مقايضة تركية صعبة بين تعزيز الاحتياطي النقدي وخفض التضخم

تراجع إجمالي احتياطي البنك المركزي من العملة الصعبة بنحو الثلث منذ ديسمبر الماضي.
الخميس 2024/04/18
مقايضة صعبة

أنقرة - تواجه تركيا مقايضة بين ضمان تباطؤ التضخم وإعادة بناء احتياطاتها من النقد الأجنبي، وهي معضلة يقول صناع القرار النقدي في البلاد إنها قد تهمش مشتريات الدولار لصالح مراقبة أسعار المستهلكين.

ويعطي كلام محافظ البنك المركزي فاتح كاراهان بأن “إستراتيجيتنا للمضي قدما هي أن أولويتنا القصوى هي مكافحة التضخم وسنقوم بتجميع الاحتياطات بقدر ما نستطيع اعتمادا على ظروف السوق”، دليلا على أن المقايضة تبدو صعبة.

وكان التركيز على عكس اتجاه السحب من احتياطيات العملة الصعبة على مدى سنوات، في أعقاب التغيير الدراماتيكي في السياسة بعد إعادة انتخاب الرئيس رجب طيب أردوغان في مايو الماضي، كجزء من محاولة لاستعادة ثقة المستثمرين وشركات التصنيف.

لكن هذا الجهد أضر بالعملة المحلية، وأدى إلى ضخ المزيد من الليرات في الاقتصاد، مما ساهم في ارتفاع التضخم الذي يسير على الطريق الصحيح ليتجاوز 70 في المئة بحلول مايو المقبل.

فاتح كاراهان: لم يكن من السهل إقناع الأسواق بالحد من السلبيات
فاتح كاراهان: لم يكن من السهل إقناع الأسواق بالحد من السلبيات

وتشير الإحصائيات إلى أن إجمالي احتياطي البنك المركزي من العملة الصعبة تراجع بنحو الثلث منذ ديسمبر الماضي، مما أدى إلى تراجع كبير عن مكاسب العام الماضي.

وقال كاراهان خلال اجتماع استضافه مجلس العلاقات الخارجية في واشنطن الثلاثاء الماضي، “لا نريد أن نكون في وضع نزيد فيه احتياطاتنا بمقدار ملياري دولار على مدى شهر أو شهرين ثم نخسر بعد ذلك هدف التضخم”.

وأوضح المحافظ التركي، الذي يحضر اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين، أن صافي الاحتياطي النقدي باستثناء المقايضة مع المقرضين التجاريين، يقع في المنطقة السلبية ويريد البنك المركزي تحسين ذلك على المدى المتوسط.

ويولي كاراهان، الذي تولى منصبه خلفا لحفيظة أركان في فبراير الماضي، وزنا أقل لتجديد الاحتياطي النقدي، قائلا إنه “لم يكن من السهل إقناع الأسواق بالتزام صناع السياسات بالحد من التضخم”.

ومنذ يونيو الماضي، أطلقت السلطات النقدية حملة تشديد قوية لرفع سعر الفائدة القياسي في تركيا بأكثر من 40 نقطة مئوية ليبلغ في مارس الماضي نحو 50 في المئة لكبح جماح التضخم.

وقال كاراهان “لقد فعلنا الكثير ونحن على استعداد لبذل المزيد لاستعادة المصداقية وإعادة تحديد سعر الفائدة كأداة أساسية”، وأن ارتفاع الطلب وتوقعات التضخم المرتفعة باعتبارهما من التحديات الرئيسية “يجعلان مناخ الاستثمار غير مناسب”.

ومع ذلك، أكد أن الاقتصاد التركي يسير على الطريق الصحيح للوصول إلى هدف التضخم في نهاية العام البالغ 36 في المئة، وأن الأسواق، في الوقت نفسه، تعتقد أن الهدف سيتم تحقيقه خلال “فارق ثلاثة أشهر”.

ومن ناحية أخرى، فإن توقعات الأسر أعلى وهي “أقل اقتناعا بكثير” بشأن الإجراءات السياسية، وفقا لكاراهان، الذي قال إنه “بمجرد أن يتباطأ التضخم الرئيسي اعتبارا من أشهر الصيف، فإن ذلك سيدعم المزيد من المدخرات بالليرة التركية”.

ومن المقرر عقد الاجتماع المقبل لمجلس إدارة المركزي التركي لتحديد سعر الفائدة في الخميس المقبل، وسيقدم البنك أحدث توقعات التضخم في مايو القادم.

◙ 4 في المئة نسبة النمو المتوقع للناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنهاية العام الحالي

ويعتزم المركزي اقتراض كميات أقل من المقرضين التجاريين عبر معاملات المبادلة، وهو مصدر رئيسي للعملة الصعبة للسلطة النقدية.

وقال كاراهان إن “العمليات تسببت في مشكلة سيولة وزادت من صعوبة الحفاظ على موقف سياسي متشدد”. وأضاف “الآن بعد أن انتهت دورة المشي لمسافات طويلة، نريد أن نكون على رأس إدارة السيولة”، ولا ترغب البنوك في الاعتماد على المقايضة.

وكانت تركيا قد أعلنت هذا الأسبوع أنها ستتخذ خطوات لتعزيز برنامجها الاقتصادي متوسط الأجل، وأن الأولويات الثلاث الرئيسية هي زيادة المدخرات العامة وإعطاء الأولوية للاستثمارات وتسريع الإصلاحات الهيكلية.

وقال أردوغان في اجتماع لمجلس الوزراء مساء الثلاثاء الماضي، إن فريقه الاقتصادي قام باستعدادات لمثل هذه الخطوات لتعزيز البرنامج، و”نأمل أن نشاركها مع الجمهور قريبا جدا”.

وتعكف وزارة المالية وهيئة الميزانية على إجراء دراسات حول مدخرات القطاع العام، مع العمل على أكثر من 15 مادة، ولا يعني ذلك خفض النفقات فحسب، بل أيضا جعلها أكثر كفاءة، لتسهم بشكل أكبر في القدرة التنافسية للاقتصاد ورفاهيته الاجتماعية.

ومن المتوقع أن يقترب نمو الاقتصاد التركي هذا العام من حدود الأربعة في المئة مع تأثير إيجابي من الصادرات، على أن يبلغ عجز الحساب الجاري 2.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية 2024.

وأظهرت بيانات رسمية الأربعاء أن عجز الحساب الجاري التركي بلغ 3.2 مليار دولار في فبراير الماضي، وهو أقل من توقعات رويترز لعجز قدره 3.7 مليار دولار.

11