وتضييق الفضاء المدني في البلاد مجددة الدعوة إلى تشريك المنظمات ومكونات المجتمع المدني في الحوار وإيجاد الحلول السياسية الكفيلة لمجابهة الأزمة السياسية والتحديات الاقتصادية. كما استنكرت معاناة النساء والأطفال في زمن الحروب وفي استفحال التمييز المسلط عليهن والذي يجعلهن أكثر هشاشة في مجابهة كل التغيرات الجيوسياسية والمناخية والمضي قدما في ترسيخ سلطة الفكر الأبوي والذكوري، حسب تقديرها.
وكان توقيع تونس على اتفاقيات دولية تتعلق بالقضاء على أشكال التمييز ضد النساء، قد ساهم في تبوّء المرأة مرتبة متقدمة عربيا تكرست شيئا فشيئا على أرض الواقع، بفضل استفادتها من إجبارية التعليم وتعميم الصحة مما جعلها تقتحم مجال العمل والسياسة والسلطة.
وقالت الرئيسة السابقة لجمعية النساء الديمقراطيات منية بن جميع إن المكاسب القانونية للمرأة لم تتوقف عن التراكم بعد الثورة، خاصة بعد إقرار القانون المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة، مشيرة إلى أنه يعتبر “مكسبا مهما” للمرأة باعتباره يتضمن إجراءات وقائية لفائدتها وعقوبات ردعية للجرائم المسلطة عليها، بما فيها التحرش بالكلام.
كما تؤكد أن المرأة التونسية رغم ثقل حجم مسؤوليتها داخل الأسرة وخارجها، فإنها ما زالت تعاني، فهي أكثر عرضة للفقر والتهميش والاستغلال وضعف الأجور والعنف، مبرزة أن “هناك 50 في المئة من النساء تعرضن لشكل من أشكال العنف ولو مرة واحدة في حياتهن”.
من جهتهم بين عدد من الخبراء أن “عددا مهما من النساء في تونس، وخاصة في الأرياف، لا يتمتعن بحقهن الذي ضمنه لهن الفقه الإسلامي والقانون التونسي”.
وقال الخبراء إن رغم المكاسب التي حققتها المرأة، فإن العديد من النساء يجردن من حقوقهن في الملكية عن طريق التقاليد والسلطة الذكورية للإخوة، مشيرين إلى أن “دور المرأة أصبح مهما من الناحية الاقتصادية ومن حيث الإنفاق الأسري، ومع ذلك لا يُقرأ لها حساب في موضوع التركة”.