مقترح مصري جديد على طاولة المفاوضات لوقف نزيف غزة

غزة - كشفت هيئة البث العبرية الرسمية الجمعة عن مقترح مصري جديد يهدف إلى تحقيق وقف لإطلاق النار وتبادل للأسرى بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة، وذلك في ظل إصرار حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على المضي قدما في تصعيد العمليات العسكرية والتهديد باحتلال كامل للقطاع المحاصر والقضاء على حركة حماس.
وأكدت الهيئة أن القاهرة "تقدمت بمقترح جديد لتسوية بخصوص وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، بهدف سد الفجوات بين إسرائيل وحركة حماس"، مشيرة إلى أن هذا المقترح تم تقديمه "خلال الـ24 ساعة الماضية" سعياً للتوصل إلى توافق بين الطرفين المتنازعين.
ورغم التكتم على تفاصيل المقترح المصري الجديد، أوضحت الهيئة أنه "يقع في مكان ما بين العرض الأصلي من الوسطاء (مصر وقطر)، الذي تضمن إطلاق سراح خمسة أسرى أحياء، وبين العرض الإسرائيلي الذي تضمن إطلاق سراح 11 محتجزًا حيًا في غزة"، دون الخوض في مزيد من التفاصيل حول بنوده.
ويأتي هذا التحرك الدبلوماسي المصري في وقت تتصاعد فيه حدة التوتر الميداني، حيث اتهمت حركة حماس إسرائيل بانتهاك بنود اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في يناير الماضي.
ومع ذلك، أكدت الحركة الفلسطينية أنها لا تزال مستعدة للتفاوض على وقف جديد لإطلاق النار، رافضة مناقشة أي مقترح إسرائيلي بشكل مباشر ومشددة على دعم جهود الوسطاء الإقليميين.
ويتزامن التصعيد الإسرائيلي الأخير مع دعم علني من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي لوح مؤخراً بـ"فتح أبواب الجحيم" في قطاع غزة، مما أثار مخاوف دولية من اتساع رقعة الصراع وتداعياته الإنسانية الكارثية.
وعلى الصعيد الميداني، أعلن الجيش الإسرائيلي الجمعة عن إطلاق عملية برية جديدة في مدينة غزة بشمال القطاع، مؤكداً أن هدفها هو "توسيع نطاق المنطقة الأمنية" التي يعمل على إقامتها داخل الأراضي الفلسطينية المحاصرة. وقد أفاد الدفاع المدني في القطاع عن مقتل ما لا يقل عن 30 شخصاً "منذ فجر" الجمعة جراء هذه العملية العسكرية المتجددة.
في المقابل، حذرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، إسرائيل بشدة من أن هجومها العسكري المتواصل في قطاع غزة يجعل حياة الرهائن الإسرائيليين في ظروف "خطيرة للغاية".
وأوضح المتحدث باسم الكتائب، أبوعبيدة، في بيان رسمي أن "نصف أسرى العدو الأحياء يتواجدون في مناطق طلب جيش الاحتلال إخلاءها في الأيام الأخيرة"، مؤكداً قرار الحركة "عدم نقل هؤلاء الأسرى من هذه المناطق، وإبقائهم ضمن إجراءات تأمين مشددة لكنها خطيرة للغاية على حياتهم".
وقد تزامن هذا التحذير مع إعلان الجيش الإسرائيلي عن بدء عملية برية في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، مؤكداً "توسيع العملية البرية في شمال قطاع غزة" بهدف "تعميق السيطرة في المنطقة وتوسيع منطقة التأمين الدفاعية".
وأفاد الجيش بأنه "في إطار العملية، قضت القوات على عدد من المسلحين ودمرت بنى تحتية إرهابية ومن ضمنها مجمع قيادة وسيطرة استخدمه عناصر حماس لتخطيط وتوجيه أنشطة إرهابية".
وتشير تقديرات تل أبيب إلى وجود 59 أسيراً إسرائيلياً في قطاع غزة، منهم 24 على قيد الحياة. في المقابل، يقبع في السجون الإسرائيلية أكثر من 9 آلاف و500 فلسطيني، وسط تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية تتحدث عن تعرضهم للتعذيب والتجويع والإهمال الطبي الذي أودى بحياة العديد منهم.
وكانت الفصائل الفلسطينية في غزة قد أطلقت سراح عشرات الأسرى الإسرائيليين الأحياء والأموات على مراحل خلال المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ في 19 يناير 2025، مقابل إطلاق سراح مئات من الأسرى الفلسطينيين.
إلا أن بنيامين نتنياهو، الذي يواجه اتهامات أمام المحكمة الجنائية الدولية، تنصل من الدخول في المرحلة الثانية من الاتفاق استجابة لضغوط اليمين المتطرف في ائتلافه الحاكم، واستأنف الحرب على غزة منذ 18 مارس الماضي.
وقد أسفرت هذه الموجة الجديدة من التصعيد حتى الجمعة عن مقتل 1249 فلسطينياً وإصابة 3022 آخرين، غالبيتهم من الأطفال والنساء والمسنين.
وتستمر الحرب الإسرائيلية على غزة، التي بدأت في 7 أكتوبر 2023 بدعم أميركي مطلق، مخلفة حتى الآن أكثر من 165 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى ما يزيد على 11 ألف مفقود.
ويشهد القطاع تصعيدا عسكريا متواصلا وسط تدهور كارثي في الأوضاع الإنسانية والصحية نتيجة الحصار الإسرائيلي المطّبق، وتجاهل تل أبيب لكافة المناشدات الدولية لرفعه.