مكتبة في ريف مصر تسعى إلى نشر الثقافة بالمناطق النائية

الشرقية (مصر) – يستمتع العشرات من الأطفال بقراءة الكتب والتعرف على العلوم والتكنولوجيا في مكتبة أنشأتها مؤلفة كتب أطفال وعمها في قرية كفر أبونافع بمحافظة الشرقية في مصر.
وتتولى ريم نافع وعمها حمدي نافع إدارة شؤون المكتبة التابعة لجمعية الصف الخيرية.
وقال نافع رئيس المكتبة “لاحظنا أن هناك هوة كبيرة جدا ما بين الكتاب والقارئ، الجميع أصبح يعتمد على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي التي لا أريد أن أقول إنها كلها بلا مراجع، بل معظمها كذلك وأحيانا هي مليئة بمغالطات كبيرة، أما الكتاب المعروف مؤلفه والمعروفة الجهة الناشرة له، فهو يعتبر صديقا أمينا للثقافة”.
وأضاف “أمنية كبيرة جدا أن تكون عندنا حضانة، لم نستطع ذلك لأن الحضانة لها اشتراطات وإمكانياتنا لا تسمح بذلك، اشتراطات في المبنى، اشتراطات في الأساس، في كل شيء”.
المكتبة التي افتتحتها ريم نافع وعمها حمدي نافع ساهمت في خلق حركية ثقافية في القرية المحرومة من الثقافة
وقالت ريم نافع إنها أرادت إتاحة مساحة للأطفال لقضاء وقت أفضل في ظل نقص الخدمات الثقافية في القرية النائية البعيدة عن القاهرة، حيث تتركز معظم الأنشطة الثقافية.
وأردفت قائلة إنه حين تأملت الأطفال من حولي في القرية، وجدت أنهم فعلا يقضون وقتا مملا، فهم ينهون واجباتهم المدرسية إذا كان هناك واجبات، لكن بعد اللهو وغيره يبقى بقية الوقت من دون أيّ نشاط، ليس هناك مكان يذهب إليه الأطفال، ليس هناك مكان يجتمع فيه الأطفال لممارسة نشاطات مفيدة، حين تنظر إليهم تجدهم إما يتخاصمون أو يمارسون أشياء سلبية من كسر ورمي الحجارة وضرب الكلاب بالحجارة وغيره، ليس هناك أمامهم مجالات يجدون فيها مساحة لتطوير ذواتهم، لكنهم يحلمون بغد أفضل.
وافتُتحت المكتبة قبل عام وتفح أبوابها ستة أيام في الأسبوع، لكن يتم تخصيص مساحة محدودة مرتين في الأسبوع لكل مجموعة من الأطفال بسبب عدد الأطفال الكبير وضيق مساحة المكتبة ومحدوديتها.
وأضافت ريم نافع أن أهم الأشياء التي تغيرت الآن بعد افتتاح المكتبة أن الأطفال أصبحت نشاطاتهم متمحورة حول المكتبة، يدورون حولها وفي فلكها، ويسألون متى تفتح وعن مواعيدهم الخاصة لتلقي النشاطات في المكتبة، لكي يضبطوا مواعيد زياراتهم للمكان.
وحققت المكتبة نجاحا هاما في أنها دخلت ضمن نشاطات أطفال المنطقة، وباتوا هم يبادرون بالمشاركة في أنشطتها وحريصون على الحضور في مواعيدهم المحددة.
وتحلم ريم نافع بإنشاء مكتبات مماثلة في الآلاف من القرى المصرية، وبدأت في تطوير مشروع مماثل بمدينة المنصورة في دلتا النيل.
واستطردت الكاتبة أن المكتبة لا تستقبل الأطفال فحسب، بل تستقبل أيضا السيدات والشباب وحتى الرجال، وأيّ شخص يحتاج إلى دعم ثقافي أو معلومات أو إلى دورات من أيّ نوع.
وتابعت أن المكتبة مؤهلة لاستقبال أيّ شخص لديه استعداد أن يتطوع ويعلم الناس في ريف مصر، وهي أمور غير متاحة لهم ولا يمكنهم الوصول إليها نظرا إلى بعدهم عن العاصمة والمدن الكبرى ومركزية هذه النشاطات التعليمية والثقافية في العاصمة القاهرة.
وتحدثت الطفلة لينا عبدالرازق (11 عاما) عن شعورها قائلة “من قبل المكتبة لم أكن أعرف معلومات كثيرة عن العلوم والتكنولوجيا والرياضة، وبعد ما افتتحت المكتبة تعلمت كثيرا وعرفت كيف أستخدم الكمبيوتر”.
وقد نفذت الدولة المصرية العديد من الأنشطة التي تسعى إلى تحقيق العدالة الثقافية، من خلال الوصول إلى كافة المواطنين في مختلف أنحاء الجمهورية، مع التركيز على المناطق الريفية والنائية والمحافظات الحدودية، وأكدت دراسة صادرة عن المرصد المصري التابع للمركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية، أن مصر تشهد حاليا حراكا فكريا، وفنيا متنوعا عبر المئات من الأنشطة المجانية، أو التي تقدم للجمهور بأسعار رمزية، بهدف الوصول بالمنتج الثقافي الجاد والهادف إلى مختلف الشرائح العمرية، والاجتماعية في مختلف أنحاء مصر، في إطار خطة الدولة لدعم أشكال الإبداع كافة بوصفه من المفردات الأصيلة لعمليات التنمية.
لكن ذلك التوجه غير كاف، ومازالت الأنشطة الثقافية متمركزة في العاصمة بشكل أساسي، وهو ما يتطلب مساهمة المجتمع المدني والأفراد والقطاعات الخاصة لتحقيق مبدأ العدالة الثقافية، ونشر النشاطات في مختلف أنحاء البلاد، وهو مشروع من شأنه أن يحقق مردودا هاما في عملية التنمية.