مكتبة الإسكندرية تستعيد أوراقا مجهولة للإمام التنويري محمد عبده

ندوة "أوراق الإمام محمد عبده المجهولة" تتناول عرض مجموعة من الأوراق والصور والوثائق المخطوطة والتي تم تدوين بعضها بخط الإمام محمد عبده في عام 1883.
الخميس 2025/01/23
ندوة حول أبرز المجددين في الفكر والثقافة العربية

الإسكندرية (مصر)- نظمت مكتبة الإسكندرية مؤخرا ندوة بعنوان “أوراق الإمام محمد عبده المجهولة” للحديث عن مجموعة من الأوراق المكتشفة حديثا في جامعة الأغا خان بالمملكة المتحدة.

وحضر الندوة كل من الأكاديميين أحمد زايد مدير مكتبة الإسكندرية، وعماد أبوغازي الأستاذ بكلية الآداب جامعة القاهرة وزير الثقافة الأسبق، ووليد غالي الأستاذ بمركز دراسات الحضارة الإسلامية بجامعة الأغا خان بالمملكة المتحدة. وأدارها الأكاديمي محمد الجمل مدير مركز دراسات الحضارة الإسلامية، بإشراف الدكتورة مروة الوكيل مديرة قطاع البحث الأكاديمي.

بوكس

وقال الدكتور محمد الجمل إن الندوة تتناول الحديث عن مجموعة من الأوراق المكتشفة حديثا للإمام محمد عبده المجدد في الفقه والتاريخ والحضارة الإسلامية، أوراق مجهولة اكتشفت في جامعة الأغا خان بالمملكة المتحدة بالصدفة بعد شرائها من إحدى المؤسسات، ويتواجد في نفس الجامعة الدكتور وليد غالي الباحث وشاركه في فحص الوثائق الدكتور عماد أبوغازي الذي كان في زيارة للمملكة المتحدة.

بدوره، قال الدكتور أحمد زايد مدير مكتبة الإسكندرية، إن الإمام محمد عبده يعد أحد أبرز المجددين في الفكر والثقافة في العصر الحديث وأحد دعاة الإصلاح وأعلام النهضة العربية الحديثة، وساهم بعلمه وفكره في تحرير العقل العربي من الجمود الذي أصابه لعدة قرون، كما شارك في إيقاظ وعي الأمة نحو التحرر من الاحتلال، وإحياء الاجتهاد الفقهي لمواكبة التطورات السريعة في العلم ومسايرة حركة المجتمع وتطوره في مختلف النواحي السياسية والاقتصادية والثقافية ولقد تأثر به العديد من رواد النهضة.

وأضاف أن الندوة تتناول عرض مجموعة من الأوراق والصور والوثائق المخطوطة والمحفوظة بجامعة الأغا خان في لندن والتي تم تدوين بعضها بخط الإمام محمد عبده في عام 1883، وتتضمن أيضا أحداثا تاريخية وسياسية متعلقة بتاريخ مصر في تلك الحقبة الزمنية، ومنها لائحة تأسيسية بخط يد الإمام محمد عبده لإقامة حكومة وطنية في مصر، يرجع تاريخها إلى شهر سبتمبر عام 1883 والتي دونها بعد عام واحد على الاحتلال البريطاني لمصر.

وتابع “الندوة تسلط أيضا الضوء على التطور الفكري للإمام محمد عبده، ويمثل التنويري المنفتح على الثقافات بالشرق والغرب والمجدد الديني والمشارك بكافة جهده في الحركة الوطنية المصرية، حيث يؤكد أن رابطة الدولة تقوم على أساس المواطنة والعدل، مطورا منهجه من خلال عدة عناصر منها صناعة الأفكار والكوادر التي تحمل الأفكار وصناعة المؤسسات التي من خلالها تبقى هذه الأفكار.”

بوكس

وأوضح أن على الرغم من وفاة الإمام محمد عبده عام 1905 إلا أن إنتاجه الفكري المجدد مازال هو المصدر الأساسي الذي يستمد منه الفكر التنويري إلى يومنا هذا، حيث كان الإمام عالما مستنيرا ومفكرا شارك بكل جهده في الحركة الوطنية من أجل مستقبل أفضل لوطنه، وما زال الإمام محمد عبده معينا لا ينضب حتى الآن ليس بفكره الديني الإصلاحي فحسب بل أيضا بنضاله السياسي وأفكاره التقدمية.

وتحدث الدكتور وليد غالي عن قصة اكتشاف الأوراق موضحا أن مكتبة الجامعة حصلت على المجموعة من إحدى صالات المزادات في لندن، لافتا إلى أن المجموعة تتضمن اثنين من الكراسات أو المخطوطات و7 أوراق مكتوبة بخط الإمام محمد عبده، ومجموعة من الكتب النادرة.

وأضاف أن أحد الكراسات المهمة في المجموعة تحتوي على ترجمة 3 فصول من كتاب أفلاطون “الجمهورية”، بالإضافة إلى وثيقة لائحة الاستقلال المقترحة لإقامة حكومة وطنية، وجزء عن الأمثال والأشعار التي كتبها الإمام محمد عبده، إلى جانب جمل وكلمات خطها بيده خلال فترة تعلمه اللغة الفرنسية.

وتحتوي الكراسة الثانية على ترجمة لأحد الكتب المدرسية الفرنسية عن التاريخ، بينما تتحدث الأوراق “الفلوسكاب” عن تاريخ بني إسرائيل منذ عهد النبي موسى إلى القرن الثاني قبل الميلاد فيما يبدو أنها كتبت في إطار دراسي تعليمي.

من جانبه استعرض الدكتور عماد أبوغازي محتوى الوثيقة الهامة ضمن أوراق الإمام محمد عبده والتي تتمثل في مقترح حكومة وطنية، موضحا أنها تتحدث عن مشروع لاستقلال مصر سنة 1883، وهي عبارة عن لائحة موجهة لبعض المصريين السياسيين من أعضاء الحزب الوطني الأهلي آنذاك، ويعد مضمونها مشروعا مقدما للمصريين من بعض الساسة الإنجليز لمناقشة فكرة تشكيل حكومة أهلية في مصر.

وأضاف أن الوثيقة كتبت بصيغة التمويه بهدف عدم الكشف عن مصدرها، تضمنت نقاطا مهمة ودالة على التفكير السياسي في ذلك الوقت، منها عنوان “لائحة أساسية لإعادة حكومة أهلية لمصر” وهي فكرة تشكيل حكومة أهلية مصرية لإدارة مصر، بالإضافة إلى بند يحدد الأمور التي ينبغي على المصريين أن يضعوها في المرحلة التالية من ناحية الحذر من هجوم أوروبي مرة أخرى، والحرص على دوام الحكومة في أيدي المصريين، واتخاذ طريقة سياسية تضمن تقدم البلاد ونجاحها ماديا ومعنويا.

12