"مكافحة التضليل" الفرنسي يهدد بظهور شهداء الأخبار الكاذبة

باريس - تتزايد الانتقادات الفرنسية على قانون مكافحة التضليل الإعلامي المزمع إقراره قريبا، ويثير المخاوف بشأن التعرض للحريات دون أن تكون له جدوى فعليا في تحقيق هدفه.
والقانون الذي بادرت ألمانيا بتطبيقه على شبكات التواصل الاجتماعي العام الماضي، أعدت النسخة الفرنسية منه بمبادرة من الرئيس إيمانويل ماكرون بعدما استهدفت حملته للانتخابات الرئاسية عام 2017 بشائعات عن حياته الخاصة ومزاعم بامتلاكه حسابا مصرفيا في البهاماس.
ومن المقرر أن تتم مناقشة مشروع القانون “ضد التلاعب بالأخبار” في البرلمان في 7 يونيو ليدخل حيز التنفيذ بحلول موعد الانتخابات الأوروبية في 2019.
ويخول النص للقضاء خلال الفترات الانتخابية وقف بث معلومات خاطئة بصورة عاجلة. كما يفرض على المنصات الرقمية الالتزام بواجب الشفافية المشددة.
ويمنح القانون وسائل لوقف بث شبكات تلفزيونية تحت سيطرة أو توجيه دولة أجنبية، ويلمح هذا البند بشكل خاص إلى وسائل الإعلام الروسية، حيث سبق أن اتهمت الحكومة الفرنسية تلفزيون “روسيا اليوم” (آر.تي) ووكالة “سبوتنيك” الروسيتين بالسعي لزعزعة الديمقراطيات الغربية.
وتندرج هذه المبادرة الفرنسية ضمن سياق دولي أوسع، على خلفية اتهام الكرملين بالتدخل في عدة حملات انتخابية في أوروبا وفي الانتخابات الأميركية.
وتثير هذه المبادرة الاستياء إذ يخشى البعض أن تقوم السلطات تحت ستار مكافحة “الأخبار الكاذبة” بوقف نشر معلومات قد تكون صحيحة غير أنها مصدر إحراج أو إدانة للسلطة. ورأى فينسان لانييه الأمين العام الوطني الأول للنقابة الوطنية للصحافيين أن “هذا غير مجد وقد يكون خطيرا، لأننا نتجه إلى ما يمكن أن يقود إلى الرقابة”.
وتؤكد الحكومة أن القانون سيرفق بمعايير تضمن “حماية شديدة” لحرية التعبير إذ ينبغي من أجل تطبيقه أن يكون الخبر “غير صحيح بشكل واضح” وأن يكون بثه “مكثفا” و”مصطنعا”.
لكن مدير صحيفة “لوموند” جيروم فينوليو أشار إلى أن “الخطر جسيم”. وقال إن “الفترات الانتخابية يجب أن تسودها حرية كبيرة، إنها فترات تصدر فيها معلومات هامة”، مستشهدا بقضية فرنسوا فيون خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة في فرنسا.
وتابع “علينا أن نأخذ حذرنا من نظام أكثر تسلطا قد يصل إلى الحكم في فرنسا وكيفية استخدامه للقانون”.
ويخشى آخرون أن يكون للقانون مفعول مخالف للنتيجة المرجوة، إذ قد يتسبب في ظهور “شهداء الأخبار الكاذبة”. ويشيرون إلى أن معلومات اعتبرتها السلطات “خاطئة” لن تختفي بل قد يزداد الاهتمام بها وتكتسب المزيد من القيمة والصحة في رأي البعض.
وقال الأستاذ في جامعة “سيانس بو” للعلوم السياسية فابريس إيبلبوان إن “هذا القانون يعتبر منذ الآن بمثابة قانون رقابة في خدمة الخطاب الرسمي، كل ما سيفعله هو أنه سيعزز الريبة حيال الصحافة والسياسيين، متوقعا “عواقب كارثية”.