مقال التمور يكلّف صحافي "الشروق" الجزائرية السجن عاما

منظمة "مراسلون بلا حدود" تندد بالحكم "الذي يمس بمهنة الصحافة في الجزائر".
الخميس 2022/10/27
تضييقات لا مبرّر لها

الجزائر - أصدرت محكمة جزائرية حكما بالسجن مدة عام، منه شهران نافذان، بحق الصحافي بلقاسم حوام بعد اتهامه بـ”نشر أخبار كاذبة” في مقال عن رفض شحنة تمور جزائرية بعد تصديرها بسبب معالجتها بمبيدات محظورة، حسب ما ذكرته الأربعاء صحيفة “الشروق” التي يعمل فيها.

وأوضحت الصحيفة أن الحكم الصادر مساء الثلاثاء عن محكمة الجنح بحسين داي في العاصمة الجزائرية “أدان بلقاسم حوام بجنحة نشر وترويج أخبار كاذبة بالسجن عام حبسا منه شهران نافذان وبرّأته المحكمة من جنحة الإدلاء بأخبار كاذبة الغرض منها إحداث اضطراب في السوق مع تغريمه 100 ألف دينار (نحو 700 يورو)”. وأضافت أن الصحافي الموقوف منذ العاشر من سبتمبر الماضي سيغادر السجن في الثامن من نوفمبر القادم.

وأودع الصحافي السجن بعد نشر مقال تحدث عن “وقف فوري لتصدير التمور الجزائرية” من نوع “دقلة النور” المشهورة في العالم، مؤكدا أن القرار جاء بعد رفض شحنة من ثلاثة آلاف طن وإعادتها إلى الجزائر لأنها “غير صالحة للاستهلاك”.

وفنّدت وزارتا التجارة والزراعة هذه “المعلومات المغلوطة” التي تعد “مساسا بالاقتصاد الوطني”، وقالت وزارة التجارة في بيان إن “جودة التمور الجزائرية مطلوبة على كل المستويات الدولية”.

حالة بلقاسم حوام غير مسبوقة، لأنها المرة الأولى التي يُحاكم فيها صحافي بموجب القانون المتعلق بمكافحة المضاربة

من جهتها ذكرت وزارة الزراعة في بيان أنها “لم تتلق أي إبلاغ أو إشعار رسمي من طرف الممثلين الرسميين للصحة النباتية للدول المستوردة برفض تمورنا لسبب متعلق بالصحة النباتية”.

كما أصدرت نفس المحكمة حكما بالسجن ستة أشهر مع وقف النفاذ بحق رئيس تحرير “الشروق” مع تغريم الصحيفة 300 ألف دينار (حوالي 2100 يورو) ونفس الحكم بحق مصدّر تمور ذُكر في المقال، مع “إلزام المتهمين المدانين بتعويض وزارة التجارة بمبلغ مليون دينار (نحو 7 آلاف يورو)” كما ذكرت الصحيفة. ونددت منظمة “مراسلون بلا حدود” بالحكم “الذي يمس بمهنة الصحافة في الجزائر”.

وتعد حالة بلقاسم حوام غير مسبوقة، لأنها المرة الأولى التي يُحاكم فيها صحافي بموجب القانون المتعلق بمكافحة المضاربة و”التي يجب أن تطبق على المضاربين”. كما يتعارض الحكم مع جميع النصوص السارية التي تحكم ممارسة مهنة الصحافة والإعلام بشكل عام في الجزائر، ولاسيما الدستور وقانون الإعلام. وهي النصوص التي تحظر بشكل صريح حبس الصحافيين بسبب جنح الصحافة. وتنص المادة 54 من الدستور الجزائري على أنه “لا يمكن أن تخضع جنحة الصحافة لعقوبة سالبة للحرية. ولا يمكن توقيف نشاط الصحـف والنشريات والقنوات التلفزيونية والإذاعية والمواقع والصحف الإلكترونية إلاّ بمقتضى قرار قضائي”.

وفي سياق آخر عادت صحيفة “الشروق” إلى الأكشاك يوم 24 أكتوبر الجاري بعد قرار منعها من الطبع في المطابع التابعة للحكومة، مما أدى إلى توقف صدورها ورقيا، رغم سحبها مقال حوام من موقعها.

ولم تعد غرف الأخبار في الجزائر اليوم تحتسب عدد العناوين التي تختفي، دون أن يثير ذلك أدنى تعاطف. وتوقف نشر ست وعشرين صحيفة بين عامي 2014 و2017. وتطبع أربع أو خمس جرائد يومية فقط أكثر من 10000 نسخة، بينما كانت هناك 21000 نسخة في عام 2016. وتظهر التقارير الأخيرة احتمالات أكثر كآبة من أي وقت مضى.

16