مقتل إسرائيلييْن يكسر الهدوء الحذر بين إسرائيل والفلسطينيين

هجوم مسلح لم تتبنّه أي جهة فلسطينية وأدى إلى مقتل إسرائيلييْن سيدفع إلى كسر حالة الهدوء الحذر التي تعيشها الضفة الغربية بعد الاجتياح الإسرائيلي وهجمات مسلحة فلسطينية. إسرائيل تلوح بالرد والفصائل تلوح بالتصعيد، والثابت أن التصعيد سيكون هو عنوان الأيام القادمة.
قرية حوارة (الضفة الغربية) - قال الجيش الإسرائيلي إن هجوما بالرصاص يُشتبه في أن من شنه مسلحون فلسطينيون أدى إلى مقتل إسرائيليين اثنين في الضفة الغربية المحتلة السبت.
وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن القتيلين، وهما أب وابنه، أُطلقت النار عليهما من مسافة قريبة عند مغسلة سيارات بقرية حوارة الفلسطينية، التي كانت مسرحا لهجمات أودت سابقا بحياة إسرائيليين وأعمال عنف انتقامية من المستوطنين اليهود ضد الفلسطينيين، من بينها هجوم وقع في القرية في فبراير.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه يُمشط المنطقة بحثا عن المهاجمين وأقام حواجز في محيط موقع الهجوم. وأكدت خدمة الإسعاف الإسرائيلية مقتل شخصين في إطلاق النار.
ويتفاقم العنف في الضفة الغربية منذ 15 شهرا مع تكثيف إسرائيل مداهماتها وشن فلسطينيين هجمات في الشوارع.
ولا توجد أي مؤشرات على إحياء المحادثات لإقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية والقدس الشرقية وغزة. وكانت المحادثات برعاية الولايات المتحدة قد انهارت قبل عشر سنوات تقريبا.
واحتلت إسرائيل الضفة الغربية في حرب 1967 وبدأت منذ ذلك الحين إقامة العشرات من المستوطنات فيها في إجراءات تعتبرها معظم الدول غير قانونية، وهو ما ترفضه إسرائيل التي يُحكم جيشها سيطرته على أكثر من نصف الأراضي.
إذاعة الجيش الإسرائيلي تقول إن القتيلين، وهما أب وابنه، أُطلقت النار عليهما من مسافة قريبة بقرية حوارة
ويتمتع الفلسطينيون بحكم ذاتي محدود في الضفة الغربية وما زالوا منقسمين بين إدارة مدعومة من الغرب هناك ومتشددين إسلاميين من حركة المقاومة الفلسطينية (حماس) يرفضون التعايش مع إسرائيل، بينما يرفض كثيرون في الحكومة الإسرائيلية الحالية إنشاء دولة فلسطينية.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن القتيلين هما “أب وابنه”، مضيفا أن قوات الأمن “تعمل بقوة لتعقب القاتل وجلبه إلى العدالة على غرار ما قمنا به مع جميع القتلة المماثلين حتى الآن”.
وكانت خدمة الإسعاف الإسرائيلية أشارت في وقت سابق إلى أنها حاولت إنعاش “مصابين اثنين، رجل في الستينات من العمر وآخر عمره 29” عثر عليهما في مغسلة سيارات.
وذكرت وكالة أنباء “وفا” الفلسطينية أن بلدة حوارة “تشهد انتشارا مكثفا لجيش الاحتلال” الذي “أجبر أصحاب المحلات التجارية على إغلاق أبوابها”.
وأشادت حماس وجماعات مسلحة أخرى بالهجوم الذي وقع في حوارة السبت.
وأكد الناطق باسم حركة حماس عبداللطيف القانوع أن عملية إطلاق النار في بلدة حوارة هي نتاج وعد المقاومة الثابت والمستمر للدفاع عن الشعب الفلسطيني والرد على جرائم الاحتلال وحماية المسجد الأقصى من خطر التقسيم والتهويد.
وأضاف “المقاومة الفلسطينية وأبطالها الثائرون حطموا هيبة جيش الاحتلال وقطعان مغتصبيه”.
وقالت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين في تصريح صحفي “نبارك عملية إطلاق النار البطولية قرب حاجز حوارة بنابلس والتي جاءت ردا طبيعيا ومشروعا على جرائم الاحتلال بحق أبناء شعبنا والتزاما بعهد المقاومة في الانتقام لدماء الشهداء وتدنيس المقدسات”.
وأضافت أن “هذه العملية المباركة التي نفذها أبطال شعبنا تؤكد مجددا عزم مقاومتنا وقدرتها على ضرب العدو بكل قوة واقتدار وتبعث برسالة التحدي أنه لا أمان ولا استقرار للاحتلال طالما استمر في جرائمه بحق أبناء شعبنا وأرضنا ومقدساتنا”.
من جانبها، قالت “الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين” إن “الاحتلال لا يفهم إلا لغة القوة، وإن العدوان الإسرائيلي لا يقابل إلا بتصعيد المقاومة بكل أشكالها”.
وأضافت “شعبنا موحد في نضاله ضد الاحتلال والمستوطنين”.
وفي فبراير الماضي، قُتل مستوطنان إسرائيليان بالقرب من نابلس. ومساء اليوم نفسه، دخل المئات من المستوطنين الإسرائيليين إلى حوارة حيث رشقوا بالحجارة منازل الفلسطينيين وأضرموا النار في مبان وسيارات.
وتكرّر الأمر في يونيو عندما هاجم نحو مئة مستوطن حوارة وأضرموا النار في أرض زراعية.
وتشهد الضفة الغربية التي تحتلّها إسرائيل منذ العام 1967 تصاعداً في وتيرة أعمال العنف بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني. وشمل هذا التصعيد عمليات عسكرية إسرائيلية متكرّرة ضدّ أهداف فلسطينية وتنفيذ فلسطينيين هجمات ضدّ إسرائيليين.
وتركّز التصعيد في شمال الضفة الغربية في مدينتي نابلس وجنين اللتين تعتبران معقلاً للفصائل الفلسطينية المسلّحة.
وفي وقت سابق السبت، أُعلنت وفاة شاب فلسطيني متأثرًا بإصابته قبل أيام برصاص القوات الإسرائيلية خلال اقتحامها مخيّم بلاطة في شرق نابلس بالضفة الغربية المحتلة.
والخميس، قتلت القوات الإسرائيلية مسلحا فلسطينيا في ما قالت إنها “عملية استباقية” في جنين.
وأسفرت أعمال العنف بين الجانبين منذ بدء العام الحالي عن مقتل ما لا يقلّ عن 218 فلسطينيًا ونحو 30 إسرائيليًا وأوكرانية وإيطاليا، وفقًا لإحصاء أجرته وكالة فرانس برس استناداً إلى مصادر رسمية من الجانبين.
وبين القتلى الفلسطينيين مقاتلون ومدنيون وقصّر، وفي الجانب الإسرائيلي غالبية القتلى هم مدنيون بينهم قصّر وثلاثة أفراد من الأقلية العربية.
ويعيش في الضفة الغربية من دون القدس الشرقية، نحو 2.9 مليون فلسطيني، بالإضافة إلى 490 ألف إسرائيلي يعيشون في مستوطنات تعتبر غير قانونية بموجب القانون الدولي.