مقال حول حلّ إقليم كردستان يثير سخطا في أربيل

بغداد – أثار استطلاع نشرته صحيفة الصباح العراقية الرسمية استياء كرديا وتفنيدا حكوميا عراقيا، بشأن "وجود قبول شعبي بحل إقليم كردستان"، فيما أعلنت شبكة الإعلام العراقي فتح تحقيق في الموضوع.
ويأتي المقال الذي نشرته صحيفة الصباح في عددها الصادر السبت في وقت تتفاوض أربيل مع الحكومة الاتحادية بشأن القضايا الخلافية المتعلقة بقانون النفط والغاز الذي أصدرته حكومة الإقليم في عام 2007، وبتشريع الموازنة العامة.
وقال المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي في بيان "نؤكد أنّ ما ورد في جريدة الصباح، تحت عنوان 'هل سيُحلّ إقليم كردستان؟'، هو رأي شخصي، ولا يمثل وجهة نظر حكومية أو رسمية إطلاقا".
وأضاف أن "مواد الدستور العراقي وما ورد فيها من كون العراق دولة اتحادية، وبقية الفقرات التي نظمت شكل العلاقة بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان، هي أحد أهم مكاسب العراق الجديد، التي تعمل الحكومة على ترسيخها ودعمها، التزاما منها، حكومة شرعية منتخبة وفقا للدستور".
وبُني التقرير الذي حمل اسم "استطلاع: الأغلبية تفضل الارتباط بالحكومة الاتحادية.. هل سيُحل إقليم كردستان"، على استطلاع للمركز الأكاديمي للاستفتاء والتحليل، وهو غير معروف في العراق.
وقالت الصحيفة إن "في ظل تدهور الأوضاع على مختلف المستويات في الإقليم وتضاؤل فرص حل النزاع الدائم بين الحزبين الرئيسيين، كشف استطلاع للرأي أعده المركز الأكاديمي للاستفتاء والتحليل عن وجود قبول شعبي بحل الكيان الدستوري للإقليم، والعودة نحو السلطة المركزية المباشرة".
وأضافت أن "هذا التقبل لتلك الفكرة، التي كان يحرّم مجرد التفكير فيها، يسلط الضوء أكثر وأكثر على الأزمة المزمنة التي يمر بها الإقليم، في ظل مخاطر أمنية واقتصادية وسياسية وداخلية وخارجية".
ويعود إنشاء إقليم كردستان العراق إلى معاهدة الحكم الذاتي في مارس 1970 بعد الاتفاق بين الحكومة العراقية والمعارضة الكردية آنذاك عقب سنوات من المعارك.
ومنذ أشهر، تصاعدت حدة الخلافات بين الحزبين الحاكمين في الإقليم: الاتحاد الوطني برئاسة بافل طالباني، والديمقراطي الكردستاني برئاسة مسعود بارزاني، إذ يثير استمرار الخلافات مخاوف هائلة بين سكان الإقليم، فهم يدركون أن نشوب أي نزاع بين الحزبين الرئيسيين قد يعيد إلى الأذهان الماضي الذي شهد حربا أهلية وبروز أزمات مالية وتشرذم الإقليم.
وردت دائرة الإعلام والمعلومات في حكومة إقليم كردستان على التقرير ببيان قائلة إن "المركز المسمى بالاستطلاعي والذي استندت إليه الصحيفة، ليس له أي أساس علمي وهو بعيد عن الحقيقة تماما".
وأضافت "إذا كانت صحيفة 'الصباح' ومن يقفون وراءها يؤمنون حقا بالاستطلاعات، فإن في الخامس والعشرين من سبتمبر 2017 صوتت الغالبية العظمى من شعب كردستان، وفي أكبر عملية استفتاء وتصويت حر، قالوا كلمتهم وصوتوا لصالح الانفصال".
وأشارت إلى أن "السلطة في بغداد آنذاك ردت على الاستفتاء ورأي الشعب بهجوم عسكري وحركت الجيش ضد الشعب الكردستاني وفرضت عليه حصارا"، مشددة على أن "أبناء المحافظات العراقية قبل غيرهم يشهدون أن إقليم كردستان يتقدم على باقي أجزاء العراق من حيث التنمية والإعمار منذ سنوات طويلة، فكيف يتمنى مواطنو الإقليم ويطلبون العودة إلى مكان نسف كل المجالات ودمرها؟".
ووجه المجلس رئيس الشبكة بـ"التحقيق العاجل في نشر الموضوع وإعلامه بالنتائج في غضون 24 ساعة، كما وجه بالالتزام بالخطاب الرسمي للدولة العراقية".
وقالت شبكة الإعلام العراقي (ممولة من الدولة) إنها "تعمل وفقا لقانونها النافذ، وتحرص على أن تكون صوتا لجميع العراقيين على اختلاف انتماءاتهم، وتشدد الشبكة على رفضها المساس بالحقوق الدستورية للمؤسسات والكيانات القانونية، وبضمنها إقليم كردستان".
وأضاف البيان أن "ما ورد في الصحيفة لا يمثل رأيا أو توجها للشبكة، وإنما هو مادة صحافية استندت على استطلاع منشور في أغلب وسائل الإعلام ومنها صحف عربية وأجنبية، وأورد تقرير الصباح آراء مخالفة ومعارضة لمحتواه، وعلى الرغم من ذلك وجه رئيس شبكة الإعلام العراقي بفتح تحقيق عاجل بشأن التقرير أعلاه، تحقيقا للموضوعية، والتزاما بالقانون".
وبشأن الاستطلاع المنشور في صحيفة الصباح، قال رئيس تحريرها أحمد عبدالحسين في تصريح صحافي إن "الجريدة لم تجر أي استطلاع وهناك لبس في الموضوع"، مؤكدا أن "الاستطلاع أجراه مركز للبحوث ونحن تابعناه فقط، إضافة إلى ذلك نشرنا في التقرير آراء مخالفة للاستطلاع ونتائجه".
وأضاف أن "لا هدف من وراء نشر التقرير سوى المتابعة الصحافية، وهذا هو جوهر الصحافة أن نتابع الملفات ذات الحساسية العالية، لكن مع توفر شروط المهنية وعرض كل الآراء"، مشيرا إلى أن "ردود الأفعال كانت غاضبة ويبدو أنها لم تقرأ التقرير جيدا واكتفت بالعنوان، ولو قرئ التقرير لتبين أننا تناولنا الموضوع بمهنية عالية".
وتابع أن "ما يريده الكرد يقرره الكرد، ونحن لسنا طرفا في ذلك، نحن نقلنا تقريرا منشورا في عدة صحف"، مؤكدا أن "كردستان جزء أساس وعزيز من الدولة العراقية، ولهذا فنحن نتابع قضاياه أولا بأول على الصعيدين الشعبي والرسمي".
وأشار إلى أن "الصباح صحيفة لكل العراقيين وهي تتابع الشأن الكردي بنفس المهنية التي نتابع بها الشأن العربي، وكل ما يهم المواطن الكردي فنحن ملزمون بتغطيته".
وتُطرح في الفضاء الإعلامي العراقي عادة آراء بشأن إعادة إقليم كردستان إلى سلطة الحكومة المركزية، لكنها تصدر غالبا عن شخصيات جدلية أو مقربة من إيران، وهو ما يثير حفيظة ساسة الإقليم.