مقترح هدنة غزة يواجه تعقيدات في المواقف قد تفشل الاتفاق

حماس تطلب نهاية الحرب وانسحاب إسرائيل في إطار خطة لوقف إطلاق النار في رد على مقترح أعلنه بايدن.
الخميس 2024/06/06
إسرائيل وحماس لم يعلنا بشكل قاطع قبول الاقتراح أو رفضه

القاهرة/القدس – أحيا مقترح وقف إطلاق النار في قطاع غزة، الذي أعلنه الرئيس الأميركي، جو بايدن، الجمعة الماضي، أمالا في بدء مسار يؤدي إلى وقف الأعمال القتالية بشكل دائم، في انتظار موقف واضح من إسرائيل وحماس بخصوصه.

وبعد نحو أسبوع على خطاب بايدن الذي تضمن المقترح، لم تقل إسرائيل ولا حماس رسميا وبشكل مباشر إنهما يقبلان أو يرفضان المقترح الأميركي، لكن تصريحات غير إيجابية صدرت عن الطرفين.

فقد قال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) الأربعاء إن الحركة ستطلب نهاية الحرب وانسحاب إسرائيل في إطار خطة لوقف إطلاق النار، موجها ضربة واضحة لمقترح هدنة أعلنه بايدن في الأسبوع الماضي.

وفي الوقت نفسه، قالت إسرائيل إنها لن توقف القتال خلال محادثات وقف إطلاق النار وشنت هجوما جديدا على جزء من وسط قطاع غزة بالقرب من آخر مدينة لم تجتحها الدبابات بعد.

ويبدو أن تعليقات هنية تحمل رد حماس على المقترح الذي كشف بايدن النقاب عنه الأسبوع الماضي. وكانت واشنطن قد قالت إنها ستنتظر سماع رد من حماس على ما وصفه بايدن بأنه مبادرة إسرائيلية.

وقال هنية "الحركة وفصائل المقاومة سوف تتعامل بجدية وإيجابية مع أي اتفاق على أساس وقف العدوان بشكل شامل والانسحاب الكامل والتبادل للأسرى".

وعند سؤال مسؤول كبير من حماس عما إذا كانت تعليقات هنية ترقى إلى أن تكون رد الحركة على بايدن، رد على رسالة نصية من رويترز بتعبير "رفع الإبهام".

ولا تزال واشنطن تضغط بقوة من أجل التوصل لاتفاق. واجتمع وليام بيرنز مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية مع مسؤولين كبار من قطر ومصر، اللتين تقومان بدور الوساطة، الأربعاء في الدوحة لبحث مقترح وقف إطلاق النار.

ومنذ هدنة وجيزة استمرت أسبوعا في نوفمبر، باءت جميع محاولات ترتيب وقف لإطلاق النار بالفشل مع إصرار حماس على مطلبها بإنهاء الصراع بصورة دائمة، بينما تقول إسرائيل إنها مستعدة لبحث هدن مؤقتة فحسب حتى القضاء على حماس.

ودأب بايدن على إعلان اقتراب وقف إطلاق النار على مدى عدة أشهر منصرمة، دون أن تتحقق أي هدنة. وكان بايدن قال في فبراير إن إسرائيل وافقت على وقف لإطلاق النار بحلول غرة شهر رمضان الموافق للعاشر من مارس، لكن الموعد انقضى مع استمرار العمليات العسكرية بكامل قوتها.

إلا أن إعلان الأسبوع الماضي جاء وسط ضجة أكبر من البيت الأبيض وأيضا في وقت يتعرض فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لضغوط سياسية محلية متزايدة لوضع طريق لإنهاء الحرب المستمرة منذ ثمانية أشهر والتفاوض على إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس.

وقال ثلاثة مسؤولين أميركيين لرويترز إن بايدن بعد حصوله على موافقة إسرائيل على المقترح تعمد الإعلان عنه من دون إخطار الإسرائيليين بأنه سيفعل ذلك لتضييق الخناق على نتنياهو لئلا يتراجع.

وذكر مسؤول أميركي كبير طلب عدم ذكر اسمه للتحدث بحرية عن المفاوضات "لم نطلب إذنا لإعلان المقترح". وأضاف "أخطرنا الإسرائيليين بأننا سنلقي خطابا عن الوضع في غزة. لم نستفض في تفاصيل حول المضمون".

وعلى الرغم من وصف بايدن مقترح وقف إطلاق النار بأنه عرض إسرائيلي، تبدو الحكومة الإسرائيلية غير متحمسة في العلن. وأكد مساعد كبير لنتنياهو الأحد أن إسرائيل طرحت المقترح على الرغم من أنه ليس "اتفاقا جيدا".

وقال نتنياهو، الاثنين، إنه منفتح على وقف إطلاق النار لمدة ستة أسابيع، وفقا لشخص حضر اجتماعا مغلقا عقده مع المشرعين الإسرائيليين. لكن نتنياهو قال علنا إن إسرائيل ستقاتل حتى يتم تدمير لقدرات العسكرية لحركة حماس.

وكما تم طرح الاقتراح، يبدو أن حماس ستجري محادثات حول المرحلتين الثانية والثالثة مع إسرائيل، مما يشير إلى أنها ستحتفظ بقدر من السيطرة على غزة.

وقال نتنياهو مرارا إن "هذا خط أحمر"، بل إنه استبعد أيضا أن يكون للسلطة الفلسطينية الحاكمة في الضفة الغربية، التي تحتلها إسرائيل، دور في المرحلة المقبلة، وهي منافس لحركة حماس التي تتمتع بسلطات أيضا في الضفة الغربية، رغم أنها محدودة.

ويواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي ضغوطا من الولايات المتحدة وحلفاء آخرين لإنهاء الحرب، وعلى الجانب الآخر من الأعضاء المنتمون إلى اليمين المتطرف في الحكومة هددوا بالانسحاب إذا وافق نتنياهو على اتفاق سلام يترك حماس دون القضاء عليها، وهو تحرك من شأنه أن يؤدي إلى إجراء انتخابات جديدة وإنهاء المسيرة السياسية لرئيس الوزراء الأطول بقاء في السلطة.

كما هدد معارضون ينتمون إلى تيار الوسط بالانسحاب أيضا قائلين إن حكومة نتنياهو ليس لديها خطة. وكانوا قد انضموا إلى حكومة الحرب التي يرأسها نتنياهو في إظهار للوحدة منذ بداية الصراع.

في الوقت نفسه، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إن هجوم إسرائيل لن يتوقف خلال التفاوض على مقترح وقف إطلاق النار.

وأضاف غالانت في تعليقات نقلتها وسائل إعلام إسرائيلية بعدما صعد على متن طائرة حربية لتفقد جبهة غزة "أي مفاوضات مع حماس ستجري وسط إطلاق النار فقط".

وأعلنت إسرائيل بدء عملية عسكرية جديدة ضد حماس في وسط قطاع غزة الأربعاء وقال مسعفون إن عشرات الفلسطينيين قُتلوا في غارات جوية إسرائيلية.

وفي وقت مبكر من اليوم الخميس، قال المكتب الإعلامي لحكومة حماس في غزة إن الصواريخ الإسرائيلية قتلت 27 شخصا على الأقل وأصابت العشرات ممن كانوا يحتمون بمدرسة تابعة للأمم المتحدة في النصيرات بوسط غزة.

من ناحيته، قال الجيش الإسرائيلي إنه تم "القضاء" على مجمع لحماس داخل المدرسة ومقاتلين شاركوا في هجوم السابع من أكتوبر تشرين الأول على إسرائيل. وأضاف أنه قبل الضربة التي شنتها طائرات مقاتلة إسرائيلية، اتخذ الجيش خطوات لتقليل مخاطر إلحاق الأذى بالمدنيين. ولم يصدر تعليق بعد من حماس.

وقال الجناحان العسكريان لحركتي حماس والجهاد الإسلامي إنهما خاضا معارك بالأسلحة النارية مع القوات الإسرائيلية أمس الأربعاء في مناطق بأنحاء القطاع وإن مقاتليهما أطلقوا قذائف وصواريخ مضادة للدبابات.

وكان من بين القتلى الأربعاء في مستشفى شهداء الأقصى، وهو أحد آخر المستشفيات التي لا تزال تعمل في القطاع الفلسطيني، جثتان لطفلين. وقال مشيعون إنهما قُتلا مع أمهما التي لم تتمكن من مغادرة الحي عندما نزح منه سكان آخرون.

وقال والدهما أبو محمد أبو سيف "هذه مش حرب، هذا دمار.. الكلمات تعجز عن التعبير".

واندلعت الحرب عندما شنت حماس في السابع من أكتوبر هجوما على إسرائيل أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز أكثر من 250 رهينة، بحسب الإحصاءات الإسرائيلية. وأُطلق سراح حوالي نصف الرهائن في هدنة نوفمبر.

وتقول السلطات الصحية في القطاع إن الحملة العسكرية الإسرائيلية أودت بحياة أكثر من 36 ألف فلسطيني إضافة إلى آلاف مدفونين تحت الأنقاض.